responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 12  صفحه : 209
الْحُمَيْدِيِّ الْمَذْكُورَةِ مَا حُذِفَ هُنَا مِنَ الْآيَةِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ من ربكُم وَزَادَ فِيهِ أَيْضًا تَفْسِيرَ قَوْلِهِ فَمَنِ اعْتَدَى أَيْ قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْعَذَابِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لِمَنْ قَتَلَ ابْتِدَاءً وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَعَنْ عِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ يَتَحَتَّمُ الْقَتْلُ وَلَا يَتَمَكَّنُ الْوَلِيُّ مِنْ أَخْذِ الدِّيَةِ وَفِيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ رَفَعَهُ لَا أَعْفُو عَمَّنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَفِي سَنَدِهِ انْقِطَاعٌ قَالَ أَبُو عبيد ذهب بن عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً بِآيَة الْمَائِدَة إِن النَّفس بِالنَّفسِ بَلْ هُمَا مُحَكَّمَتَانِ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ آيَةَ الْمَائِدَةِ مُفَسِّرَةٌ لِآيَةِ الْبَقَرَةِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْسِ نَفْسُ الْأَحْرَارِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ دُونَ الْأَرِقَّاءِ فَإِنَّ أَنْفُسَهُمْ مُتَسَاوِيَةٌ دُونَ الْأَحْرَارِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْمُرَادُ فِي النَّفْسِ بِالنَّفْسِ الْمُكَافِئَةُ لِلْأُخْرَى فِي الْحُدُودِ لِأَنَّ الْحُرَّ لَوْ قَذَفَ عَبْدًا لَمْ يُجْلَدِ اتِّفَاقًا وَالْقَتْلُ قِصَاصًا مِنْ جُمْلَةِ الْحُدُودِ قَالَ وَبَيَّنَهُ قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ فَمِنْ هُنَا يَخْرُجُ الْعَبْدُ وَالْكَافِرُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدَمِهِ وَلَا بِجُرْحِهِ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُسَمَّى مُتَصَدِّقًا وَلَا مُكَفَّرًا عَنهُ قلت مُحَصل كَلَام بن عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى وَكَتَبْنَا عَلَيْهِم فِيهَا أَيْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ النَّفس بِالنَّفسِ مُطْلَقًا فَخَفَّفَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِمَشْرُوعِيَّةِ الدِّيَةِ بَدَلًا عَنِ الْقَتْلِ لِمَنْ عَفَا مِنَ الْأَوْلِيَاءِ عَنِ الْقِصَاصِ وَبِتَخْصِيصِهِ بِالْحُرِّ فِي الْحُرِّ فَحِينَئِذٍ لَا حُجَّةَ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهَا فِي قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ لِأَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا إِنَّمَا يُتَمَسَّكُ مِنْهُ بِمَا لَمْ يَرِدْ فِي شَرْعِنَا مَا يُخَالِفُهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِصَاصٌ وَإِنَّهُ كَانَ فِيهَا الدِّيَةُ فَقَطْ فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ امْتَازَتْ شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهَا جَمَعَتِ الْأَمْرَيْنِ فَكَانَتْ وُسْطَى لَا إِفْرَاطَ وَلَا تَفْرِيطَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُخَيَّرَ فِي الْقَوَدِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَرَّرَهُ الْخَطَّابِيُّ بِأَنَّ الْعَفْوَ فِي الْآيَةِ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْقِصَاصِ أَنْ لَا تَبِعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ عُفِيَ عَنْهُ مِنَ الْقِصَاصِ إِلَى الدِّيَةِ فَعَلَى مُسْتَحِقِّ الدِّيَةِ الِاتِّبَاعُ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ وَعَلَى الْقَاتِلِ الْأَدَاءُ وَهُوَ دَفْعُ الدِّيَةِ بِإِحْسَانٍ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْخِيَارَ فِي الْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ لِلْقَاتِلِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَالْحُجَّةُ لَهُمْ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الرُّبَيِّعِ عَمَّتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَإِنَّهُ حَكَمَ بِالْقِصَاصِ وَلَمْ يُخَيِّرْ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْوَلِيِّ لَأَعْلَمَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَتَحَكَّمَ لِمَنْ ثَبَتَ لَهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ بِأَحَدِهِمَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي أَحَدِهِمَا فَلَمَّا حَكَمَ بِالْقِصَاصِ وَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ أَيْ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ مُخَيَّرٌ بِشَرْطِ أَنْ يَرْضَى الْجَانِي أَنْ يَغْرَمَ الدِّيَةَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ إِنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ طَلَبِ أَوْلِيَاءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ الْقَوَدَ فَأَعْلَمَ أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ نَزَلَ عَلَى أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إِذَا طَلَبَ الْقَوَدَ أُجِيبَ إِلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا ادَّعَاهُ مِنْ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ قَالَ لِلْقَاتِلِ رَضِيتُ أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا عَلَى أَنْ لَا أَقْتُلَكَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُرْهًا وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْقِنَ دَمَ نَفْسِهِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ أَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا سُئِلَ فِي الْعَفْوِ عَلَى مَالٍ إِنْ شَاءَ قَبِلَ ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَعَلَى الْوَلِيِّ اتِّبَاعُ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِكْرَاهِ الْقَاتِلِ عَلَى بَذْلِ الدِّيَةِ وَاسْتُدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ بَدَلٌ مِنْهُ وَقِيلَ الْوَاجِبُ الْخِيَارُ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَكَذَا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ فَقِيلَ نَزَلَتْ فِي حَيَّيْنِ مِنَ الْعَرَبِ كَانَ لِأَحَدِهِمَا طَوْلٌ عَلَى الْآخَرِ فِي الشَّرَفِ فَكَانُوا يَتَزَوَّجُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَإِذَا قتل مِنْهُم

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 12  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست