responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 492
وَإِلَّا ثَبَتَ الْجَبْرُ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ بَلْ لِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ يُفَرِّقُ بِهَا بَيْنَ النَّازِلِ مِنَ الْمَنَارَةِ وَالسَّاقِطِ مِنْهَا وَلَكِنْ لَا تَأْثِيرَ لَهَا بَلْ فِعْلُهُ ذَلِكَ وَاقِعٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَتَأْثِيرُ قُدْرَتِهِ فِيهِ بَعْدَ قُدْرَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى بِالْكَسْبِ وَحَاصِلُ مَا تُعْرَفُ بِهِ قُدْرَةُ الْعَبْدِ أَنَّهَا صِفَةٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْفِعْلُ وَالتَّرْكُ عَادَةً وَتَقَعُ عَلَى وَفْقِ الْإِرَادَةِ انْتَهَى وَقَدْ أَطْنَبَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاسْتَظْهَرَ بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ الْوَارِدَةِ عَنِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ وَغَرَضُهُ هُنَا الرَّدُّ عَلَى مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالْمَتْلُوِّ وَلِذَلِكَ أَتْبَعَ هَذَا الْبَابَ بِالتَّرَاجِمِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ مِثْلَ بَابِ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ وَبَابِ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ بِمَسْأَلَةِ اللَّفْظِ وَيُقَالُ لِأَصْحَابِهَا اللَّفْظِيَّةُ وَاشْتَدَّ إِنْكَارُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ وَيُقَالُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَهُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَرَابِيسِيُّ أَحَدُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ النَّاقِلِينَ لِكِتَابِهِ الْقَدِيمِ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَحْمَدَ بَدَّعَهُ وَهَجَرَهُ ثُمَّ قَالَ بِذَلِكَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ رَأْسُ الظَّاهِرِيَّةِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِنَيْسَابُورَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ إِسْحَاقُ وَبَلَغَ ذَلِكَ أَحْمَدَ فَلَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ وَجمع بن أَبِي حَاتِمٍ أَسْمَاءَ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى اللَّفْظِيَّةِ أَنَّهُمْ جَهْمِيَّةٌ فَبَلَغُوا عَدَدًا كَثِيرًا مِنَ الْأَئِمَّةِ وَأَفْرَدَ لِذَلِكَ بَابًا فِي كِتَابِهِ الرَّدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ أَرَادُوا حَسْمَ الْمَادَّةِ صَوْنًا لِلْقُرْآنِ أَنْ يُوصَفَ بِكَوْنِهِ مَخْلُوقًا وَإِذَا حُقِّقَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ لَمْ يُفْصِحْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ حَرَكَةَ لِسَانِهِ إِذَا قَرَأَ قَدِيمَةٌ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مَذْهَبُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ وَأَمَّا التِّلَاوَةُ فَهُمْ عَلَى طَرِيقَتَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالْمَتْلُوِّ وَمِنْهُمْ مَنْ أَحَبَّ تَرْكَ الْقَوْلِ فِيهِ وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فَإِنَّمَا أَرَادَ حَسْمَ الْمَادَّةِ لِئَلَّا يتدرع أَحَدٌ إِلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ثُمَّ أَسْنَدَ مِنْ طَرِيقَيْنِ إِلَى أَحْمَدَ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ وَقَالَ الْقُرْآنُ كَيْفَ تَصَرَّفَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَأَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الثَّانِي مَنْ لَمْ يَفْهَمْ مُرَادَهُ وَهُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْأَوَّلِ وَكَذَا نُقِلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ أَنَّهُ قَالَ الصَّوْتُ مِنَ الْمُصَوِّتِ كَلَامُ اللَّهِ وَهِيَ عِبَارَةٌ رَدِيئَةٌ لَمْ يُرِدْ ظَاهِرَهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ كَوْنِ الْمَتْلُوِّ مَخْلُوقًا وَوَقَعَ نَحْوُ ذَلِكَ لِإِمَامِ الْأَئِمَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ خُزَيْمَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَلَهُ فِي ذَلِكَ مَعَ تَلَامِذَتِهِ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ وَقَدْ أَمْلَى أَبُو بَكْرٍ الضُّبَعِيُّ الْفَقِيهُ أَحَدُ الْأَئِمَّة من تلامذته بن خُزَيْمَةَ اعْتِقَادَهُ وَفِيهِ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا وَلَا مِثْلَ لِكَلَامِهِ لِأَنَّهُ نَفَى الْمِثْلَ عَنْ صِفَاتِهِ كَمَا نَفَى الْمِثْلَ عَنْ ذَاتِهِ وَنَفَى النَّفَادَ عَنْ كَلَامِهِ كَمَا نَفَى الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَقَالَ كل شَيْء هَالك الا وَجهه فاستصوب ذَلِك بن خُزَيْمَةَ وَرَضِيَ بِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ خَالَفَ أَحْمَدَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَنْ تَدَبَّرَ كَلَامَهُ لَمْ يَجِدْ فِيهِ خِلَافًا مَعْنَوِيًّا لَكِنَّ الْعَالِمَ مِنْ شَأْنِهِ إِذَا ابْتُلِيَ فِي رَدِّ بِدْعَةٍ يَكُونُ أَكْثَرُ كَلَامِهِ فِي رَدِّهَا دُونَ مَا يُقَابِلُهَا فَلَمَّا ابْتُلِيَ أَحْمَدُ بِمَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ كَانَ أَكْثَرُ كَلَامِهِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ حَتَّى بَالَغَ فَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ يَقِفُ وَلَا يَقُولُ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرَ مَخْلُوقٍ وَعَلَى مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ لِئَلَّا يتدرع بِذَلِكَ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ بِلَفْظِي مَخْلُوقٌ مَعَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ لَكِنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَى الْبَعْضِ وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَابْتُلِيَ بِمَنْ يَقُولُ أَصْوَاتُ الْعِبَادِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ حَتَّى بَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ وَالْمِدَادُ وَالْوَرَقُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَكَانَ أَكْثَرُ كَلَامِهِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَبَالَغَ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ بِالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَأَطْنَبَ فِي ذَلِكَ حَتَّى نُسِبَ إِلَى أَنَّهُ مِنَ اللَّفْظِيَّةِ مَعَ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الَّذِي يُسْمَعُ مِنَ الْقَارِئِ هُوَ الصَّوْتُ الْقَدِيمُ لَا يُعْرَفُ عَنِ السَّلَفِ وَلَا قَالَه أَحْمد

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 492
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست