responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 9  صفحه : 236
كَانَتْ فِي ثِيَابِهِ دُونَ جَسَدِهِ وَهَذَا الْجَوَابُ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فِي جَوَازِهِ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْبَدَنِ وَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى رَفَعَهُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ رَجُلٍ فِي جَسَدِهِ شَيْءٌ مِنْ خَلُوقٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فَإِنَّ مَفْهُومَهَ أَنَّ مَا عَدَا الْجَسَدَ لَا يَتَنَاوَلُهُ الْوَعِيدُ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا فِي الثَّوْبِ أَيْضًا وَتَمَسَّكُوا بِالْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَفِيهَا مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْمُدَّعِي كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَعَلَى هَذَا فَأُجِيبُ عَنْ قِصَّةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى تَارِيخٍ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ سِيَاقَ قِصَّةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ وَأَكْثَرُ مَنْ رَوَى النَّهْيَ مِمَّنْ تَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ ثَانِيهَا أَنَّ أَثَرَ الصُّفْرَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ تَعَلَّقَتْ بِهِ مِنْ جِهَةِ زَوْجَتِهِ فَكَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَقْصُودٍ لَهُ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَعَزَاهُ لِلْمُحَقِّقِينَ وَجَعَلَهُ الْبَيْضَاوِيُّ أَصْلًا رَدَّ إِلَيْهِ أَحَدَ الِاحْتِمَالَيْنِ أَبَدَاهُمَا فِي قَوْلِهِ مَهْيَمْ فَقَالَ مَعْنَاهُ مَا السَّبَبُ فِي الَّذِي أَرَاهُ عَلَيْكَ فَلِذَلِكَ أَجَابَ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّضَمُّخِ بِالْخَلُوقِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ تَزَوَّجْتُ أَيْ فَتَعَلَّقَ بِي مِنْهَا وَلَمْ أَقْصِدْ إِلَيْهِ ثَالِثُهَا أَنَّهُ كَانَ قَدِ احْتَاجَ إِلَى التَّطَيُّبِ لِلدُّخُولِ عَلَى أَهْلِهِ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ طِيبِ الرِّجَالِ حِينَئِذٍ شَيْئًا فَتَطَيَّبَ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ وَصَادَفَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ صُفْرَةٌ فَاسْتَبَاحَ الْقَلِيلَ مِنْهُ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ فِي التَّطَيُّبِ لِلْجُمْعَةِ وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ فَبَقِيَ أَثَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَابِعُهَا كَانَ يَسِيرًا وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَثَرُهُ فَلِذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْ خَامِسُهَا وَبِهِ جَزَمَ الْبَاجِيُّ أَنَّ الَّذِي يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ زَعْفَرَانٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ وَأَمَّا مَا كَانَ لَيْسَ بِطِيبٍ فَهُوَ جَائِزٌ سَادِسُهَا أَنَّ النَّهْيَ عَنِ التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ لَيْسَ عَلَى التَّحْرِيمِ بِدَلَالَةِ تَقْرِيرِهِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَابِعُهَا أَنَّ الْعَرُوسَ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ شَابًّا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ وَكَانُوا يُرَخِّصُونَ لِلشَّابِّ فِي ذَلِكَ أَيَّامَ عُرْسِهِ قَالَ وَقِيلَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مَنْ تَزَوَّجَ لَبِسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا عَلَامَةً لِزَوَاجِهِ لِيُعَانَ عَلَى وَلِيمَةِ عُرْسِهِ قَالَ وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ قُلْتُ وَفِي اسْتِفْهَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ عَنْ ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالتَّزْوِيجِ لَكِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ حُمَيْدٍ بِلَفْظِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى عَلَيَّ بَشَاشَةَ الْعُرْسِ فَقَالَ أَتَزَوَّجْتَ قُلْتُ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَدْ يُتَمَسَّكُ بِهَذَا السِّيَاقِ لِلْمُدَّعِي وَلَكِنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَفِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ مَهْيَمْ أَوْ مَا هَذَا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبَشَاشَةُ الْعُرْسِ أَثَرُهُ وَحُسْنُهُ أَوْ فَرَحُهُ وَسُرُورُهُ يُقَالُ بَشَّ فُلَانٌ بِفُلَانٍ أَيْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَرِحًا بِهِ مُلَطِّفًا بِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ صَدَاقٍ لِاسْتِفْهَامِهِ عَلَى الْكَمْيَّةِ وَلَمْ يقل هَل اصدقتها أَولا وَيُشْعِرُ ظَاهِرُهُ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ لِإِطْلَاقِ لَفْظِ كَمْ الْمَوْضُوعَةِ لِلتَّقْدِيرِ كَذَا قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِاسْتِخْبَارَ عَنِ الْكَثْرَةِ أَوِ الْقِلَّةِ فَيُخْبِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِ مِثْلِهِ فَلَمَّا قَالَ لَهُ الْقَدْرَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ بَلْ أَقَرَّهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَقْلِيلِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ مِنْ مَيَاسِيرِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ أَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِصْدَاقِهِ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ الْيَسَارُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مُلَازَمَةِ التِّجَارَةِ حَتَّى ظَهَرَتْ مِنْهُ مِنَ الْإِعَانَةُ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ مَا اشْتَهَرَ وَذَلِكَ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْمُوَاعَدَةِ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَأَوْفَتِ الْعِدَّةَ لِقَوْلِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ انْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ أَعْجَبُ إِلَيْكَ حَتَّى أُطَلِّقَهَا فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا تَزَوَّجْتَهَا وَوَقَعَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ وَيُعَكِّرُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْمَرْأَةَ عَلِمَتْ بِذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا وَلَمْ يَقَعْ تَعْيِينُهَا لَكِنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى أَحْوَالِهِمْ إِذْ ذَاكَ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا عَلِمَتَا مَعًا لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 9  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست