responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 153
عَنهُ فيسئل عَنْ ذَلِكَ وَيُؤَاخَذُ بِهِ وَقَدْ تُعُقِّبَ اسْتِدْلَالُ الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ حَمْلِ حَدِيثِ الْبَابِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ نَاطِقٌ بِأَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ وَالْآيَةُ وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِيَانِ أَنَّهُ يُعَذَّبُ بِسُنَّتِهِ فَلَمْ يَتَّحِدِ الْمَوْرِدَانِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ فِي سُلُوكِ طَرِيقِ الْجَمْعِ مِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِ الْعُمُومَاتِ وَتَقْيِيدِ بَعْضِ الْمُطْلَقَاتِ فَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ دَالًّا عَلَى تَعْذِيبِ كُلِّ مَيِّتٍ بِكُلِّ بُكَاءٍ لَكِنْ دَلَّتْ أَدِلَّةٌ أُخْرَى عَلَى تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِبَعْضِ الْبُكَاءِ كَمَا سَيَأْتِي تَوْجِيهُهُ وَتَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَنْ كَانَتْ تِلْكَ سُنَّتُهُ أَوْ أَهْمَلَ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَنَّ الَّذِي يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ مَنْ كَانَ رَاضِيًا بِذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ طَرِيقَتُهُ إِلَخْ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ أَيْ كَمَنْ كَانَ لَا شُعُورَ عِنْدَهُ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بِأَنْ نَهَاهُمْ فَهَذَا لَا مُؤَاخَذَةَ عَلَيْهِ بِفِعْلِ غَيره وَمن ثمَّ قَالَ بن الْمُبَارَكِ إِذَا كَانَ يَنْهَاهُمْ فِي حَيَاتِهِ فَفَعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ أَيْ كَمَا اسْتَدَلَّتْ عَائِشَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى أَيْ وَلَا تَحْمِلْ حَامِلَةً ذَنْبًا ذَنْبَ أُخْرَى عَنْهَا وَهَذَا حُمِلَ مِنْهُ لِإِنْكَارِ عَائِشَةَ عَلَى أَنَّهَا أَنْكَرَتْ عُمُومَ التَّعْذِيبِ لِكُلِّ مَيِّتٍ بُكِيَ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ ذُنُوبًا إِلَى حِمْلِهَا وَلَيْسَتْ ذُنُوبًا فِي التِّلَاوَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ فَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ وَمَوْقِعُ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى دَلَّتْ عَلَى أَنَّ النَّفْسَ الْمُذْنِبَةَ لَا يُؤَاخَذُ غَيْرُهَا بِذَنْبِهَا فَكَذَلِكَ الثَّانِيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ النَّفْسَ الْمُذْنِبَةَ لَا يَحْمِلُ عَنْهَا غَيْرُهَا شَيْئًا مِنْ ذُنُوبِهَا وَلَوْ طَلَبَتْ ذَلِكَ وَدَعَتْ إِلَيْهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَسَبُّبٌ وَإِلَّا فَهُوَ يُشَارِكُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ واثقالا مَعَ أثقالهم وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ قَوْلُهُ وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ فِي غَيْرِ نَوْحٍ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى أَوَّلِ التَّرْجَمَةِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَقَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَا رُخِّصَ لَنَا فِي الْبُكَاءِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ فِي غَيْرِ نَوْحٍ أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ لَكِنْ لَيْسَ إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فَاكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ الدَّالَّةِ عَلَى مُقْتَضَاهُ قَوْلُهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا الْحَدِيثَ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ لِابْنِ مَسْعُودٍ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الدِّيَاتِ وَغَيْرِهَا وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ الْقَاتِلَ الْمَذْكُورَ يُشَارِكُ مَنْ صَنَعَ صَنِيعَهُ لِكَوْنِهِ فَتَحَ لَهُ الْبَابَ وَنَهَجَ لَهُ الطَّرِيقَ فَكَذَلِكَ مَنْ كَانَتْ طَرِيقَتُهُ النَّوْحَ عَلَى الْمَيِّتِ يَكُونُ قَدْ نَهَجَ لِأَهْلِهِ تِلْكَ الطَّرِيقَةَ فَيُؤَاخَذُ عَلَى فِعْلِهِ الْأَوَّلِ وَحَاصِلُ مَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يُعَذَّبُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ لَهُ فِيهِ تَسَبُّبٌ فَمَنْ أَثْبَتَ تَعْذِيبَ شَخْصٍ بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَمُرَادُهُ هَذَا وَمَنْ نَفَاهُ فَمُرَادُهُ مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ تَسَبُّبٌ أَصْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى اسْتِدْلَالِ الْبُخَارِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْوِزْرَ يَخْتَصُّ بِالْبَادِئِ دُونَ مَنْ أَتَى بَعْدَهُ فَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ التَّعْذِيبُ بِأَوَّلِ مَنْ سَنَّ النَّوْحَ عَلَى الْمَوْتَى وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَنْفِي الْإِثْمَ عَنْ غَيْرِ الْبَادِئِ فَيُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُعَذَّبُ إِلَّا بِذَنْبٍ بَاشَرَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ قَدْ يُعَذَّبُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ لَهُ فِيهِ تَسَبُّبٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَسْأَلَةِ تَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ قِصَّةِ عُمَرَ مَعَ صُهَيْبٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي ثَالِثِ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ كَانَ يَرَى أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ تَقَعُ عَلَى الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى النَّهْيِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ فَلِذَلِكَ بَادَرَ إِلَى نَهْيِ صُهَيْبٍ وَكَذَلِكَ نَهْيِ حَفْصَةَ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ من طَرِيق نَافِع عَن بن عُمَرَ عَنْهُ وَمِمَّنْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ أَيْضًا عَبْدُ الله

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست