responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 277
قَوْلُهُ وَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ هُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي ذَرٍّ كَرَّرَهُ تَأْكِيدًا لِكَلَامِهِ وَلِرَبْطِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ بَاب إِنْفَاقِ الْمَالِ فِي حَقِّهِ وَأَوْرَدَ فِيهِ الْحَدِيثَ الدَّالَّ عَلَى التَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَدَلِّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ أَحَادِيثَ الْوَعِيدِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَأَمَّا حَدِيثُ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي أُحُدًا ذَهَبًا فَمَحْمُولٌ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ لِأَنَّ جَمْعَ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَكِنِ الْجَامِعُ مسؤول عَنْهُ وَفِي الْمُحَاسَبَةِ خَطَرٌ وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ أَسْلَمَ وَمَا وَرَدَ مِنَ التَّرْغِيبِ فِي تَحْصِيلِهِ وَإِنْفَاقِهِ فِي حَقِّهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ وَثِقَ بِأَنَّهُ يَجْمَعُهُ مِنَ الْحَلَالِ الَّذِي يَأْمَنُ خَطَرَ الْمُحَاسَبَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إِذَا أَنْفَقَهُ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ ذَلِكَ النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْ شَيْئًا كَمَا تَقَدَّمَ شَاهِدُهُ فِي حَدِيثِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْعِلْمِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى جَوَازِ إِنْفَاقِ جَمِيعِ الْمَالِ وَبَذْلِهِ فِي الصِّحَّةِ وَالْخُرُوجِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ مَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى حِرْمَانِ الْوَارِثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا منع مِنْهُ الشَّرْع قَوْلُهُ بَابُ الرِّيَاءِ فِي الصَّدَقَةِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إِبْطَالَ الرِّيَاءِ لِلصَّدَقَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا تَمَحَّضَ مِنْهَا لِحُبِّ الْمَحْمَدَةِ وَالثَّنَاءِ مِنَ الْخَلْقِ بِحَيْثُ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى إِلَى قَوْلِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْم الْكَافرين قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَبَّهَ مُقَارَنَةَ الْمَنِّ والأذى للصدقة أَو إتباعها بذلك بِإِنْفَاقِ الْكَافِرِ الْمُرَائِي الَّذِي لَا يَجِدُ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْئًا مِنْهُ وَمُقَارَنَةُ الرِّيَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِ لِصَدَقَتِهِ أَقْبَحُ مِنْ مُقَارَنَةِ الْإِيذَاءِ وَأَوْلَى أَنْ يُشَبَّهَ بِإِنْفَاقِ الْكَافِرِ الْمُرَائِي فِي إِبْطَالِ إِنْفَاقِهِ اه وَقَالَ بن رَشِيدٍ اقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَلَى الْآيَةِ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ أَخْفَى مِنَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِأَنَّ الْخَفِيَّ رُبَّمَا شُبِّهَ بِالظَّاهِرِ لِيَخْرُجَ مِنْ حَيِّزِ الْخَفَاءِ إِلَى الظُّهُورِ وَلَمَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ رِيَاءً مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ ظَاهِرًا فِي إِبْطَالِ الصَّدَقَةِ شُبِّهَ بِهِ الْإِبْطَالُ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى أَيْ حَالَةُ هَؤُلَاءِ فِي الْإِبْطَالِ كَحَالَةِ هَؤُلَاءِ هَذَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَلَا يبعد أَن يُرَاعى حَال التَّفْصِيل أَيْضًا لِأَنَّ حَالَ الْمَانِّ شَبِيهٌ بِحَالِ الْمُرَائِي لِأَنَّهُ لَمَّا مَنَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وَجْهَ اللَّهِ وَحَالُ الْمُؤْذِي يُشْبِهُ حَالَ الْفَاقِدِ لِلْإِيمَانِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ لِلْمُؤْذِي نَاصِرًا يَنْصُرُهُ لَمْ يُؤْذِهِ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ حَالَةَ الْمُرَائِي أَشَدُّ مِنْ حَالَةِ الْمَانِّ وَالْمُؤْذِي انْتَهَى وَيَتَلَخَّصُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْمُشَبَّهُ بِهِ أَقْوَى مِنَ الْمُشَبَّهِ وَإِبْطَالُ الصَّدَقَةِ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى قَدْ شُبِّهَ بِإِبْطَالِهَا بِالرِّيَاءِ فِيهَا كَانَ أَمر الرِّيَاء أَشد قَوْله وَقَالَ بن عَبَّاس صَلدًا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَصله بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاس هَكَذَا فِي قَوْله فَتَركه صَلدًا أَيْ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِأَعْمَالِ الْكُفَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كسبوا يَوْمَئِذٍ كَمَا تَرَكَ هَذَا الْمَطَرُ الصَّفَا نَقِيًّا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمِنْ طَرِيقِ أَسْبَاطٍ عَنِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ قَوْلُهُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَابِلٌ مَطَرٌ شَدِيدٌ وَالطَّلُّ النَّدَى وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ عُثْمَانَ بِنِ غِيَاثٍ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَابِلٌ قَالَ مَطَرٌ شَدِيدٌ وَالطَّلُّ النَّدَى

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 277
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست