4 - (آخر قرية) بفتح القاف وكسرها كما في تاريخ السمهودي من القرى وهو الجمع سميت به لاجتماع الناس فيها (من قرى الإسلام خرابا: المدينة) النبوية علم لها بالغلبة فلا يستعمل معرفا إلا فيها والنكرة اسم لكل مدينة من مدن بالمكان أقام به أو من دان إذا أطاع إذ يطاع السلطان فيها وهي أبيات كثيرة تجاوز حد القرى ولم تبلغ حد الأمصار ونسبوا للكل مديني وللمدينة النبوية مدني للفرق كذا قرره جمع. فإن قلت: ما ذكروه من أنها تجاوز حد القرى بينه وبين هذا الحديث تعارض حيث جعلها من القرى؟ قلت: كلا فإنها كانت في صدر الإسلام قبل الهجرة لا تجاوز حد القرى وكان إذ ذاك الإسلام إنما في في القرى ولم ينتشر في المدن والأمصار فلما هاجر المسلمون إليها واتسع الإسلام تجاوزت حد القرى فغلب عليها حينئذ اسم المدينة والخراب ذهاب العمارة والعمارة إحياء المحل وشغله بما وضع له ذكره الحراني. وفي الكشاف التخريب والإخراب الإفساد بالنقص والهدم قيل وفيه أن بلاده لا تزال عامرة إلى آخر وقت وأنت تعلم أنه لا دلالة في هذا الخبر إذ لا تعرض فيه بكون ديار الكفر تخرب قبل خراب قرى الإسلام التي آخرها خرابا المدينة نعم يؤخذ منه ذلك بضميمة الخبر الآتي بعده ومن ثم حسن تعقيبه به وبه يعلم أن ذكر الإسلام لا مفهوم له على أن عيسى بعد نزوله يرفع الجزية ويقتل الكفرة فتصير الكل دار إسلام
(ت) في أواخر جامعة (عن أبي هريرة) وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جنادة بن مسلم وقد رمز المصنف لضعفه وهو كما قال فإن الترمذي ذكر في العلل أنه سأل عنه البخاري فلم يعرفه وجعل يتعجب منه. وقال: كنت أرى أن جنادة هذا مقارب الحديث انتهى. وقد جزم بضعف جنادة المذكور جمع منهم المزني وغيره. قال السبكي كغيره: وإذا ضعف الرجل في السند ضعف الحديث من أجله ولم يكن فيه دلالة على بطلانه من أصله ثم قد يصح من طريق أخرى وقد يكون هذا الضعيف صادقا ثبتا في تلك الرواية فلا يدل مجرد تضعيفه والحمل عليه على بطلان ما جاء في نفس الأمر انتهى. قالوا: وإذا قوي الضعف لا ينجبر بوروده من وجه آخر وإن كثرت طرقه ومن ثم اتفقوا على ضعف حديث " من حفظ على أمتي أربعين حديثا " مع كثرة طرقه لقوة ضعفه وقصورها عن الجبر بخلاف ما خف ضعفه ولم يقصر الجابر عن جبره فإنه ينجبر ويعتضد
5 - (آخر من يحشر) بالبناء للمجهول أي يموت. قال عكرمة في قوله تعالى: {وإذا الوحوش حشرت} حشرها موتها أو المراد آخر من يساق إلى المدينة كما في لفظ رواية مسلم والحشر. كما قال القاضي: السوق من جهات مختلفة إلى مكان واحد وأصله الجمع والضم المتفرق. وقال الزمخشري: الحشر سوق الناس إلى المحشر. وقال الحراني: الجمع وغيره. وقال الراغب: إخراج الجماعة عن مقرهم وإزعاجهم (راعيان) تثنية راع وهو حافظ الماشية. قال الراغب: والرعي في الأصل حفظ الحيوان إما بغذائه الحافظ لحياته أو بذب العدو عنه يقال رعيته أي حفظته فسمي كل سائس لنفسه أو لغيره -[42]- (راعيا من مزينة) بالتصغير قبيلة من مضر معروفة وفي رواية " رجل من جهينة وآخر من مزينة " وفي رواية أنهما كانا ينزلان بجبل ورقان (يريدان) أي يقصدان (المدينة) الشريفة أي المدينة الكاملة التي تستحق أن يقال لها مدينة على الإطلاق كالبيت للكعبة ولها نحو مئة اسم منهما طابة وطيبة مشددة ومخففة وطايب ككاتب ودار الأخيار ودار الأبرار ودار الإيمان ودار السنة ودار السلامة ودار الفتح ودار الهجرة. وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. قال النووي: لا يعرف في البلاد أكثر أسماء منها ومن مكة (ينعقان) بفتح المثناة تحت وسكون النون وكسر العين المهملة. قال الكشاف: النعيق التصويت يقال نعق المؤذن ونعق الراعي صوت (بغنمهما) يزجرانها بأصواتهما ويسوقانها يطلبان الكلأ وفيه إشارة إلى طول أملهما وأن ما وقع من أشراط الساعة لم يشغلهما عن الشغل بالمعاش والاهتمام بالأمور الدنيوية ويحتمل أنهما قصداها بماشيتهما للإقامة بها مع أهل الإيمان للحماية من أهل الطغيان ولعل الغنم مشتركة فلذلك لم يثنها (فيجدانها) أي الغنم والفاء تعقيبية (وحوشا) بضم أوله بأن ينقلب ذواتها أو بأن تتوحش فتنفر من صياحهما أو الضمير للمدينة والواو مفتوحة روايتان أي يجدان المدينة خالية ليس فيها أحد. والوحش الخلاء أو سكنها الوحش لانقراض سكانها. قال النووي: وهو الصحيح والأول غلط وتعقبه ابن حجر بأن قوله (حتى إذا بلغا) أي الراعيان (ثنية الوداع) أي انتهيا إليها يؤيد الأول لأن وقوع ذلك قبل دخول المدينة. وأقول: هذا غير دافع لترجيح النووي إذ إحاطهما بخلو المدينة من سكانها ومصيرها مسكن الوحوش لا يتوقف على دخولها بل يحصل العلم به بالقرب منها والإشراف على حريمها وهذا أمر كالمحسوس وإنكاره مكابرة والبلاغ والإبلاغ الانتهاء إلى المقصد. وثنية الوداع بمثلثة وفتح الواو: ومحل عقبة عند حرم المدينة سمي به لأن المودعين يمشون مع المسافر من المدينة إليها وهو اسم قديم جاهلي كذا ذكره القاضي تبعا لعياض وغيره. وفي تاريخ السمهودي: هي معروفة بباب المدينة خلف سوقها القديم بين مسجد الراية ومسجد النفس الزكية قرب سلع ووهم من قال هي من جهة مكة سميت به لتوديع النساء اللاتي استمتعوا بهن فيها عند رجوعهم من خيبر أو خروجهم إلى تبوك وفي رواية " ما كان أحد يدخل المدينة إلا منها " فإن لم يعبر منها مات قبل أن يخرج لوبائها كما زعمت اليهود فإذا وقف عليها قيل قد ودع فسميت به وقيل لوداع النبي صلى الله عليه وسلم بعض المسلمين بالمدينة في بعض خرجاته وقيل ودع فيها بعض سراياه وقيل غير ذلك (خرا على وجوههما) ميتين أي أخذتهما الصعقة حين النفخة الأولى وهذا ظاهر في أن ذلك يكون لإدراكهما الساعة ففيه رد لقول البعض أنه وقع في بعض الفتن حين خلت المدينة وبقيت ثمارها للعوافي وذلك في وقعة الحرة حين وجه يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة في جيش إلى المدينة فقتل من فيها من بقايا المهاجرين والأنصار وخيار التابعين وهم ألف وسبع مئة ومن الأخلاط عشرة آلاف. قال السمهودي: قال القرطبي وجالت الخيل في المسجد النبوي وبالت وراثت بين القبر والمنبر وخلت المدينة من أهلها وبقيت ثمارها للعوافي انتهى. وذكر نحوه ابن حزم والخر السقوط يقال خر سقط سقوطا يسمع منه خرير ذكره الراغب وغيره. فإن قلت: هل لإيثاره " خر " على سقط من فائدة؟ قلت: أجل وهي التنبيه على اجتماع أمرين السقوط وحصول الصوت منه إشارة إلى أن فراق روحيهما لبدنيهما بعنف وشدة وسرعة خطفة من أثر تلك الصعقة التي لم تأت على مخلوق إلا جعلته كالرميم ونظيره قوله تعالى: {يخرون للأذقان سجدا} والوجه مجتمع حواس الحيوان وأحسن ما في الإنسان وموقع الفتنة من الشيء الفتان وهو أول ما يحاول ابتداؤه من الأشياء ذكره الحراني. فإن قلت: المناسب لقوله " خرا " وما قبله تثنية الوجه فما وجه جمعه؟ قلت: لعله أراد بالوجوه مقدم الأعضاء المقدمة فكل عضو له وجه وظهر فالسقوط يكون على كل مقدم من الأعضاء والوجه كما يراد به ما هو المتبادر يطلق ويراد به أشرف ما ظهر من الإنسان أو غيره كما تقرر
(ك) في الفتن (عن أبي هريرة) وقال: على شرطهما وأقره الذهبي لكن رمز المؤلف لحسنه -[43]- فقط وهو قطعة من حديث رواه الشيخان لفظ برواية البخاري: " ستكون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي وآخر من يحشر " إلى آخر ما هنا بنصه وقال القسطلاني وغيره: وقوله " وآخر " إلى آخره يحتمل كونه حديثا غير الأول لا تعلق له به وكونه من بقيته انتهى وسواء كان كلا أو بعضا فهو في الصحيح فاستدراك الحاكم له غير قويم كرمز المؤلف لحسنه فقط