responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 9  صفحه : 148
أَوْجَهٌ وَالْمَعْنَى تَأَمَّلْنَ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ هَلْ هُوَ رَضَاعٌ صَحِيحٌ بِشَرْطِهِ مِنْ وُقُوعِهِ فِي زَمَنِ الرَّضَاعَةِ وَمِقْدَارِ الِارْتِضَاعِ فَإِنَّ الْحُكْمَ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْ الرَّضَاعِ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا وَقَعَ الرَّضَاعُ الْمُشْتَرَطُ قَالَ الْمُهَلَّبُ مَعْنَاهُ انْظُرْنَ مَا سَبَبُ هَذِهِ الْأُخُوَّةِ فَإِنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ إِنَّمَا هِيَ فِي الصِّغَرِ حَتَّى تَسُدَّ الرَّضَاعَةُ الْمَجَاعَةَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي جَاعَ كَانَ طَعَامُهُ الَّذِي يُشْبِعُهُ اللَّبَنَ مِنَ الرَّضَاعِ لَا حَيْثُ يَكُونُ الْغِذَاءُ بِغَيْرِ الرَّضَاعِ قَوْلُهُ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ فِيهِ تَعْلِيلُ الْبَاعِثِ عَلَى إِمْعَانِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ لِأَنَّ الرَّضَاعَةَ تُثْبِتُ النَّسَبَ وَتَجْعَلُ الرَّضِيعَ مُحَرَّمًا وَقَوْلُهُ مِنَ الْمَجَاعَةِ أَيِ الرَّضَاعَةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْحُرْمَةُ وَتَحِلُّ بِهَا الْخَلْوَةُ هِيَ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضِيعُ طِفْلًا لِسَدِّ اللَّبَنِ جَوْعَتَهُ لِأَنَّ مَعِدَتَهُ ضَعِيفَةٌ يَكْفِيهَا اللَّبَنُ وَيَنْبُتُ بِذَلِكَ لَحْمُهُ فَيَصِيرُ كَجُزْءٍ مِنَ الْمُرْضِعَةِ فَيَشْتَرِكُ فِي الْحُرْمَةِ مَعَ أَوْلَادِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا رَضَاعَةَ مُعْتَبَرَةٌ إِلَّا الْمُغْنِيَةَ عَنِ الْمَجَاعَةِ أَوِ الْمُطْعِمَةِ مِنَ الْمَجَاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى اطعمهم من جوع وَمن شواهده حَدِيث بن مَسْعُودٍ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّضْعَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُحَرِّمُ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ وَإِذَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ فَأَوْلَى مَا يُؤْخَذُ بِهِ مَا قَدَّرَتْهُ الشَّرِيعَةُ وَهُوَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّغْذِيَةَ بِلَبَنِ الْمُرْضِعَةِ يُحَرِّمُ سَوَاءٌ كَانَ بِشُرْبٍ أَمْ أَكْلٍ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ حَتَّى الْوَجُورُ وَالسَّعُوطُ وَالثَّرْدُ وَالطَّبْخُ وَغَيْرُ ذَلِكَ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مِنَ الْعَدَدِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَطْرُدُ الْجُوعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فَيُوَافِقُ الْخَبَرَ وَالْمَعْنَى وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ لَكِنِ اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْحُقْنَةَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ اللَّيْثُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ فَقَالُوا إِنَّ الرَّضَاعَةَ الْمُحَرِّمَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْتِقَامِ الثَّدْيِ وَمَصِّ اللَّبَنِ مِنْهُ وَأَوْرَدَ عَلِيُّ بْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِمْ إِشْكَالٌ فِي الْتِقَامِ سَالِمٍ ثَدْيَ سَهْلَةَ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ فَإِنَّ عِيَاضًا أَجَابَ عَنِ الْإِشْكَالِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَلَبَتْهُ ثُمَّ شَرِبَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ ثَدْيَهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ احْتِمَالٌ حسن لكنه لَا يُفِيد بن حَزْمٍ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الرَّضَاعِ إِلَّا بِالْتِقَامِ الثَّدْيِ لَكِنْ أَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ عُفِيَ عَن ذَلِك للْحَاجة وَأما بن حَزْمٍ فَاسْتَدَلَّ بِقِصَّةِ سَالِمٍ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْأَجْنَبِيِّ ثَدْيَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْتِقَامِ ثَدْيِهَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْتَضِعَ مِنْهَا مُطْلَقًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّضَاعَةَ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي حَالِ الصِّغَرِ لِأَنَّهَا الْحَالُ الَّذِي يُمْكِنُ طَرْدَ الْجُوعِ فِيهَا بِاللَّبَنِ بِخِلَافِ حَالِ الْكِبَرِ وَضَابِطُ ذَلِكَ تَمَامُ الْحَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّرْجَمَةِ وَعَلَيْهِ دَلَّ حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وبن حِبَّانَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي قَوْلُهُ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ تَثْبِيتُ قَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ صَرِيحَةٍ فِي اعْتِبَارِ الرَّضَاعِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يُسْتَغْنَى بِهِ الرَّضِيعُ عَنِ الطَّعَامِ بِاللَّبَنِ وَيُعْتَضَدُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ أَقْصَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ عَادَةً الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا فَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ عَادَةً فَلَا يُعْتَبَرُ شَرْعًا إِذْ لَا حُكْمَ لِلنَّادِرِ وَفِي اعْتِبَارِ إِرْضَاعِ الْكَبِيرِ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الْمَرْأَةِ بِارْتِضَاعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْهَا لِاطِّلَاعِهِ عَلَى عَوْرَتِهَا وَلَوْ بِالْتِقَامِهِ ثَدْيَهَا قُلْتُ وَهَذَا الْأَخِيرُ عَلَى الْغَالِبِ وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَشْتَرِطُ الْتِقَامَ الثَّدْيِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ لَا تُفَرِّقُ فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ بَيْنَ حَالِ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَتِهَا وَاحْتَجَّتْ هِيَ بِقِصَّةِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ فَلَعَلَّهَا فَهِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ اعْتِبَارَ مِقْدَارِ مَا يَسُدُّ الْجَوْعَةَ مِنْ لَبَنِ الْمُرْضِعَةِ لِمَنْ يَرْتَضِعُ مِنْهَا وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَضِعُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ نَصًّا فِي مَنْعِ اعْتِبَارِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ وَحَدِيثُ بن عَبَّاسٍ مَعَ تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ وَلَا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 9  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست