responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 168
فَزَعَمَتْ أَيْ عَائِشَةُ وَهُوَ مَقُولُ عَمْرَةَ وَالزَّعْمُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا قَوْلُهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَوْلُهُ فَاحْثُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِكَسْرِهَا يُقَالُ حَثَا يَحْثُو وَيَحْثِي قَوْلُهُ التُّرَابَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ مِنَ التُّرَابِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُنَّ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ بِالْبُكَاءِ فَلَمَّا لَمْ يَنْتَهِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَسُدَّ أَفْوَاهَهُنَّ بِذَلِكَ وَخَصَّ الْأَفْوَاهَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّوْحِ بِخِلَافِ الْأَعْيُنِ مَثَلًا انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ أَوِ الْمَعْنَى أَعْلِمْهُنَّ أَنَّهُنَّ خَائِبَاتٌ مِنَ الْأَجْرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الصَّبْرِ لِمَا أَظْهَرْنَ مِنَ الْجَزَعِ كَمَا يُقَالُ لِلْخَائِبِ لَمْ يُحَصِّلْ فِي يَدِهِ إِلَّا التُّرَابَ لَكِنْ يُبْعِدُ هَذَا الِاحْتِمَالُ قَوْلَ عَائِشَةَ الْآتِي وَقِيلَ لَمْ يُرَدْ بِالْأَمْرِ حَقِيقَتُهُ قَالَ عِيَاضٌ هُوَ بِمَعْنَى التَّعْجِيزِ أَيْ أَنَّهُنَّ لَا يَسْكُتْنَ إِلَّا بِسَدِّ أَفْوَاهِهِنَّ وَلَا يَسُدُّهَا إِلَّا أَنْ تُمْلَأَ بِالتُّرَابِ فَإِنْ أَمْكَنَكَ فَافْعَلْ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَ النَّاهِيَ لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُنَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُنَّ فَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُرْشِدٌ لِلْمَصْلَحَةِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ أَوْ عَلِمْنَ ذَلِكَ لَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهِنَّ شِدَّةُ الْحُزْنِ لِحَرَارَةِ الْمُصِيبَةِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ فِي بُكَائِهِنَّ زِيَادَةٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمُبَاحِ فَيَكُونُ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ كَرَّرَهُ وَبَالَغَ فِيهِ وَأَمَرَ بِعُقُوبَتِهِنَّ إِنْ لَمْ يَسْكُتْنَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بُكَاءً مُجَرَّدًا وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ وَلَوْ كَانَ لِلتَّحْرِيمِ لَأَرْسَلَ غَيْرَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ لِمَنْعِهِنَّ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ وَيَبْعُدُ تَمَادِي الصَّحَابِيَّاتِ بَعْدَ تَكْرَارِ النَّهْيِ عَلَى فِعْلِ الْأَمْرِ الْمُحَرَّمِ وَفَائِدَةُ نَهْيِهِنَّ عَنِ الْأَمْرِ الْمُبَاحِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَرْسِلْنَ فِيهِ فَيُفْضِي بِهِنَّ إِلَى الْأَمْرِ الْمُحَرَّمِ لِضَعْفِ صَبْرِهِنَّ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ النَّهْيِ عَنِ الْمُبَاحِ عِنْدَ خَشْيَةِ إِفْضَائِهِ إِلَى مَا يَحْرُمُ قَوْلُهُ فَقُلْتُ هُوَ مَقُولُ عَائِشَةَ قَوْلُهُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ بِالرَّاءِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيِ أِلْصَقَهُ بِالرَّغَامِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ التُّرَابُ إِهَانَةً وَإِذْلَالًا وَدَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَا أَمَرَ أَنْ يَفْعَلَهُ بِالنِّسْوَةِ لِفَهْمِهَا مِنْ قَرَائِنِ الْحَالِ أَنَّهُ أَحْرَجَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ لَمْ تَفْعَلْ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ أَيْ لَمْ تُبَلِّغِ النَّهْيَ وَنَفَتْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ نَهَى وَلَمْ يُطِعْنَهُ لِأَنَّ نَهْيَهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ الِامْتِثَالُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ لَمْ تَفْعَلْ أَيِ الْحَثْوَ بِالتُّرَابِ قُلْتُ لَفْظَةُ لَمْ يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الْمَاضِي وَقَوْلُهَا ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ فَمِنْ أَيْنَ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا قَامَتْ عِنْدَهَا قَرِينَةٌ بِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَعَبَّرَتْ عَنْهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي مُبَالَغَةً فِي نَفْيِ ذَلِكَ عَنْهُ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ كَانَ من ألزام النِّسْوَةِ الْمَذْكُورَاتِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ ذَلِكَ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ قَوْلُهُ مِنَ الْعَنَاءِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالْمَدِّ أَيِ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنَ الْعِيِّ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْعُذْرِيِّ الْغَيِّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ بِلَفْظٍ ضِدَّ الرُّشْدِ قَالَ عِيَاضٌ وَلَا وَجْهَ لَهُ هُنَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ لَهُ وَجْهًا وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَلْيَقُ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَعْنَى الْعَنَاءِ الَّتِي هِيَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ قَالَ النَّوَوِيُّ مُرَادُهَا أَنَّ الرَّجُلَ قَاصِرٌ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْإِنْكَارِ وَالتَّأْدِيبِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُفْصِحْ بِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ لِيُرْسِلَ غَيْرَهُ فَيَسْتَرِيحَ مِنَ التَّعَبِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا جَوَازُ الْجُلُوسِ لِلْعَزَاءِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَجَوَازُ نَظَرِ النِّسَاءِ الْمُحْتَجِبَاتِ إِلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَتَأْدِيبِ مَنْ نُهِيَ عَمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُ فِعْلُهُ إِذَا لَمْ يَنْتَهِ وَجَوَازُ الْيَمِينِ لِتَأْكِيدِ الْخَبَرِ تَنْبِيهٌ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَمْرَةَ إِلَّا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا الْقَاسِم بن مُحَمَّد أخرجه بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي أَوَّلِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَدْ نَهَانَا خير النَّاس عَن التَّكَلُّف قَوْله

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست