responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 12  صفحه : 396
(قَوْلُهُ بَابُ جَرِّ الْقَمِيصِ فِي الْمَنَامِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورَ قَبْلَهُ مِنْ وَجه آخر عَن بن شِهَابٍ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى الِاخْتِلَافِ فِي اسْمِ صَحَابِيِّ هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ قَالُوا وَجْهُ تَعْبِيرِ الْقَمِيصِ بِالدِّينِ أَنَّ الْقَمِيصَ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينُ يَسْتُرُهَا فِي الْآخِرَةِ وَيَحْجُبُهَا عَنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير الْآيَةَ وَالْعَرَبُ تُكَنِّي عَنِ الْفَضْلِ وَالْعَفَافِ بِالْقَمِيصِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ إِنَّ اللَّهَ سَيُلْبِسُكَ قَمِيصًا فَلَا تَخْلَعْهُ وَأَخْرَجَهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ التَّعْبِيرِ عَلَى أَنَّ الْقَمِيصَ يُعْبَرُ بِالدِّينِ وَأَنَّ طُولَهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ آثَارِ صَاحِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَهْلَ الدِّينِ يَتَفَاضَلُونَ فِي الدِّينِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَبِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ وَتَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَهَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ مَا يُحْمَدُ فِي الْمَنَامِ وَيُذَمُّ فِي الْيَقَظَةِ شَرْعًا أَعْنِي جَرَّ الْقَمِيص لما ثَبت من الْوَعيد فِي تطويله وَمِثْلُهُ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَيْدِ وَعَكْسُ هَذَا مَا يُذَمُّ فِي الْمَنَامِ وَيُحْمَدُ فِي الْيَقَظَةِ وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا وَسُؤَالِ الْعَالِمِ بِهَا عَنْ تَعْبِيرِهَا وَلَوْ كَانَ هُوَ الرَّائِي وَفِيهِ الثَّنَاءُ عَلَى الْفَاضِلِ بِمَا فِيهِ لِإِظْهَارِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ السَّامِعِينَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا أُمِنَ عَلَيْهِ مِنَ الْفِتْنَةِ بِالْمَدْحِ كَالْإِعْجَابِ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ لِعُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَمَّا يُسْتَشْكَلُ مِنْ ظَاهِرِهِ وَإِيضَاحِ أَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَفْضَلِ مَنْ يَكُونُ أَكْثَرَ ثَوَابًا وَالْأَعْمَالُ عَلَامَاتُ الثَّوَابِ فَمَنْ كَانَ عَمَلُهُ أَكْثَرَ فَدِينُهُ أَقْوَى وَمَنْ كَانَ دِينُهُ أَقْوَى فَثَوَابُهُ أَكْثَرُ وَمَنْ كَانَ ثَوَابُهُ أَكْثَرَ فَهُوَ أَفْضَلُ فَيَكُونُ عُمَرُ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَمُلَخَّصُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِالْمَطْلُوبِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ لَمْ يُعْرَضْ فِي أُولَئِكَ النَّاسِ إِمَّا لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ عُرِضَ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَا يُعْرَضُ أَصْلًا وَأَنَّهُ لَمَّا عُرِضَ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَطْوَلُ مِنْ قَمِيصِ عُمَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سِرُّ السُّكُوتِ عَنْ ذِكْرِهِ الِاكْتِفَاءَ بِمَا عُلِمَ مِنْ أَفْضَلِيَّتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ ذِكْرُهُ فَذَهِلَ عَنْهُ الرَّاوِي وَعَلَى التَّنَزُّلِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَمِيعِ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الصِّدِّيقِ وَقَدْ تَوَاتَرَتْ تَوَاتُرًا مَعْنَوِيًّا فَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَأَقْوَى هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ أَنْ لَا يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ عُرِضَ مَعَ الْمَذْكُورِينَ وَالْمُرَادُ مِنَ الْخَبَرِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَن عمر مِمَّن حصل لَهُ الْفَضْلُ الْبَالِغُ فِي الدِّينِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُصَرح بانحصار ذَلِك فِيهِ وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ إِنَّمَا أَوَّلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّينِ لِأَنَّ الدِّينَ يَسْتُرُ عَوْرَةَ الْجَهْلِ كَمَا يَسْتُرُ الثَّوْبُ عَوْرَةَ الْبَدَنِ قَالَ وَأَمَّا غَيْرُ عُمَرَ فَالَّذِي كَانَ يَبْلُغُ الثُّدِيَّ هُوَ الَّذِي يَسْتُرُ قَلْبَهُ عَنِ الْكُفْرِ وَإِنْ كَانَ يَتَعَاطَى الْمَعَاصِيَ وَالَّذِي كَانَ يَبْلُغُ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ وَفَرْجُهُ بَادٍ هُوَ الَّذِي لَمْ يَسْتُرْ رِجْلَيْهِ عَنِ الْمَشْيِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَالَّذِي يَسْتُرُ رِجْلَيْهِ هُوَ الَّذِي احْتَجَبَ بِالتَّقْوَى مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَالَّذِي يَجُرُّ قَمِيصَهُ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ بِالْعَمَلِ الصَّالح الْخَالِص قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ مَا مُلَخَّصُهُ الْمُرَادُ بِالنَّاسِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُؤْمِنُونَ لِتَأْوِيلِهِ الْقَمِيصَ بِالدِّينِ قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ خُصُوصُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بَلْ بَعْضُهَا وَالْمُرَادَ بِالدِّينِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ كَالْحِرْصِ عَلَى امْتِثَالِ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ الْمَنَاهِي وَكَانَ لِعُمَرَ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ الْعَالِي قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ مَا يُرَى فِي الْقَمِيصِ مِنْ حُسْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُعْبَرُ بِدِينِ لَابِسِهِ قَالَ وَالنُّكْتَةُ فِي الْقَمِيصِ أَنَّ لَابِسَهُ إِذَا اخْتَارَ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 12  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست