responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 501
يَزْعُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُمَا زَنَيَا فِي الْكَعْبَةِ فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ فَوُضِعَا عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيُعْتَبَرَ بِهِمَا فَلَمَّا طَالَتِ الْمُدَّةُ عُبِدَا وَالْبَاقِي نَحْوَهُ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي مِجْلَزٍ نَحْوَهُ وَفِي كِتَابِ مَكَّةَ لِعُمَرَ بْنِ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ قَالَتِ الْأَنْصَارُ إِنَّ السَّعْيَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَنَزَلَتْ وَمِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ قَالَ كَانَ النَّاسُ أَوَّلَ مَا أَسْلَمُوا كَرِهُوا الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَنَمٌ فَنَزَلَتْ فَهَذَا كُلُّهُ يُوَضِّحُ قُوَّةَ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَتَقَدُّمَهَا عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَنْصَارُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا فَرِيقَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَطُوفُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَا يَقْرَبُهُمَا عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ وَاشْتَرَكَ الْفَرِيقَانِ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى التَّوَقُّفِ عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِ كَانَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِهَذَا وَقَدْ أَشَارَ إِلَى نَحْوِ هَذَا الْجَمْعِ الْبَيْهَقِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ قَوْلُ عَائِشَةَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْ فَرَضَهُ بِالسُّنَّةِ وَلَيْسَ مُرَادُهَا نَفْيَ فَرْضِيَّتِهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهَا لَمْ يُتِمَّ اللَّهُ حَجَّ أَحَدِكُمْ وَلَا عُمْرَتَهُ مَا لَمْ يَطُفْ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ ثُمَّ أَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَائِلُ هُوَ الزُّهْرِيُّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ أَيْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْعِلْمُ الْمَتِينُ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ إِنَّ هَذَا لَعِلْمٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَهِيَ الْمُؤَكِّدَةُ وَبِالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ الْخَبَرُ قَوْلُهُ إِنَّ النَّاسَ إِلَّا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ إِنَّمَا سَاغَ لَهُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مَعَ أَنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ أَخْبَرُوهُ أَطْلَقُوا ذَلِكَ لِبَيَانِ الْخَبَرِ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ لَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا وَمُحَصَّلُ مَا أَخْبَرَ بِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْمَانِعَ لَهُمْ مِنَ التَّطَوُّفِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَذْكُرِ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا ظَنُّوا رَفْعَ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَسَأَلُوا هَلْ عَلَيْهِمْ مِنْ حَرَجٍ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا ظَنُّوهُ مِنْ أَنَّ التَّطَوُّفَ بَيْنَهُمَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْمَذْكُورَةِ إِنَّمَا كَانَ مَنْ لَا يَطُوفُ بَيْنَهُمَا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُونَ إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا شَرَحْنَاهُ أَوَّلًا قَوْلُهُ فَأَسْمَعُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْعَيْنِ بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ لِلْمُتَكَلِّمِ وَضَبَطَهُ الدِّمْيَاطِيُّ فِي نُسْخَتِهِ بِالْوَصْلِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْمَذْكُورَةِ فَأُرَاهَا نَزَلَتْ وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ كَانَ لِلرَّدِّ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ الَّذِينَ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِ عِنْدَهُمْ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالَّذِينَ امْتَنَعُوا مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِمَا لَمْ يُذْكَرَا قَوْلُهُ حَتَّى ذكر ذَلِك بعد مَا ذَكَرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ يَعْنِي تَأَخَّرَ نُزُولُ آيَةِ الْبَقَرَةِ فِي الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ آيَةِ الْحَجِّ وَهِي قَوْله تَعَالَى وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَغَيْرِهِ حَتَّى ذُكِرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَفِي تَوْجِيهِهِ عُسْرٌ وَكَأَنَّ قَوْلَهُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مَا ذَكَرَ بِتَقْدِيرِ الْأَوَّلِ إِنَّمَا امْتَنَعُوا مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِأَنَّ قَوْله وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق دَلَّ عَلَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَلَا ذِكْرَ لِلصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِيهِ حَتَّى نَزَلَ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ من شَعَائِر الله بعد نزُول وليطوفوا بِالْبَيْتِ وأَمَّا الثَّانِي فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةً أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافُ بَيْنَ الصَّفَا والمروة وَالله أعلم

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 501
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست