172 - (اجتنبوا الخمر) مصدر خمره إذا ستره سمي به عصير العنب إذا اشتد لأنه يخمر العقل ولها نحو أربع مئة اسم وتذكر وتؤنث والتأنيث أفصح وهو حرام مطلقا وكذا كل ما أسكر عند الأكثر وإن لم يسكر لقلته بل الشافعي وأحمد ومالك على وصفها بذلك فعندهم الخمر كل مسكر وخالف أبو حنيفة فالمعنى على رأى الجماعة اجتنبوا كل مسكر أي ما من شأنه الاسكار فشمل العصر والاعتصار والبيع والشراء والحمل والمس والنظر وغيرها (فإنها مفتاح كل شر) كان مغلقا من زوال العقل والوقوع في المنهيات واقتحام المستقبحات ونزول الأسقام وحلول الآلام وفي خبر الديلمي عن ابن عمر رفعه تزوج شيطان إلى شيطانة فخطب إبليس اللعين بينهما فقال: أوصيكم بالخمر والغناء وكل مسكر فإني لم أجمع جميع الشر إلا فيهما
(عد ك) في الأطعمة (هب) كلهم (عن ابن عباس) قال ك صحيح وأقره الذهبي لكن فيه محمد بن إسحاق خرج له مسلم وأورده الذهبي في الضعفاء وقال ثقة وكذبه الهيتمي ومالك والقطان وقال ابن معين: ثقة غير حجة وقال مرة أخرى: غير قوي ونعيم بن حماد من رجال الصحيح لكن قال الأزدي وابن عدي يضع وقال أبو داود عنده نحو عشرين حديثا لا أصل لها
173 - (اجتنبوا) وجوبا (الوجوه) جمع وجه والمراد الوجه من آدمي محترم أريد حده أو تأديبه أو بهيم كذلك قصد استقامته وتدريبه ثم بين وجه الاجتناب بقوله (لا تضربوها) فيحرم ذلك كما يحرم وشمه ووسمه وذلك لأن الوجه أشرف ما ظهر من الإنسان بل من كل حيوان فامتهانه بما يؤدي إلى تشويه من العصيان أو المراد بالوجه الوجهاء والعظماء فلا تضربوا من توجه عليه تعزير من رؤساء الناس وأكابرهم بل اقتصروا فيه على ما يليق به منن نحو توبيخ بالقول فهو من قبيل: أقيلوا ذوي الهيآت عثراتهم وهذا وإن كان وجيها ففي بعض الروايات ما يعين الأول أما غير المحترم كحربي ومرتد وسبع ضار وكلب عقور فلا والضرب أصله كما قال الراغب وقع شيء على شيء ولتنوع صنوف الضرب خولف بين تفاسيره كضرب الشيء بنحو عصا وضرب الدراهم اعتبارا بضرب المطرقة وقيل له الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه والضرب في الأرض الذهاب فيها وهو ضربها بالأرجل وضرب الخيمة لضرب أوتادها بالمطرقة وضرب المثل من ضرب الدراهم وهو ذكر شيء بظهر أثره في غيره
(عد عن أبي سعيد) الخدري ولم يرمز المؤلف له بشيء وهو ضعيف
174 - (اجتنبوا التكبر) بمثناة فوقية قبل الكاف بخط المؤلف فما في بعض النسخ من إسقاطها من تحريف النساخ وهو تعظيم المرء نفسه واحتقار غيره والأنفة مساواته وينشأ عنه الغضب لأن غيره إذا ساراه غضب والحقد لما أضمره المرء في نفسه من الترفع على من تكبر عليه والغش لأنه لا ينصح من تكبر عليه إذ قصده كون غيره معيبا منقوصا وآفات الكبر كثيرة وما من خلق ذميم إلا والكبر محتاج إليه مصاحب له وقلما ينفك عنه العلماء بل والعباد -[155]- والزهاد إذ يعجبون بكثرة أتباعهم وربما سار الواحد وأتباعه حوله ولو انفرد ساءه ذلك ولو لم يكن من الوعيد للمتكبر إلا نفي محبة الله له في النصوص القرآنية وخبر لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر لكفى (فإن العبد) الإنسان (لا يزال يتكبر حتى يقول الله تعالى) لملائكته (اكتبوا عبدي) وفي رواية عبدي هذا المعتدي طوره الذي نازع ربه رداءه وتعرض للمقت والهلاك (في) الإضافة للملك لا للتشريف (الجبارين) جمع جبار وهو المتكبر العاتي. وكفى بذلك إعلاما باستقباح الاستكبار كيف وهو يفضي بصاحبه إلى بئس القرار النار وقد أفلح من هدى إلى تجنبه وفاز بخيري الدنيا والآخرة وترك الكبر داع إلى السلامة من شر الناس فينتفي عنه بتركه ما يترتب عليه من أنواع الأذى وضروب المهالك. قال الشافعي: التواضع من أخلاق الكرام والتكبر من أخلاق اللئام وأرفع الناس قدرا من لا يرى قدره وأكبرهم فضلا من لا يرى فضله وقال القاضي أبو الطيب من تصدى قبل أوانه فقد تصدى لهوانه وفي الشعب: من رضي أن يكون ذنبا أبى الله إلا أن يجعله رأسا وقال الماوردي: الكبر يكسب المقت ويلهي عن التأله ويوغر صدور الإخوان
(أبو بكر) وأحمد بن علي بن أحمد (ابن لال) قال الكمال: ومعنى لال أخرس وهو أبو بكر الهمداني من أهل القرن الرابع فقيه شافعي تفقه على أبي إسحاق وغيره وله مؤلفات كثيرة في الحديث قالوا: والدعاء عند قبره مستجاب (في) كتابه (مكارم الأخلاق) أي فيما ورد في فضلها (وعبد الغني بن سعيد) الحافظ المشهور (في) كتاب (إيضاح الإشكال عد) كلهم (عن أبي أمامة) الباهلي وفيه عثمان بن أبي عاتكة ضعفه النسائي وغيره وهو علي ابن يزيد الالهاني قال في التقريب ضعيف والقاسم بن عبد الرحمن صدوق لكنه يغرب كثيرا