responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 8  صفحه : 718
كَانَ يُجَاوِرُ فِي غَارِ حِرَاءَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَنَّ ابْتِدَاءَ الْوَحْيِ جَاءَهُ وَهُوَ فِي الْغَارِ الْمَذْكُورِ اقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ نُبِّئَ فِي شهر رَمَضَان وَيُعَكر على قَول بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ الْأَرْبَعِينَ مَعَ قَوْلِهِ إِنَّهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وُلِدَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَجِيءُ فِي الْغَارِ كَانَ أَوَّلًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَحِينَئِذٍ نُبِّئَ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ اقْرَأ باسم رَبك ثُمَّ كَانَ الْمَجِيءُ الثَّانِي فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأول بالإنذار وأنزلت عَلَيْهِ يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر فَيحمل قَول بن إِسْحَاقَ عَلَى رَأْسِ الْأَرْبَعِينَ أَيْ عِنْدَ الْمَجِيءِ بِالرِّسَالَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ اقْرَأْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ لِمُجَرَّدِ التَّنْبِيهِ وَالتَّيَقُّظِ لِمَا سَيُلْقَى إِلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى بَابِهِ مِنَ الطَّلَبِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ فِي الْحَالِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ الْأَمْرِ مَحْذُوفَةً أَيْ قُلِ اقْرَأْ وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَعَلَى مَا فُهِمَ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَكَأَنَّ السِّرَّ فِي حَذْفِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّ لَفْظَ قُلْ مِنَ الْقُرْآنِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ وَأَنَّ الْأَمْرَ عَلَى الْفَوْرِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْفَوْرَ فُهِمَ مِنَ الْقَرِينَةِ قَوْلُهُ مَا أَنا بقارئ وَقع عِنْد بن إِسْحَاقَ فِي مُرْسَلِ عُبَيْدِ بِنِ عُمَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ كِتَابٌ قَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ السُّهَيْلِيُّ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ قَوْلَهُ الم ذَلِكَ الْكتاب لَا ريب فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ حَيْثُ قَالَ لَهُ اقْرَأْ قَوْلُهُ فَغَطَّنِي تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَوَقَعَ فِي السِّيرَةِ لِابْنِ إِسْحَاقَ فَغَتَّنِي بِالْمُثَنَّاةِ بَدَلَ الطَّاءِ وَهُمَا بِمَعْنى وَالْمرَاد غمني وَصرح بذلك بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُرْسَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّاد وَذكر السُّهيْلي أَنه روى سأبي بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أَوْ مُثَنَّاةٍ وَهُمَا جَمِيعًا بِمَعْنَى الْخَنْقِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ مَعْنَى فَغَطَّنِي صَنَعَ بِي شَيْئًا حَتَّى أَلْقَانِي إِلَى الْأَرْضِ كَمَنْ تَأْخُذُهُ الْغَشْيَةُ وَالْحِكْمَةُ فِي هَذَا الْغَطِّ شَغْلُهُ عَنِ الِالْتِفَاتِ لِشَيْءٍ آخَرَ أَوْ لِإِظْهَارِ الشِّدَّةِ وَالْجِدِّ فِي الْأَمْرِ تَنْبِيهًا عَلَى ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي سَيُلْقَى إِلَيْهِ فَلَمَّا ظَهَرَ أَنَّهُ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ أُلْقِيَ إِلَيْهِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ حَاصِلٌ لَكِنْ لَعَلَّ الْمُرَادَ إِبْرَازُهُ لِلظَّاهِرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ لِيُخْتَبَرَ هَلْ يَقُولُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ شَيْئًا فَلَمَّا لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَقِيلَ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَيْسَتْ مِنْ قُدْرَتِهِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهَا وَقيل الْحِكْمَة فِيهِ أَن التخييل وَالْوَهْمَ وَالْوَسْوَسَةَ لَيْسَتْ مِنْ صِفَاتِ الْجِسْمِ فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ لِجِسْمِهِ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَذَكَرَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ أَنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ جَرَى لَهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ مِثْلَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ يُرِيدُ التَّأْكِيدَ فِي أَمْرٍ وَإِيضَاحِ الْبَيَانِ فِيهِ أَنْ يُكَرِّرَهُ ثَلَاثًا وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَكْرِيرِ الْإِقْرَاءِ الْإِشَارَةُ إِلَى انْحِصَارِ الْإِيمَانِ الَّذِي يَنْشَأُ الْوَحْيُ بِسَبَبِهِ فِي ثَلَاثٍ الْقَوْلُ وَالْعَمَلُ وَالنِّيَّةُ وَأَنَّ الْوَحْيَ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثٍ التَّوْحِيدُ وَالْأَحْكَامُ وَالْقَصَصُ وَفِي تَكْرِيرِ الْغَطِّ الْإِشَارَةُ إِلَى الشَّدَائِدِ الثَّلَاثِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ وَهِيَ الْحَصْرُ فِي الشِّعْبِ وَخُرُوجُهُ فِي الْهِجْرَةِ وَمَا وَقَعَ لَهُ يَوْم أحد وَفِي الارسالات الثَّلَاث إِشَارَةٌ إِلَى حُصُولِ التَّيْسِيرِ لَهُ عَقِبَ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْبَرْزَخِ وَالْآخِرَةِ قَوْلُهُ فَقَالَ اقْرَأ باسم رَبك إِلَى قَوْلِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ هُوَ الَّذِي نَزَلَ أَوَّلًا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ السُّورَةِ فَإِنَّمَا نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي تَفْسِيرِ الْمُدَّثِّرِ بَيَانَ الِاخْتِلَافِ فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَ وَالْحِكْمَةُ فِي هَذِهِ الْأَوَّلِيَّةِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الْخَمْسَ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَقَاصِدِ الْقُرْآنِ فَفِيهَا بَرَاعَةُ الِاسْتِهْلَالِ وَهِيَ جَدِيرَةٌ أَنْ تُسَمَّى عِنْوَانُ الْقُرْآنِ لِأَنَّ عِنْوَانَ الْكِتَابِ يَجْمَعُ مَقَاصِدَهُ بِعِبَارَةٍ وَجِيزَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْفَنِّ الْبَدِيعِيِّ الْمُسَمَّى الْعُنْوَانُ فَإِنَّهُمْ عَرَّفُوهُ بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُتَكَلِّمُ فِي فَنٍّ فَيُؤَكِّدُهُ بِذِكْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ وَبَيَانُ كَوْنِهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى مَقَاصِد

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 8  صفحه : 718
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست