responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 6  صفحه : 344
عِنْدَ الْإِنْسِ بِحَيْثُ لَا يَرَوْنَهُمْ وَلَوْ شَاءُوا لَأَبْدَوْا أَنْفُسَهُمْ قَالَ وَإِنَّمَا يَسْتَبْعِدُ ذَلِكَ مَنْ لَمْ يُحِطْ عِلْمًا بِعَجَائِبِ الْمَقْدُورَاتِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يُثْبِتُونَ وُجُودَهُمْ وَيَنْفُونَهُ الْآنَ وَمِنْهُمْ مَنْ يُثْبِتُهُمْ وَيَنْفِي تَسَلُّطَهُمْ عَلَى الْإِنْسِ وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ الْمُعْتَزِلِيُّ الدَّلِيلُ عَلَى إِثْبَاتِهِمُ السَّمْعُ دُونَ الْعَقْلِ إِذْ لَا طَرِيقَ إِلَى إِثْبَاتِ أَجْسَامٍ غَائِبَةٍ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَعَلُّقٌ وَلَوْ كَانَ إِثْبَاتُهُمْ بِاضْطِرَارٍ لَمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ إِلَّا أَنَّا قَدْ عَلِمْنَا بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَدَيَّنُ بِإِثْبَاتِهِمْ وَذَلِكَ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُتَشَاغَلَ بِإِيرَادِهِ وَإِذَا ثَبَتَ وُجُودُهُمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ صِفَةِ النَّارِ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَاخْتُلِفَ فِي صِفَتِهِمْ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ قَالَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ الْجِنُّ أَجْسَادٌ رَقِيقَةٌ بَسِيطَةٌ قَالَ وَهَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ إِنْ ثَبَتَ بِهِ سَمْعٌ وَقَالَ أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ الْجِنُّ أَجْسَامٌ مُؤَلَّفَةٌ وَأَشْخَاصٌ مُمَثَّلَةٌ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَقِيقَةً وَأَنْ تَكُونَ كَثِيفَةً خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّهَا رَقِيقَةٌ وَأَنَّ امْتِنَاعَ رُؤْيَتِنَا لَهُمْ مِنْ جِهَةِ رِقَّتِهَا وَهُوَ مَرْدُودٌ فَإِنَّ الرِّقَّةَ لَيْسَتْ بِمَانِعَةٍ عَنِ الرُّؤْيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَنْ رُؤْيَتِنَا بَعْضُ الْأَجْسَامِ الْكَثِيفَةِ إِذَا لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ فِينَا إِدْرَاكَهَا وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الرَّبِيعِ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَرَى الْجِنَّ أَبْطَلْنَا شَهَادَتَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا انْتَهَى وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَدَّعِي رُؤْيَتَهُمْ عَلَى صُوَرِهِمُ الَّتِي خُلِقُوا عَلَيْهَا وَأَمَّا مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يَرَى شَيْئًا مِنْهُمْ بَعْدَ أَنْ يَتَطَوَّرَ عَلَى صُوَرٍ شَتَّى مِنَ الْحَيَوَانِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ وَقَدْ تَوَارَدَتِ الْأَخْبَارُ بِتَطَوُّرِهِمْ فِي الصُّوَرِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ هُوَ تَخْيِيلٌ فَقَطْ وَلَا يَنْتَقِلُ أَحَدٌ عَنْ صُورَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَقِيلَ بَلْ يَنْتَقِلُونَ لَكِنْ لَا بِاقْتِدَارِهِمْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ بِضَرْبٍ مِنَ الْفِعْلِ إِذَا فَعَلَهُ انْتَقَلَ كَالسِّحْرِ وَهَذَا قَدْ يَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ وَفِيهِ أَثَرٌ عَنْ عُمَرَ أَخْرَجَهُ بن أبي شيبَة بِإِسْنَاد صَحِيح أَن الغيلان ذُكِرُوا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ إِنَّ أَحَدًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْ صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَهُمْ سَحَرَةٌ كَسَحَرَتِكُمْ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَذِّنُوا وَإِذَا ثَبَتَ وُجُودُهُمْ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَصْلِهِمْ فَقِيلَ إِنَّ أَصْلَهُمْ مِنْ وَلَدِ إِبْلِيسَ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا سُمِّيَ شَيْطَانًا وَقِيلَ إِنَّ الشَّيَاطِينَ خَاصَّةً أَوْلَادُ إِبْلِيسَ وَمن عداهم لَيْسُوا من وَلَده وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ الْآتِي فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْجِنِّ يُقَوِّي أَنَّهُمْ نَوْعٌ وَاحِدٌ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ وَاخْتَلَفَ صِنْفُهُ فَمَنْ كَانَ كَافِرًا سُمِّيَ شَيْطَانًا وَإِلَّا قِيلَ لَهُ جِنِّيٌّ وَأَمَّا كَوْنُهُمْ مُكَلَّفِينَ فَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الْجِنُّ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ مُكَلَّفُونَ وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا حَكَى زَرْقَانُ عَنْ بَعْضِ الْحَشْوِيَّةِ أَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ إِلَى أَفْعَالِهِمْ وَلَيْسُوا بِمُكَلَّفِينَ قَالَ وَالدَّلِيلُ لِلْجَمَاعَةِ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَمِّ الشَّيَاطِينِ وَالتَّحَرُّزِ مِنْ شَرِّهِمْ وَمَا أُعِدَّ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ وَهَذِهِ الْخِصَالُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمَنْ خَالَفَ الْأَمْرَ وَارْتَكَبَ النَّهْيَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَالْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَإِذَا تَقَرَّرَ كَوْنُهُمْ مُكَلَّفِينَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ فِيهِمْ نَبِيٌّ مِنْهُمْ أَمْ لَا فَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ إِثْبَاتَ ذَلِكَ قَالَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ الضَّحَّاكِ احْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ رُسُلًا أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ فَلَوْ جَازَ أَنَّ الْمُرَادَ بِرُسُلِ الْجِنِّ رُسُلُ الْإِنْسِ لَجَازَ عَكْسُهُ وَهُوَ فَاسِدٌ انْتَهَى وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ رُسُلَ الْإِنْسِ رُسُلٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ وَرُسُلُ الْجِنِّ بَثَّهُمُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ فَسَمِعُوا كَلَامَ الرُّسُلِ مِنَ الْإِنْسِ وَبَلَّغُوا قَوْمَهُمْ وَلِهَذَا قَالَ قَائِلُهُمْ إِنَّا سمعنَا كتابا أنزل من بعد مُوسَى الْآيَة وَاحْتج بن حَزْمٍ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَكَانَ النَّبِي يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ قَالَ وَلَيْسَ الْجِنُّ مِنْ قَوْمِ الْإِنْسِ فَثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ أَنْبِيَاءُ إِلَيْهِمْ قَالَ وَلَمْ يُبْعَثْ إِلَى الْجِنِّ مِنَ الْإِنْسِ نَبِيٌّ إِلَّا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمُومِ بَعْثَتِهِ إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ بِاتِّفَاقٍ انْتهى وَقَالَ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 6  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست