responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 406
وَقَالَتِ الْجِسْمِيَّةُ مَعْنَاهُ الِاسْتِقْرَارُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعْنَاهُ ارْتَفَعَ وَبَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ عَلَا وَبَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ الْمُلْكُ وَالْقُدْرَةُ وَمِنْهُ اسْتَوَتْ لَهُ الْمَمَالِكُ يُقَالُ لِمَنْ أَطَاعَهُ أَهْلُ الْبِلَادِ وَقِيلَ مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ التَّمَامُ وَالْفَرَاغُ مِنْ فِعْلِ الشَّيْءِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى وَلما بلغ أشده واستوى فَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ أَتَمَّ الْخَلْقَ وَخَصَّ لَفْظَ الْعَرْشِ لِكَوْنِهِ أَعْظَمَ الْأَشْيَاءِ وَقِيلَ إِنَّ عَلَى فِي قَوْلِهِ عَلَى الْعَرْشِ بِمَعْنَى إِلَى فَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا انْتَهَى إِلَى الْعَرْشِ أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَرْشِ لِأَنَّهُ خَلَقَ الْخلق شَيْئا بعد شَيْء ثمَّ قَالَ بن بَطَّالٍ فَأَمَّا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ قَاهِرًا غَالِبًا مُسْتَوْلِيًا وَقَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَوَى يَقْتَضِي افْتِتَاحَ هَذَا الْوَصْفِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَازِمُ تَأْوِيلِهِمْ أَنَّهُ كَانَ مُغَالَبًا فِيهِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِقَهْرِ مَنْ غَالَبَهُ وَهَذَا مُنْتَفٍ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُجَسِّمَةِ فَفَاسِدٌ أَيْضًا لِأَنَّ الِاسْتِقْرَارَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْحُلُولُ وَالتَّنَاهِي وَهُوَ مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَائِقٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا استويت أَنْت وَمن مَعَك على الْفلك وَقَوْلُهُ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ قَالَ وَأَمَّا تَفْسِيرُ اسْتَوَى عَلَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْحَقُّ وَقَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَصَفَ نَفْسَهُ بِالْعُلَى وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ وَهِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَهُ ارْتَفَعَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ قَالَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ السُّنَّةِ هَلِ الِاسْتِوَاءُ صِفَةُ ذَاتٍ أَوْ صِفَةُ فِعْلٍ فَمَنْ قَالَ مَعْنَاهُ عَلَا قَالَ هِيَ صِفَةُ ذَاتٍ وَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ هِيَ صِفَةُ فِعْلٍ وَإِنَّ اللَّهَ فَعَلَ فِعْلًا سَمَّاهُ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ لَا أَنَّ ذَلِكَ قَائِمٌ بِذَاتِهِ لِاسْتِحَالَةِ قِيَامِ الْحَوَادِثِ بِهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَقَدْ أَلْزَمَهُ مَنْ فَسَّرَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ بِمِثْلِ مَا أَلْزَمَ هُوَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ صَارَ قَاهِرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَيَلْزَمُ أَنَّهُ صَارَ غَالِبًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَالِانْفِصَالُ عَنْ ذَلِكَ لِلْفَرِيقَيْنِ بِالتَّمَسُّكِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حكيما فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ قَالُوا مَعْنَاهُ لَمْ يزل كَذَلِك كَمَا تقدم بَيَانه عَن بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ فُصِّلَتْ وَبَقِيَ مِنْ مَعَانِي اسْتَوَى مَا نُقِلَ عَنْ ثَعْلَبٍ اسْتَوَى الْوَجْهُ اتَّصَلَ وَاسْتَوَى الْقَمَرُ امْتَلَأَ وَاسْتَوَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ تَمَاثَلَا وَاسْتَوَى إِلَى الْمَكَانِ أَقْبَلَ وَاسْتَوَى الْقَاعِدُ قَائِمًا وَالنَّائِمُ قَاعِدًا وَيُمْكِنُ رَدُّ بَعْضِ هَذِهِ الْمَعَانِي إِلَى بَعْضٍ وَكَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنِ بن بَطَّالٍ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِ الْفَارُوقِ بِسَنَدِهِ إِلَى دَاوُدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَعْرَابِيِّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ اللُّغَوِيَّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى فَقَالَ هُوَ عَلَى الْعَرْشِ كَمَا أَخْبَرَ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا مَعْنَاهُ اسْتَوْلَى فَقَالَ اسْكُتْ لَا يُقَالُ اسْتَوْلَى عَلَى الشَّيْءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مُضَادٌّ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ الْأَزْدِيِّ سَمِعْتُ بن الْأَعْرَابِيِّ يَقُولُ أَرَادَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ أَنْ أَجِدَ لَهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الرَّحْمَنُ على الْعَرْش اسْتَوَى بِمَعْنَى اسْتَوْلَى فَقُلْتُ وَاللَّهِ مَا أَصَبْتُ هَذَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى اسْتَوْلَى لَمْ يَخْتَصَّ بِالْعَرْشِ لِأَنَّهُ غَالِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ وَنَقَلَ مُحْيِي السُّنَّةِ الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَأَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ مَعْنَاهُ ارْتَفَعَ وَقَالَ أَبُو عبيد وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا بِنَحْوِهِ وَأَخْرَجَ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْإِقْرَارُ بِهِ إِيمَانٌ وَالْجُحُودُ بِهِ كُفْرٌ وَمِنْ طَرِيقِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سُئِلَ كَيْفَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فَقَالَ الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَعَلَى اللَّهِ الرِّسَالَةُ وَعَلَى رَسُولِهِ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ كُنَّا وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ نَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ وَنُؤْمِنُ بِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش فَقَالَ هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست