-[105]- 92 - (أتاني ملك برسالة) أي بشيء مرسل به (من الله) وفي رواية من ربي (عز وجل) يقال حملته رسالة إذا أرسلته للمرسل إليه بكلام وراسله في كذا وبينهما مكاتبات ومراسلات وتراسلوا وأرسلته برسالة وأرسلت إليه أن افعل كذا ذكره الزمخشري والمراد هنا الوحي ولعله مما لم يؤمر بتبليغه وقد جاءه بالوحي جبريل وغيره لكن جبريل أكثر (ثم رفع رجله) بكسر فسكون العضو المخصوص بأكثر الحيوانات ويفهم منه أنه أتاه في صورة إنسان والرفع الاعتلاء ذكره الراغب (فوضعها فوق السماء) وفي رواية السماء الدنيا (والأخرى في الأرض) قال الراغب: الأرض الحرم المقابل للسماء ويعبر بها عن أسفل الشيء كما يعبر بالسماء عن أعلاه (لم يرفعها) تأكيد وتحقيق لما قبله ودفع لتوهم إرادة التجوز لبعده عن الأفهام واستعظامه بين الأنام والقصد بذلك بيان عظم خطوته المستلزم لعظم جثته وأن مسافة خطوته كما بين السماء والأرض والملائكة عند عامة المتكلمين أجسام لطيفة قادرة على التشكل بأشكال مختلفة وعند الحكماء جواهر مجردة مخالفة للنفوس الناطقة في الحقيقة وهو قسمان قسم شأنهم الاستغراق في معرفة الحق والتنزه عن الشغل بغيره وقسم يدبر الأمر من السماء إلى الأرض على ما سبق به القضاء وجرى به القدر لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون كما مر وقد جاء في عظم الملائكة ما هو فوق ذلك فقد ورد: إن لله ملكا يملأ ثلث الكون وملكا يملأ ثلثيه وملكا يملأ الكون كله لا يقال إذا كان يملأ الكون كله فأين يكون الآخران لأنا نقول الأنوار لا تتزاحم ألا ترى أنه لو وضع سراج في بيت ملأه نورا فلو أتينا بعده بألف سراج وسع البيت أنوارها ذكره العارف ابن عطاء الله عن شيخه المرسي وقد قصر نظر من عزاه لجامع هذا الجامع <تنبيه> ما ذكره من أن سياق الحديث هكذا هو ما في نسخ الكتاب لكن لفظ الكبير أتاني ملك لم ينزل إلى الأرض قبلها قط برسالة من ربي فوضع رجله فوق السماء الدنيا ورجله الأخرى ثابتة في الأرض لم يرفعها انتهى بنصه والمخرج والصحابي متحد
(طس) وكذا أبو الشيخ [ابن حبان] في العظمة (عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه وهو تقصير بل حقه الرمز لحسنه فإنه وإن كان فيه صدقة بن عبد الله الدمشقي وضعفه جمع لكن وثقه ابن معين ودحيم وغيرهما وهو أرفع من كثير من أحاديث رمز لحسنها
93 - (أتاني ملك فسلم علي) فيه أن السلام متعارف بين الملائكة (نزل من السماء) من النزول وهو الإهواء من علو إلى أسفل (لم ينزل قبلها) صريح في أنه غير جبريل ولا يعارضه رواية المستدرك أتاني جبريل لإمكان تعدد المجيء للبشارة فمرة جبريل وأخرى غيره (فبشرني أن) أي بأن (الحسن والحسين) لم يسم بهما أحد قبلهما ففي طبقات ابن سعد عن عمران بن سليمان أنهما اسمان من أسماء أهل الجنة لم يكونا في الجاهلية لكن في الكشاف ما يخالفه (سيدا شباب أهل الجنة) أي من مات شابا في سبيل الله من أهل الجنة ولم يرد سن الشباب حقيقة لموتهما وقد اكتهلا وهذا مخصوص بغير عيسى ويحيى لاستثنائهما في حديث الحاكم بقوله إلا ابني الخالة وقيل أراد أن لهما السؤدد على أهل الجنة وعليه فيخص بغير الأنبياء والخلفاء الأربعة (وأن فاطمة) أمهما (سيدة نساء أهل الجنة) قال المصنف فيه دلالة على فضلها على مريم سيما إن قلنا بالأصح أنها غير نبية وكانت فاطمة من فضلاء الصحابة وبلغاء الشعراء وكانت أحب أولاده إليه وإذا قدمت عليه قام إليها وقبلها في فمها زاد أبو داود بسند ضعيف ويمص لسانها. وفضائلها وفضائل ابنيها جمة ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لهم وثناؤه عليهم ونشره لغرر مآثرهم -[106]- وباهر مناقبهم ومفاخرهم من الشهرة بالمحل الأرفع وقد بسط ذلك خلق في عدة مؤلفات مفردة
(ابن عساكر) في تاريخه (عن حذيفة) بضم المهملة مصغرا (ابن اليمان) بفتح التحتية والميم واسم اليمان حسل بكسر الحاء المهملة الأولى وسكون الثانية ويقال حسيل بن جابر العبسي بموحدة تحتية ثم الأشهلي حليفهم صاحب السر منعه وأباه شهود بدر استخلاف المشركين لهم ورواه عنه أيضا النسائي خلافا لما أوهمه صنيع المؤلف من أنه لم يخرجه أحد من السنة ورواه بمعناه الحاكم وقال صحيح وأقره الذهبي