responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 8  صفحه : 211
وَذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ الْأَخِيرَ هُوَ الصَّحِيح عندنَا وبن السَّمْعَانِيّ أَنَّهُ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ وَالْمُخْتَارُ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ جَرَى الْمُتَأَخِّرُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِالْمُحْكَمِ مَا اتَّضَحَ مَعْنَاهُ وَالْمُتَشَابِهُ بِخِلَافِهِ لِأَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يَقْبَلُ مَعْنًى إِمَّا أَنْ يَقْبَلَ غَيْرَهُ أَوْ لَا الثَّانِي النَّصُّ وَالْأَوَّلُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ دَلَالَتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى رَاجِحَةً أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ وَالثَّانِي إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيهِ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُجْمَلُ وَالثَّانِي المؤول فَالْمُشْتَرَكُ هُوَ النَّصُّ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْمُحْكَمُ وَالْمُشْتَرَكُ بَين الْمُجْمل والمؤول هُوَ الْمُتَشَابِهُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّقْسِيمَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْقَعَ الْمُحْكَمَ مُقَابِلًا لِلْمُتَشَابِهِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُفَسَّرَ الْمُحْكَمُ بِمَا يُقَابِلَهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أُسْلُوبُ الْآيَةِ وَهُوَ الْجَمْعُ مَعَ التَّقْسِيمِ لِأَنَّهُ تَعَالَى فَرَّقَ مَا جَمَعَ فِي مَعْنَى الْكِتَابِ بِأَنْ قَالَ مِنْهُ آيَات محكمات وَآخر متشابهات أَرَادَ أَنْ يُضِيفَ إِلَى كُلِّ مِنْهُمَا مَا شَاءَ مِنْهُمَا مِنَ الْحُكْمِ فَقَالَ أَوَّلًا فَأَمَّا الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ إلىان قَالَ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ وَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمُ اسْتِقَامَةٌ فَيَتَّبِعُونَ الْمُحْكَمَ لَكِنَّهُ وَضَعَ مَوْضِعَ ذَلِكَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ لِإِتْيَانِ لَفْظِ الرُّسُوخِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ التَّتَبُّعِ التَّامِّ وَالِاجْتِهَادِ الْبَلِيغِ فَإِذَا اسْتَقَامَ الْقَلْبُ عَلَى طَرِيقِ الرَّشَادِ وَرَسَخَ الْقَدَمُ فِي الْعِلْمِ أَفْصَحَ صَاحِبُهُ النُّطْقَ بِالْقَوْلِ الْحَقِّ وَكَفَى بِدُعَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هديتنا إِلَخْ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ وَفِيهِ إِشَارَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِهِ إِلَّا اللَّهُ تَامٌّ وَإِلَى أَنَّ عِلْمَ بَعْضِ الْمُتَشَابِهِ مُخْتَصٌّ بِاللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ مَنْ حَاوَلَ مَعْرِفَتَهُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ فَاحْذَرُوهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْعَقْلُ مُبْتَلًى بِاعْتِقَادِ حَقِيقَةِ الْمُتَشَابِهِ كَابْتِلَاءِ الْبَدَنِ بِأَدَاءِ الْعِبَادَةِ كَالْحَكِيمِ إِذَا صَنَّفَ كِتَابًا أَجْمَلَ فِيهِ أَحْيَانَا لِيَكُونَ مَوْضِعَ خُضُوعِ الْمُتَعَلِّمِ لِأُسْتَاذِهِ وَكَالْمَلِكِ يَتَّخِذُ عَلَامَةً يَمْتَازُ بِهَا مَنْ يُطْلِعُهُ عَلَى سِرٍّ وَقِيلَ لَوْ لَمْ يَقْبَلِ الْعَقْلُ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْبَدَنِ لَاسْتَمَرَّ الْعَالِمُ فِي أُبَّهَةِ الْعِلْمِ عَلَى التَّمَرُّدِ فَبِذَلِكَ يَسْتَأْنِسُ إِلَى التَّذَلُّلِ بِعِزِّ الْعُبُودِيَّةِ وَالْمُتَشَابِهُ هُوَ مَوْضِعُ خُضُوعِ الْعُقُولِ لِبَارِيهَا اسْتِسْلَامًا وَاعْتِرَافًا بِقُصُورِهَا وَفِي خَتْمِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا يذكر الا أولو الْأَلْبَاب تَعْرِيضٌ بِالزَّائِغِينَ وَمَدْحٌ لِلرَّاسِخَيْنِ يَعْنِي مَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَيَتَّعِظْ وَيُخَالِفْ هَوَاهُ فَلَيْسَ مِنْ أُولِي الْعُقُولِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الرَّاسِخُونَ رَبَّنَا لَا تزغ قُلُوبنَا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَخَضَعُوا لِبَارِيهِمْ لِاشْتِرَاكِ الْعِلْمِ اللَّدُنِّي بَعْدَ أَنِ اسْتَعَاذُوا بِهِ مِنَ الزَّيْغِ النَّفْسَانِيِّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ وَقَالَ غَيْرُهُ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ مُحْكَمٌ وَبَعْضَهُ مُتَشَابِهٌ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلُهُ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ وَلَا قَوْله كتابا متشابها مثانى حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ كُلَّهُ مُحْكَمٌ وَعَكَسَ آخَرُونَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِحْكَامِ فِي قَوْلِهِ أُحْكِمَتْ الْإِتْقَانُ فِي النَّظْمِ وَأَنَّ كُلَّهَا حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَشَابِهِ كَوْنُهُ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي حُسْنِ السِّيَاقِ وَالنَّظْمِ أَيْضًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ اشْتِبَاهَ مَعْنَاهُ عَلَى سَامِعِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُحْكَمَ وَرَدَ بِإِزَاءِ مَعْنَيَيْنِ وَالْمُتَشَابِهَ وَرَدَ بِإِزَاءِ مَعْنَيَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ فَهُمُ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَاحْذَرْهُمْ بِالْإِفْرَادِ وَالْأولَى أولى وَالْمرَاد التحذير من الاصغاء إِلَى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهَ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَوَّلُ مَا ظَهَرَ ذَلِكَ مِنَ الْيَهُودِ كَمَا ذَكَرَهُ بن إِسْحَاقَ فِي تَأْوِيلِهِمُ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ وَأَنَّ عَدَدَهَا بِالْجُمَّلِ مِقْدَارُ مُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثُمَّ أَوَّلَ مَا ظَهَرَ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْخَوَارِجِ حَتَّى جَاءَ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَ بِهِمُ الْآيَةَ وَقِصَّةُ عُمَرَ فِي إِنْكَارِهِ عَلَى ضُبَيْعٍ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّهُ يَتَّبِعُ الْمُتَشَابِهَ فَضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى أَدْمَاهُ أَخْرَجَهَا الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُتَشَابِهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا إِذَا رُدَّ إِلَى الْمُحْكَمِ وَاعْتُبِرَ بِهِ عُرِفَ مَعْنَاهُ وَالْآخَرُ مَا لَا سَبِيلَ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الَّذِي يَتَّبِعُهُ أَهْلُ الزَّيْغِ فَيَطْلُبُونَ تَأْوِيلَهُ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 8  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست