responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 387
عُمُومِهِ الْمَلَائِكَةُ وَالْمُسَخَّرُ لَهُ أَفْضَلُ مِنَ الْمُسَخَّرِ وَلِأَنَّ طَاعَةَ الْمَلَائِكَةِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ وَطَاعَةَ الْبَشَرِ غَالِبًا مَعَ الْمُجَاهَدَةِ لِلنَّفْسِ لِمَا طُبِعَتْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّهْوَةِ وَالْحِرْصِ وَالْهَوَى وَالْغَضَبِ فَكَانَتْ عِبَادَتُهُمْ أَشَقَّ وَأَيْضًا فَطَاعَةُ الْمَلَائِكَةِ بِالْأَمْرِ الْوَارِدِ عَلَيْهِمْ وَطَاعَةُ الْبَشَرِ بِالنَّصِّ تَارَةً وَبِالِاجْتِهَادِ تَارَةً وَالِاسْتِنْبَاطِ تَارَةً فَكَانَتْ أَشَقَّ وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ سَلِمَتْ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيَاطِينِ وَإِلْقَاءِ الشُّبَهِ وَالْإِغْوَاءِ الْجَائِزَةِ عَلَى الْبَشَرِ وَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُشَاهِدُ حَقَائِقَ الْمَلَكُوتِ وَالْبَشَرُ لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ إِلَّا بِالْإِعْلَامِ فَلَا يَسْلَمُ مِنْهُمْ مِنْ إِدْخَالِ الشُّبْهَةِ مِنْ جِهَةِ تَدْبِيرِ الْكَوَاكِبِ وَحَرَكَةِ الْأَفْلَاكِ إِلَّا الثَّابِتُ عَلَى دِينِهِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَمُجَاهَدَاتٍ كَثِيرَةٍ وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْآخَرِينَ فَقَدْ قِيلَ إِنَّ حَدِيثَ الْبَابِ أَقْوَى مَا اسْتُدِلَّ بِهِ لِذَلِكَ لِلتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ فِيهِ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْغُلَاةِ فِي ذَلِكَ وَكَمْ مِنْ ذَاكِرٍ لِلَّهِ فِي مَلَإٍ فِيهِمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَأَجَابَ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ نَصًّا وَلَا صَرِيحًا فِي الْمُرَادِ بَلْ يَطْرُقُهُ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَلَأِ الَّذِينَ هُمْ خَيْرٌ مِنَ الْمَلَأِ الذَّاكِرِ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ فَإِنَّهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ فَلَمْ يَنْحَصِرْ ذَلِكَ فِي الْمَلَائِكَةِ وَأَجَابَ آخَرُ وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْخَيْرِيَّةَ إِنَّمَا حَصَلَتْ بِالذَّاكِرِ وَالْمَلَأِ مَعًا فالجانب الَّذِي فِيهِ رب الْعِزَّة خيرا مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ فِيهِ بِلَا ارْتِيَابٍ فَالْخَيْرِيَّةُ حَصَلَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْمُوعِ عَلَى الْمَجْمُوعِ وَهَذَا الْجَوَابُ ظَهَرَ لِي وَظَنَنْتُ أَنَّهُ مُبْتَكَرٌ ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي كَلَامِ الْقَاضِي كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمَلْكَانِيِّ فِي الْجُزْءِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَابَلَ ذِكْرَ الْعَبْدِ فِي نَفْسِهِ بِذِكْرِهِ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَقَابَلَ ذِكْرَ الْعَبْدِ فِي الْمَلَأِ بِذِكْرِهِ لَهُ فِي الْمَلَأِ فَإِنَّمَا صَارَ الذِّكْرُ فِي الْمَلَأِ الثَّانِي خَيْرًا مِنَ الذِّكْرِ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الذَّاكِرُ فِيهِمْ وَالْمَلَأُ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ وَاللَّهُ فِيهِمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَأِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ وَلَيْسَ اللَّهُ فِيهِمْ وَمِنْ أَدِلَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ تَقْدِيمُ الْمَلَائِكَةِ فِي الذِّكْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ شَهِدَ اللَّهُ أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وَأولُوا الْعِلْمِ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مُجَرَّدَ التَّقْدِيمِ فِي الذِّكْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّفْضِيلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهِ بَلْ لَهُ أَسْبَابٌ أُخْرَى كَالتَّقْدِيمِ بِالزَّمَانِ فِي مِثْلِ قَوْله ومنك وَمن نوح وَإِبْرَاهِيم فَقَدَّمَ نُوحًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ لِتَقَدُّمِ زَمَانِ نُوحٍ مَعَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَفْضَلُ وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون وَبَالَغَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَادَّعَى أَنَّ دَلَالَتَهَا لِهَذَا الْمَطْلُوبِ قَطْعِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِعِلْمِ الْمَعَانِي فَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون أَيْ وَلَا مَنْ هُوَ أَعْلَى قَدْرًا مِنَ الْمَسِيحِ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الْكَرُوبِيُّونَ الَّذِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ كَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ قَالَ وَلَا يَقْتَضِي عِلْمُ الْمَعَانِي غَيْرَ هَذَا مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا سِيقَ لِلرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى لِغُلُوِّهِمْ فِي الْمَسِيح فَقيل لَهُم لَنْ يَتَرَفَّعَ الْمَسِيحُ عَنِ الْعُبُودِيَّةِ وَلَا مَنْ هُوَ أَرْفَعُ دَرَجَةً مِنْهُ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّرَقِّيَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّفْضِيلَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَقَامِ وَذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْمَسِيحِ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ الْمَسِيحَ الَّذِي تُشَاهِدُونَهُ لَمْ يَتَكَبَّرْ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ مَنْ غَابَ عَنْكُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا يَتَكَبَّرُ وَالنُّفُوسُ لِمَا غَابَ عَنْهَا أَهَيْبُ مِمَّنْ تُشَاهِدُهُ وَلِأَنَّ الصِّفَاتِ الَّتِي عَبَدُوا الْمَسِيحَ لِأَجْلِهَا مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَلَائِكَةِ فَإِنْ كَانَتْ تُوجِبُ عِبَادَتَهُ فَهِيَ مُوجِبَةٌ لِعِبَادَتِهِمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَنْكِفُونَ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّرَقِّي ثُبُوتُ الْأَفْضَلِيَّةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ احْتَجَّ بِهَذَا الْعَطْفِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَقَالَ هِيَ مُسَاقَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى فِي رَفْعِ الْمَسِيحِ عَنْ مَقَامِ الْعُبُودِيَّةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ عَدَمُ اسْتِنْكَافِهِمْ كَالدَّلِيلِ عَلَى عَدَمِ اسْتِنْكَافِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْآيَةَ سِيقَتْ لِلرَّدِّ عَلَى عَبَدَةِ الْمَسِيحِ وَالْمَلَائِكَةِ فَأُرِيدَ بِالْعَطْفِ الْمُبَالَغَةُ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 387
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست