129 - (اتقوا الله) في تجنب المحارم والقيام بالواجب (وصلوا) بكسر الصاد وضم اللام مخففة من الصلة وهي العطية (أرحامكم) فإن قطيعتها مما يجب أن يتقي جمع رحم عام في كل رحم محرما وارثا وضدهما على الأصح والمراد الإحسان إليهم قولا وفعلا وكف الأذى عنهم وقد تضافرت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وكفاك شاهدا على تأكد حقها والتحذير من قطعها قرنه سبحانه إياها باسمه في قوله تعالى {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال في الكشاف: قد آذن عز وجل إذ قرن الأرحام باسمه أن صلتها منه بمكان كما قال {ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} وفيه أنه يحرم قطع الرحم بل هو من الكبائر
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن مسعود) بسند ضعيف ورواه الطبراني باللفظ المزبور عن جابر وزاد فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم ورواه ابن جرير وعبد بن حميد عن قتادة وزاد فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الآخرة وبذلك يصير حسنا
130 - (اتقوا الله) خافوه واجتنبوا التطلع إلى ولاية المناصب (فإن أخونكم) أي أكثركم خيانة (عندنا) معشر المسلمين أو النون للتعظيم {وأما بنعمة ربك فحدث} (من طلب العمل) أي الولاية وليس من أهلها لأن طلبه لها وهو كذلك أوضح دليل على خيانته وإن كان أهلا فالأولى أن لا يطلبها ما لم يتعين عليه وإلا وجب قال الراغب: والخيانة والنفاق واحد إلا أن الخيانة تقال باعتبار العهد والأمانة والنفاق يقال باعتبار الدين ثم يتداخلان فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر ونقيض الخيانة الأمانة قال الزمخشري: ومن المجاز خانه سيفه أي نبا عن الضربة وخانته رجلاه إذا لم يقدر على المشي وخان الدلو الرشاء إذا انقطع وتخون فلان حقي تنقصه كأنه خانه شيئا فشيئا
(طب عن أبي موسى) الأشعري ورمز المصنف لحسنه
131 - (اتقوا البول) أي احذروا من التقصير في التنزه عنه أو توقوا منه بعد ملابسته وبالتحرز عن مفسدة تتعلق به كانتقاص الطهر لأن التهاون به تهاون بالصلاة التي هي أفضل الأعمال فلذا كان أول ما يسئل عنه كما قال فإنه أول -[131]- ما يحاسب به العبد) أي المكلف (في القبر) أي أول ما يحاسب فيه على ترك التنزه منه فإما أن يعاتب ولا يعاقب وإما أن يناقش فيعذب ولا ينافيه أن أول ما يحاسب به العبد الصلاة يوم القيامة لأنه يحاسب على أول مقدماتها في أول مقدمات الآخرة ثم يحاسب يوم القيامة على جميع الشروط والأركان كذا جمع به بعضهم ولكن نازع فيه المؤلف بأن ظاهر الأحاديث الواردة في سؤال الملكين في القبر أنه لا يسئل فيه عن شيء من التكاليف غير الاعتقاد فقط ويجاب بأن الملكين منكرا ونكيرا لا يسألان إلا عن الاعتقاد وأما وظيفة المحاسبة فلغيرهما وقد أجمع أهل السنة على وجوب الإيمان بسؤال القبر وعذابه لآيات وأخبار متواترة المعنى وفيه أن ترك التنزه من البول كبيرة لاستلزامه بطلان الصلاة وحرمة التضمخ به بلا حاجة ووجوب الاستبراء أي إن ظن عود شيء لولاه وبه قال الشافعي ومالك وأحمد. وقال أبو حنيفة سنة ولا ينافي كونه كبيرة قوله في قصة القبرين إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير لأن المعنى لا يعذبان في كبير إزالته أو دفعه أو التحرز عنه فإنه سهل على من يريد التوقي عنه فليس بكبير عليهم تركه وإن كان كبيرا عند الله {وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم} وفيه أن كل بول نجس ويدخل تحت عمومه بول ما يؤكل لأن الاسم المفرد للعموم فهو حجة على مالك وأن قليله وكثيره سواء فلا يخفف في شيء منه وعليه الشافعي وجعل أبو حنيفة قدر الدرهم من كل نجاسة عفوا قياسا على العفو عن المخرجين
(طب) وكذا الحكيم (عن أبي أمامة) الباهلي رمز المصنف لحسنه وهو أعلى من ذلك فقد قال المنذري: إسناده لا بأس به وقال الحافظ الهيتمي: رجاله موثقون