responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 9  صفحه : 105
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَمَعْقِلُ بْنُ مُقَرِّنٍ فِي بَيْتِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَصُومُوا النَّهَارَ وَيَقُومُوا اللَّيْلَ وَلَا يَنَامُوا عَلَى الْفُرُشِ وَلَا يَأْكُلُوا اللَّحْمَ وَلَا يَقْرَبُوا النِّسَاءَ وَيَجُبُّوا مَذَاكِيرَهُمْ فَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الرَّهْطُ الثَّلَاثَةُ هُمُ الَّذِينَ بَاشَرُوا السُّؤَالَ فَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ بِخُصُوصِهِمْ تَارَةً وَنُسِبَ تَارَةً لِلْجَمِيعِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي طَلَبِهِ وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي الْجُمْلَةِ مَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارَهُ فَيَجْعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُجَاهِدَ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ فَلَقِيَ نَاسًا بِالْمَدِينَةِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُمْ فَلَمَّا حَدَّثُوهُ ذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَكَانَ قَدْ طَلَّقَهَا يَعْنِي بِسَبَبِ ذَلِكَ لَكِنْ فِي عَدِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَعَهُمْ نَظَرٌ لِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَا أَحْسَبُ قَوْلُهُ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلْقَمَةَ فِي السِّرِّ قَوْلُهُ كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا بِتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَضْمُومَةِ أَيِ اسْتَقَلُّوهَا وَأَصْلُ تَقَالُّوهَا تَقَالَلُوهَا أَيْ رَأَى كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهَا قَلِيلَةٌ قَوْلُهُ فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ قَدْ غُفِرَ لَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِحُصُولِ ذَلِكَ لَهُ يُحْتَاجُ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْعِبَادَةِ عَسَى أَنْ يَحْصُلَ بِخِلَافِ مَنْ حَصَلَ لَهُ لَكِنْ قَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ فَأَشَارَ إِلَى هَذَا بِأَنَّهُ أَشَدُّهُمْ خَشْيَةً وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَقَامِ الْعُبُودِيَّةِ فِي جَانِبِ الرُّبُوبِيَّةِ وَأَشَارَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَالْمُغِيرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ إِلَى مَعْنًى آخَرَ بِقَوْلِهِ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا قَوْلُهُ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَأَنَا أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا هُوَ قيد لِليْل لَا لأصلي وَقَوله فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا أَكَّدَ الْمُصَلِّي وَمُعْتَزِلَ النِّسَاءِ بِالتَّأْبِيدِ وَلَمْ يُؤَكِّدِ الصِّيَامَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فِطْرِ اللَّيَالِي وَكَذَا أَيَّامُ الْعِيدِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَنَامُ عَلَى الْفِرَاشِ وَظَاهِرُهُ مِمَّا يُؤَكِّدُ زِيَادَةَ عَدَدِ الْقَائِلِينَ لِأَنَّ تَرْكَ أَكْلِ اللَّحْمِ أَخَصُّ مِنْ مُدَاوَمَةِ الصِّيَامِ وَاسْتِغْرَاقَ اللَّيْلِ بِالصَّلَاةِ أَخَصُّ مِنْ تَرْكِ النَّوْمِ عَلَى الْفِرَاشِ وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِضُرُوبٍ مِنَ التَّجَوُّزِ قَوْلُهُ فَجَاءَ إِلَيْهِمْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ عُمُومًا جَهْرًا مَعَ عَدَمِ تَعْيِينِهِمْ وَخُصُوصًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ رِفْقًا بِهِمْ وَسَتْرًا لَهُمْ قَوْلُهُ أَمَا وَاللَّهِ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ حَرْفُ تَنْبِيهٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْخَبَرِ أَمَّا أَنَا فَإِنَّهَا بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ لِلتَّقْسِيمِ قَوْلُهُ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى رَدِّ مَا بَنَوْا عَلَيْهِ أَمْرَهُمْ مِنْ أَنَّ الْمَغْفُورَ لَهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَزِيدٍ فِي الْعِبَادَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ يُبَالِغُ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَةِ أَخْشَى لِلَّهِ وَأَتْقَى مِنَ الَّذِينَ يُشَدِّدُونَ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشَدِّدَ لَا يَأْمَنُ مِنَ الْمَلَلِ بِخِلَافِ الْمُقْتَصِدِ فَإِنَّهُ أَمْكَنُ لِاسْتِمْرَارِهِ وَخَيْرُ الْعَمَلِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَقَدْ أَرْشَدَ إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْمُنْبَتُّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ شَيْءٌ مِنْهُ قَوْلُهُ لَكِنِّي اسْتِدْرَاكٌ مِنْ شَيْءٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ أَنَا وَأَنْتُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُبُودِيَّةِ سَوَاءٌ لَكِنْ أَنَا أَعْمَلُ كَذَا قَوْلُهُ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي الْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةُ لَا الَّتِي تُقَابِلُ الْفَرْضَ وَالرَّغْبَةُ عَنِ الشَّيْءِ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ مَنْ تَرَكَ طَرِيقَتِي وَأَخَذَ بِطَرِيقَةِ غَيْرِي فَلَيْسَ مِنِّي وَلَمَّحَ بِذَلِكَ إِلَى طَرِيقِ الرَّهْبَانِيَّةِ فَإِنَّهُمُ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا التَّشْدِيدَ كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ عابهم بِأَنَّهُم مَا وفوه بِمَا التمزموه وَطَرِيقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ فَيُفْطِرُ لِيَتَقَوَّى عَلَى الصَّوْمِ وَيَنَامُ لِيَتَقَوَّى عَلَى الْقِيَامِ وَيَتَزَوَّجُ لِكَسْرِ الشَّهْوَةِ وَإِعْفَافِ النَّفْسِ وَتَكْثِيرِ النَّسْلِ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ مِنِّي إِنْ كَانَتِ الرَّغْبَة

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 9  صفحه : 105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست