responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 4  صفحه : 205
قِلَابَةَ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ وَاحْتَجُّوا لِلتَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ إِذَا أقبل اللَّيْل من هَا هُنَا وَأدبر النَّهَار من هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ إِذْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّيْلَ مَحَلًّا لِسِوَى الْفِطْرِ فَالصَّوْمُ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِوَضْعِهِ كَيَوْمِ الْفِطْرِ وَأَجَابُوا أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ رَحْمَةً لَهُمْ لَا يَمْنَعُ التَّحْرِيمَ فَإِنَّ مِنْ رَحْمَتِهِ لَهُمْ أَنْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا مُوَاصَلَتُهُ بِهِمْ بَعْدَ نَهْيِهِ فَلَمْ يَكُنْ تَقْرِيرًا بَلْ تَقْرِيعًا وَتَنْكِيلًا فَاحْتَمَلَ مِنْهُمْ ذَلِكَ لِأَجْلِ مُصْلِحَةِ النَّهْيِ فِي تاكيد زجرهم لأَنهم إِذا باشروه ظَهَرَتْ لَهُمْ حِكْمَةُ النَّهْيِ وَكَانَ ذَلِكَ أُدْعَى إِلَى قُلُوبِهِمْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَلَلِ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّقْصِيرِ فِيمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ وَأَرْجَحُ مِنْ وَظَائِفِ الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْجُوعُ الشَّدِيدُ يُنَافِي ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْوِصَالَ يَخْتَصُّ بِهِ لِقَوْلِهِ لَسْتُ فِي ذَلِكَ مِثْلَكُمْ وَقَوْلُهُ لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ هَذَا مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ مِنِ اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ قُلْتُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ الَّذِي قَدَّمْتُ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ فَإِنَّ الصَّحَابِيَّ صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّمِ الْوِصَالَ وَرَوَى الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَالِ وَلَيْسَ بِالْعَزِيمَةِ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ اللَّهَ قَدْ قَبِلَ وِصَالَكَ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَكَ فَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِصَحِيحٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَمِنْ أَدِلَّةِ الْجَوَازِ إِقْدَامُ الصَّحَابَةِ عَلَى الْوِصَالِ بَعْدَ النَّهْيِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَإِلَّا لَمَا أَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ أَيْضًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ سَوَّى فِي عِلَّةِ النَّهْيِ بَيْنَ الْوِصَالِ وَبَيْنَ تَأْخِيرِ الْفِطْرِ حَيْثُ قَالَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إِنَّهُ فِعْلُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَحْرِيمِ تَأْخِيرِ الْفِطْرِ سِوَى بَعْضِ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَا فِيهِ مِنْ فَطْمِ النَّفْسِ وَشَهَوَاتِهَا وَقَمْعِهَا عَنْ مَلْذُوذَاتِهَا فَلِهَذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ اسْتِوَاءُ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ ثَبَتَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ بِدَلِيلٍ وَفِيهِ جَوَازُ مُعَارَضَةِ الْمُفْتِي فِيمَا أَفْتَى بِهِ إِذَا كَانَ بِخِلَافِ حَالِهِ وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُسْتَفْتِي بِسِرِّ الْمُخَالَفَةِ وَفِيهِ الِاسْتِكْشَافُ عَنْ حِكْمَةِ النَّهْيِ وَفِيهِ ثُبُوتُ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ تَعَالَى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ مَخْصُوصٌ وَفِيهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَرْجِعُونَ إِلَى فِعْلِهِ الْمَعْلُومِ صِفَتُهُ وَيُبَادِرُونَ إِلَى الِائْتِسَاءِ بِهِ إِلَّا فِيمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ وَفِيهِ أَنَّ خَصَائِصَهُ لَا بتأسى بِهِ فِي جَمِيعِهَا وَقَدْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَقَالَ أَبُو شَامَةَ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّشَبُّهُ بِهِ فِي الْمُبَاحِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَيُسْتَحَبُّ التَّنَزُّهُ عَنِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ وَالتَّشَبُّهُ بِهِ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ كَالضُّحَى وَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَالْوِصَالُ مِنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنْ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ لَمْ يُمْنَعِ الِائْتِسَاءُ بِهِ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ بَيَانُ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إِيجَادِ الْمُسَبَّبَاتِ الْعَادِيَاتِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ ظَاهِرٍ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بعده

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 4  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست