responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 7  صفحه : 197
فِي كُلِّ سَمَاءٍ بَيْتًا مَعْمُورًا وَأَنَّ الَّذِي فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِيَالَ الْكَعْبَةِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَصْعَدَ مِنْ مَكَّةَ لِيَصِلَ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ بِغَيْرِ تَعْوِيجٍ لِأَنَّهُ صَعِدَ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ مُنَاسِبَاتٍ أُخْرَى ضَعِيفَةً فَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْمَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَيْنَ رُؤْيَةِ الْقِبْلَتَيْنِ أَوْ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ كَانَ هِجْرَةَ غَالِبِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ فَحَصَلَ لَهُ الرَّحِيلُ إِلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ أَشْتَاتِ الْفَضَائِلِ أَوْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْحَشْرِ وَغَالِبُ مَا اتُّفِقَ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يُنَاسِبُ الْأَحْوَالَ الْأُخْرَوِيَّةِ فَكَانَ الْمِعْرَاجُ مِنْهُ أَلْيَقَ بِذَلِكَ أَوْ لِلتَّفَاؤُلِ بِحُصُولِ أَنْوَاعِ التَّقْدِيسِ لَهُ حِسًّا وَمَعْنًى أَوْ لِيَجْتَمِعَ بِالْأَنْبِيَاءِ جُمْلَةً كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَسَيَأْتِي مُنَاسَبَةٌ أُخْرَى لِلشَّيْخِ بن أَبِي جَمْرَةَ قَرِيبًا وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْإِسْرَاءَ وَالْمِعْرَاجَ وَقَعَا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْيَقَظَةِ بِجَسَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوحِهِ بَعْدَ الْمَبْعَثِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَتَوَارَدَتْ عَلَيْهِ ظَوَاهِرُ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ ذَلِكَ إِذْ لَيْسَ فِي الْعَقْلِ مَا يُحِيلُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى تَأْوِيلٍ نَعَمْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ مَا يُخَالِفُ بَعْضَ ذَلِكَ فَجَنَحَ لِأَجْلِ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الْمَنَامِ تَوْطِئَةً وَتَمْهِيدًا وَمَرَّةً ثَانِيَةً فِي الْيَقَظَةِ كَمَا وَقَعَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ مَجِيءِ الْمَلَكِ بِالْوَحْيِ فَقَدْ قدمت فِي أول الْكتاب مَا ذكره بن مَيْسَرَةَ التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ وَغَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْمَنَامِ وَأَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمُهَلَّبُ شَارِحُ الْبُخَارِيِّ وَحَكَاهُ عَنْ طَائِفَةٍ وَأَبُو نَصْرِ بْنِ الْقُشَيْرِيِّ وَمِنْ قَبْلِهِمْ أَبُو سَعِيدٍ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى قَالَ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَارِيجُ مِنْهَا مَا كَانَ فِي الْيَقَظَةِ وَمِنْهَا مَا كَانَ فِي الْمَنَام وَحَكَاهُ السُّهيْلي عَن بن الْعَرَبِيِّ وَاخْتَارَهُ وَجَوَّزَ بَعْضُ قَائِلِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ قِصَّةُ الْمَنَامِ وَقَعَتْ قَبْلَ الْمَبْعَثِ لِأَجْلِ قَوْلِ شَرِيكٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَنَسٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي آخِرِ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانُ مَا يَرْتَفِعُ بِهِ الْإِشْكَالُ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ شَرِيكٍ وَبَيَانُ مَا خَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنَ الرُّوَاةِ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ وَشَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَانَتْ قصَّة الْإِسْرَاء فِي لَيْلَة الْمِعْرَاج فِي لَيْلَةٍ مُتَمَسِّكًا بِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ مِنْ تَرْكَ ذِكْرَ الْإِسْرَاءِ وَكَذَا فِي ظَاهِرِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ هَذَا وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّعَدُّدُ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ذَكَرَ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَرُ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ فِي الْيَقَظَةِ وَالْمِعْرَاجَ كَانَ فِي الْمَنَامِ أَوْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي كَوْنِهِ يَقَظَةً أَوْ مَنَامًا خَاصٌّ بِالْمِعْرَاجِ لَا بِالْإِسْرَاءِ وَلِذَلِكَ لَمَّا أَخْبَرَ بِهِ قُرَيْشًا كَذَّبُوهُ فِي الْإِسْرَاءِ وَاسْتَبْعَدُوا وُقُوعَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمِعْرَاجِ وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى فَلَوْ وَقَعَ الْمِعْرَاجُ فِي الْيَقَظَةِ لَكَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي الذِّكْرِ فَلَمَّا لَمْ يَقَعْ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْموضع مَعَ كَون شَأْنُهُ أَعْجَبَ وَأَمْرُهُ أَغْرَبَ مِنَ الْإِسْرَاءِ بِكَثِيرٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَنَامًا وَأَمَّا الْإِسْرَاءُ فَلَوْ كَانَ مَنَامًا لَمَا كَذَّبُوهُ وَلَا اسْتَنْكَرُوهُ لِجَوَازِ وُقُوعِ مِثْلِ ذَلِكَ وَأَبْعَدَ مِنْهُ لِآحَادِ النَّاسِ وَقِيلَ كَانَ الْإِسْرَاءُ مَرَّتَيْنِ فِي الْيَقَظَةِ فَالْأُولَى رَجَعَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَفِي صَبِيحَتِهِ أَخْبَرَ قُرَيْشًا بِمَا وَقَعَ وَالثَّانِيَةُ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ مِنْ لَيْلَتِهِ إِلَى السَّمَاءِ إِلَى آخِرِ مَا وَقَعَ وَلَمْ يَقَعْ لِقُرَيْشٍ فِي ذَلِكَ اعْتِرَاضٌ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ إِنَّ الْمَلَكَ يَأْتِيهِ مِنَ السَّمَاءِ فِي أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ اسْتِحَالَةَ ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَى صِدْقِهِ بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ لَكِنَّهُمْ عَانَدُوا فِي ذَلِكَ وَاسْتَمَرُّوا عَلَى تَكْذِيبِهِ فِيهِ بِخِلَافِ إِخْبَارِهِ أَنَّهُ جَاءَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَة وَرجع

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 7  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست