responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 6  صفحه : 500
بِغَيْرِ إِبَانَةٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَلَمَّا آذَتْهُ انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَكَأَهَا وَهُوَ بِالنُّونِ وَالْهَمْزِ أَيْ نَخَسَ مَوْضِعَ الْجُرْحِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ فَجَّرَ الْجُرْحَ بِذُبَابَةِ السَّهْمِ فَلَمْ يَنْفَعْهُ فَحَزَّ مَوْضِعَهُ بِالسِّكِّينِ وَدَلَّتْ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ عَلَى أَنَّ الْجُرْحَ كَانَ فِي يَدِهِ قَوْلُهُ فَمَا رَقَأَ الدَّمُ بِالْقَافِ وَالْهَمْزِ أَيْ لَمْ يَنْقَطِعْ قَوْلُهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اسْتِعْجَالِ الْمَذْكُورِ الْمَوْتَ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ وقَوْلُهُ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ جَارٍ مَجْرَى التَّعْلِيلِ لِلْعُقُوبَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ بِتَعَاطِي سَبَبِهِ مِنْ إِنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ فَجَعَلَ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارًا عَصَى اللَّهَ بِهِ فَنَاسَبَ أَنْ يُعَاقِبَهُ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ حَزَّهَا لِإِرَادَةِ الْمَوْتِ لَا لِقَصْدِ الْمُدَاوَاةِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَقَدِ اسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ بَادَرَنِي بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَنْ قُتِلَ فَقَدْ مَاتَ قَبْلَ أَجَلِهِ لِمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُ الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ كَانَ قَدْ تَأَخَّرَ عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَعَاشَ لَكِنَّهُ بَادَرَ فَتَقَدَّمَ وَالثَّانِي يَقْتَضِي تَخْلِيدَ الْمُوَحِّدِ فِي النَّارِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ مِنْ حَيْثُ التَّسَبُّبِ فِي ذَلِكَ وَالْقَصْدِ لَهُ وَالِاخْتِيَارِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةَ لِوُجُودِ صُورَتِهَا وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْمُعَاقَبَةَ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُطْلِعْهُ عَلَى انْقِضَاءِ أَجَلِهِ فَاخْتَارَ هُوَ قَتْلَ نَفْسِهِ فَاسْتَحَقَّ الْمُعَاقَبَةَ لِعِصْيَانِهِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ قَضَاءُ اللَّهِ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ بِصِفَةٍ فَالْمُطْلَقُ يَمْضِي عَلَى الْوَجْهِ بِلَا صَارِفٍ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مِثَالُهُ أَنْ يُقَدَّرَ لِوَاحِدٍ أَنَّ يَعِيشَ عِشْرِينَ سَنَةً إِنْ قَتَلَ نَفْسَهُ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَعْلَمُ بِهِ الْمَخْلُوقُ كَمَلَكِ الْمَوْتِ مَثَلًا وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا مَا عَلِمَهُ وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ فَالْوَاقِعُ مِنْهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ وَالْعَبْدُ مُخَيَّرٌ فِي أَيِّ الْخِصَالِ يَفْعَلُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ كَانَ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَصَارَ كَافِرًا ثَانِيهَا كَانَ كَافِرًا فِي الْأَصْلِ وَعُوقِبَ بِهَذِهِ الْمَعْصِيَةِ زِيَادَةً عَلَى كُفْرِهِ ثَالِثُهَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْجَنَّةَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ مَا كَالْوَقْتِ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ السَّابِقُونَ أَوِ الْوَقْتِ الَّذِي يُعَذَّبُ فِيهِ الْمُوَحِّدُونَ فِي النَّارِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ رَابِعُهَا أَنَّ الْمُرَادَ جَنَّةٌ مُعَيَّنَةٌ كَالْفِرْدَوْسِ مَثَلًا خَامِسُهَا أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ على سَبِيلِ التَّغْلِيظِ وَالتَّخْوِيفِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ سَادِسُهَا أَنَّ التَّقْدِيرَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ إِنْ شِئْتَ اسْتِمْرَارَ ذَلِكَ سَابِعُهَا قَالَ النَّوَوِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْعُ مَنْ مَضَى أَنَّ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ يَكْفُرُونَ بِفِعْلِهَا وَفِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ قَتْلِ النَّفْسِ سَوَاءٌ كَانَتْ نَفْسَ الْقَاتِلِ أَمْ غَيْرِهِ وَقَتْلُ الْغَيْرِ يُؤْخَذُ تَحْرِيمُهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفِيهِ الْوُقُوفُ عِنْدَ حُقُوقِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ بِخَلْقِهِ حَيْثُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ قَتْلَ نُفُوسِهِمْ وَأَنَّ الْأَنْفُسَ مِلْكُ اللَّهِ وَفِيهِ التَّحْدِيثُ عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَفَضِيلَةُ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ وَتَرْكُ التَّضَجُّرِ مِنَ الْآلَامِ لِئَلَّا يُفْضِي إِلَى أَشَدَّ مِنْهَا وَفِيهِ تَحْرِيمُ تَعَاطِي الْأَسْبَابِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى قَتْلِ النَّفْسِ وَفِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ السِّرَايَةِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءُ الْقَتْلِ وَفِيهِ الِاحْتِيَاطُ فِي التَّحْدِيثِ وَكَيْفِيَّةُ الضَّبْطِ لَهُ وَالتَّحَفُّظُ فِيهِ بِذِكْرِ الْمَكَانِ وَالْإِشَارَةُ إِلَى ضَبْطِ الْمُحَدِّثِ وَتَوْثِيقِهِ لِمَنْ حَدَّثَهُ لِيَرْكَنَ السَّامِعُ لِذَلِكَ وَالله أعلم

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 6  صفحه : 500
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست