108 - (أترعون) بفتح همزة الاستفهام والمثناة فوق وكسر الراء أي أتتحرجون وتكفون وتتورعون (عن ذكر) بكسر فسكون (الفاجر) المتظاهر بنحو تخنث وزنا ولواط وشرب خمر وجور غير مبال بما ارتكبه من ذلك وتمتنعون (أن تذكروه) أي تجروا جرائمه على ألسنتكم بين الناس (فاذكروه) بما فيه ولهذا قال الحسن: ثلاثة لا غيبة لهم صاحب هوى والفاسق المعلن والإمام الجائر. وقال الغزالي: وهؤلاء يجمعهم أنهم يتظاهرون به وربما يتفاخرون وكيف يكرهونه وهم يقصدون إظهاره (يعرفه الناس) أي ليعرفوا حاله فيحذروه فليس ذكره حينئذ منهيا عنه بل مأمور به للمصلحة ومن ذلك قول الحسن في الحجاج أخرج البنا بنانا قصيرة قلما عرفت فيها اللعنة في سبيل الله ثم جعل يطبطب شعيرات له ويقول: يا أبا سعيد يا أبا سعيد وقال: لما مات اللهم أنت أمته فاقطع سنته فإنه أتانا خيفش أعيمش يخطر في مشيه لا يصعد المنبر حتى تفوته الصلاة لا من الله يتقي ولا من الناس يستحي فوقه الله وصحبه مئة ألف أو يزيدون لا يقول له قائل الصلاة هيهات دون ذلك السيف. والغيبة تباح في نحو أربعين موضعا ذكرها ابن العماد وغيره والكلام في غير نحو راو وشاهد وأمين صدقة وناظر وقف ويتيم أما هم فيجب جرحهم إجماعا على من علم فيهم قادحا وإن لم يتجاهروا بالفجور ولا أبرزوا الخيانة إلى حين الظهور <تنبيه> هذا الحديث وما بعده شامل للفاجر الميت ولا ينافيه النهي عن سب الأموات في الخبر الآتي لأن السب غير الذكر بالشر وبفرض عدم المغايرة فالجائز سب الأشرار والمنهي سب الأخيار ذكره الكرماني وغيره
(خط في) كتاب (رواه مالك) بن أنس (عن أبي هريرة) وأخرجه البيهقي في الشعب من حديث الجارود عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا ثم قال: هذا يعد من أفراد الجارود وليس بشيء وقضية تصرف المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه بل قال: تفرد به الجارود وهو كما قال البخاري منكر الحديث وكان أبو أسامة يرميه بالكذب هذا كلام الخطيب فنسبته لمخرجه واقتطاعه من كلامه ما عقبه به من بيان حاله غير مرضي وقد قال في الميزان إنه موضوع ونقله عنه في الكبير وأقره عليه لكن نقل الزركشي عن الهروي في كتاب ذم الكلام أنه حسن باعتبار شواهده التي منها ما ذكره المؤلف بقوله:
109 - (أترعون عن ذكر الفاجر) أي الذي يفجر الحدود أي يخرقها ويتعداها معلنا غير مبال ولا مستتر فالإسلام كحظيرة حظرها الله على أهله فمن ثلم تلك الحظيرة بالخروج منها متخطيا ما وراءها فقد فجرها وذا يكون من المؤمن والكافر لكن الحديث إنما ورد في المؤمن فيكون غيره أولى بدليل ما ذكر في سبب الحديث أنه لما حث على ستر المسلم وتوعد على هتكه تورعوا عن ذكره لحرمة التوحيد فبين لهم أن الستر إنما هو لأهل الستر فمن لزمه هذا الاسم لغلبة الفجور عليه وقلة مبالاته فلا حرمة له فلا يكتم أمره بل قد يجب ذكره ويكون الكف عنه خيانة. ألا ترى إلى قوله (متى) بفتح الميم مخففا (يعرفه الناس) أي وقت يعرفه الناس إن لم تعرفوهم به (اذكروا الفاجر) الفاسق (بما فيه) من الفجور وهتك ستر الديانة فذكره بذلك من النصيحة الواجبة لئلا يغتر به مسلم فيقتدي به في فعلته أو يضله ببدعته أو يسترسل له فيؤذيه بخدعته وبين قوله بما فيه أنه -[116]- لا يجوز ذكره بغير ما فيه ولا بما لا يعلن به قال ابن عون: دخلت على ابن سيرين فذكرت الحجاج أي بما لم يتظاهر به فقال: إن الله ينتقم للحجاج كما ينتقم منه وإنك إذا لقيت الله غدا كان أصغر ذنب أصبته أشد عليك من أعظم ذنب أصابه الحجاج وأشار بقوله (يحذره) أي لكي يحذره (الناس) إلى أن مشروعية ذكره بذلك مشروطة بقصد الاحتساب وإرادة النصيحة دفعا للاغترار ونحوه مما ذكر فمن ذكر واحدا من هذا الصنف تشفيا لغيظه أو انتقاما لنفسه أو احتقارا أو ازدراء ونحو ذلك من الحظوظ النفسانية فهو آثم كما ذكره الغزالي ثم السبكي فيما نقله عنه ولده قال: كنت جالسا بدهليز دارنا فأقبل كلب فقلت له: اخسأ كلب بن كلب فزجرني والدي فقلت له: أليس هو كلب ابن كلب قال: شرط الجواز عدم قصد التحقير فقلت هذه فائدة وأخذ الغزالي من هذا الخبر وما قبله أن من استشير في خاطب فله أن يصرح بذكر مساويه إذا علم أن مجرد قوله لا يصلح لك لا يفيد قال الراغب: والحذر احتراز عن مخيف (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغيبة) أي ذكر الناس بما يكرهون (والحكيم) محمد بن علي الترمذي المؤذن الصوفي الشافعي صاحب التصانيف (في) كتابه (نوادر الأصول) سمع الكثير من الحديث بالعراق ونحوه وحدث عن قتيبة بن سعيد وغيره وهو من القرن الثالث من طبقة البخاري قال السلمي: نفوه من ترمذ وشهدوا عليه بالكفر بسبب تفضيله الولاية على النبوة وإنما مراده ولاية النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال ابن عطاء الله: كان العارفان الشاذلي والمرسي يعظمانه جدا ولكلامه عندهما الحظوة التامة ويقولان هو أحد الأوتاد الأربعة وقال ابن أبي جمرة في كتاب الختان وابن القيم في كتاب اللمحة في الرد على ابن طلحة أنه لم يكن من أهل الحديث ورواته ولا علم له بطرقه وصناعته وإنما فيه الكلام على إشارات الصوفية حتى خرج عن قاعدة الفقهاء واستحق الطعن عليه وطعن عليه أئمة الفقهاء والصوفية وقالوا أدخل في الشريعة ما فارق به الجماعة وملأ كتبه الفظيعة بالأحاديث الموضوعة وحشاها بأخبار لا مروية ولا مسموعة إلى آخر ما قال من الهذيان والبهتان كما لا يخفى على أهل الشأن. كيف وقد قال الحافظ ابن النجار في تاريخه كان إماما من أئمة المسلمين له المصنفات الكبار في أصول الدين ومعاني الحديث لقي الأئمة الكبار وأخذ عنهم وفي شيوخه كثرة ثم أطال في بيانه وقال السلمي في الطبقات له اللسان العالي والكتب المشهورة وقال القشيري في الرسالة: هو من كبار الشيوخ وأطال في الثناء عليه وقال الحافظ أبو نعيم في الحلية: له التصانيف الكثيرة في الحديث وهو مستقيم الطريقة تابع للأثر يرد على المرجئة وغيرهم وله حكم عليه الشأن منها قوله كفى بالمرء عيبا أن يسره ما يضره وقوله وقد سئل عن الخلق فقال: ضعف ظاهر ودعوى عويضة وقال الكلاباذي في التعرف هو من أئمة الصوفية إلى غير ذلك من الكلام في شأن هذا الإمام وإنما أطلت فيه دفعا لذلك الافتراء فلا تكن من أهل المراء (والحاكم) أبو عبد الله (في) كتاب (الكنى) والألقاب وقال هذا غير صحيح ولا معتمد (والشيرازي) أبو بكر (في) كتاب (الألقاب) وهو أجل كتاب ألف في هذا الباب قبل ظهور تأليف الحافظ ابن حجر
(عد طب هق) وقال أعني البيهقي ليس بشيء (خط) في ترجمة محمد بن القاسم المؤدب من حديث الجارود (عن بهز) بفتح الموحدة وسكون الهاء ثم زاي معجمة (ابن حكيم عن أبيه عن جده) قال الجارود لقيت بهز بن حكيم في الطواف فذكره لي فيه قال الحكيم والخطيب تفرد به الجارود عنه وقال في المهذب كأصله الجارود واه وقد سرقه منه جمع ورووه عن بهز ولم يصح فيه شيء وقال أحمد: حديثه منكر وقال ابن عدي: لا أصل له قال: وكل من روى هذا الحديث فهو ضعيف وقال الدارقطني في علله: هو من وضع الجارود ثم سرقه منه جمع وفي الميزان عن أسامة وأبي حاتم أن الجارود كذاب وأن أبا بكر بن الجارود كان إذا مر بقبر جده قال: يا أبت لو لم تحدث بحديث بهز لزرتك وقد نقل المؤلف في الكبير عن الحكيم أن الجارود تفرد به وأن أبا حاتم وأبا أسامة كذباه وأقر ذلك