122 - (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يبروكم) بفتح الياء التحتية والموحدة أي يحسنوا طاعتكم يقال بررت والذي أبره برا وبرورا أحسن طاعته ورفقت به وتحريت محابه وتوقيت مكارهه وذلك لأنه كما للآباء على الأبناء حق فللأبناء على الآباء حق وكما قال سبحانه وتعالى {ووصينا الإنسان بوالديه} وقال {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} فوصية الله للآباء بأبنائهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم وفيه ندب التسوية بين الأولاد في النحل وغيرها من أنواع البر حتى في القبلة ولو فعل خلاف ذلك لم يحرم فقد فضل أبو بكر عائشة بجذاذ عشرين وسقا دون جميع أولاده وعمر عاصما بشيء أعطاه وعبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم قال البيضاوي وقرر ذلك ولم ينكر عليهم فيكون ذلك إجماعا
(طب عنه) أي عن النعمان المذكور
123 - (اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) أي الحالة التي وقع بها الاجتماع قال الحراني: والإصلاح تلافي خلل الشيء وفي المصباح الصلح التوفيق أصلحت بين القوم وفقت بينهم وقال الراغب: الصلاح ضد الفساد وهما مختصان في أكثر الاستعمال بالأفعال والصلح مختص بإزالة النفار بين الناس (فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين) وفي رواية المسلمين أي أصلحوا فإن الله يحب الصلح ولذلك يصلح بين المؤمنين (يوم القيامة) أي يوفق بينهم بأن يلهم المظلوم العفو عن ظالمه ويعوضه عن ذلك بأحسن الجزاء وروى ابن مردويه عن أنس مرفوعا إذا كان يوم القيامة نادى مناديا أهل التوحيد إن الله قد عفا عنكم فليعف بعضكم عن بعض وعلى الله الثواب
(ع ك) في الأهوال (عن أنس) وقال صحيح ورده الذهبي بأن فيه عباد بن شيبة الحبطي ضعفوه وشيخه سعيد بن أنس لا يعرف فأنى له الصحة
124 - (اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم) من كل آدمي وحيوان محترم وغيرهما لأن ما عام في ذوي العلم وغيرهم أن اتقوا الله بحسن الملكة والقيام بما يحتاجونه وخافوا ما يترتب على إهمالهم والتفريط في حقهم من العذاب ولا تكلفوهم على الدوام ما لا يطيقونه على الدوام فإنه حرام وعلموهم ما لا بد منه من طهر وصلاة وكل واجب ومندوب وأدبوهم على ترك المأمورات وفعل المنهي وإضافة الملك إلى اليمين كإضافته إلى السيد والأملاك تضاف إلى الأيدي لتصرف الملاك فيها باليد وإنما أضافها إلى اليمين دون اليد لأنه أبلغ وأنفذ إذ اليمين أبلغ في القوة والتصرف ولينبه على شرف اليمين
(خذ عن علي) أمير المؤمنين رضي الله تعالى عنه قال: كان آخر كلام النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة اتقوا الله فذكره والمراد أن ذلك من آخر ما تكلم به رمز المؤلف لصحته
125 - (اتقوا الله في الصلاة) التي هي حضرة المراقبة وأفضل أعمال البدن بالمحافظة عليها بشروطها وعدم ارتكاب منهياتها فإنها أول ما يحاسب عليه العبد وعلم الإيمان وعماد الدين وعموده ولما ذكر وصلة الخلق بالخالق وكان اهتمام الناس بمن يمون من أعظم دعائم الدين كما يشير إليه خبر كفى بالمرء إثما أن يضيع من يمون أو يعول اتبعها به -[128]- إشارة إلى أن القيام بذلك واجب على المالك وجوب الصلاة التي لا عذر فيها ما دام مناط التكليف فقال (و) في (ما ملكت أيمانكم) من كل آدمي وحيوان محترم وغير ذلك لأن ما عام في ذوي العلم وغيرهم قال التوربشتي: أراد المماليك ونحوهم وقرنه بالصلاة إيذانا بأن القيام بقدر حاجتهم من نفقة وكسوة واجب على من ملكهم وجوب الصلاة التي لا يسعه تركها وشمل البهائم المملكة وقال الطيبي: الحديث من جوامع الكلم عبر بالصلاة عن كل مأمور ومنهي إذ هي تنهى عن الفحشاء والمنكر وبما ملكت أيمانكم عن كل ما يتصرف فيه ملكا وقهرا ولذلك خص باليمين فنبه بالصلاة على تعظيم أمر الله تعالى وبما ملكت أيمانكم على الشفقة على خلقه. وقال المظهري: أراد الزكاة وإخراجها من المال الذي تملكه الأيدي كأنه علم بما يكون من أمر الردة وإنكارهم وجوبها بعده فقطع حجتهم بأن جعل آخر كلامه الوصية بالصلاة والزكاة ويؤيده أن القرآن والحديث إذا ذكر فيهما الصلاة فالغالب ذكر الزكاة بعدها
(خط عن أم سلمة) بفتح المهملة واللام هند أم المؤمنين بنت أمية بن المغيرة المخزومية وأبوها يعرف بزاد الراكب من أشراف قريش رمز المؤلف لضعفه