responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 577
وَقَدْ وَهِمَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ كَمَا تَرَى لَكِنِ اخْتَصَرَ الْقِصَّةَ لِكَوْنِهَا مَوْقُوفَةً وَهَذَا الْفَرْعُ غَرِيبٌ وَهُوَ أَنْ يَنْذُرَ عَنْ غَيْرِهِ فَيَلْزَمُ الْغَيْرَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ ثُمَّ إِذَا تَعَذَّرَ لَزِمَ النَّاذِرُ وَقَدْ كُنْتُ أَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الِابْنَ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَالْتَزَمَ بِهِ ثُمَّ لَمَّا مَاتَ أَمَرَهُ بن عُمَرَ وَسَعِيدٌ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِهِ كَمَا يَفْعَلُ سَائِرَ الْقُرَبِ عَنْهُ كَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا عِنْدَهُمَا بِمَا يَقَعُ مِنَ الْوَالِدِ فِي حَقِّ وَلَدِهِ فَيُعْقَدُ لِوُجُوبِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِي قَول بن عُمَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَوَلَمْ تُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَرْفُوعَ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِالنَّهْي لَكِن جَاءَ عَن بن عُمَرَ التَّصْرِيحُ فَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ وَهُوَ الْهَمْدَانِيُّ بِسُكُونِ الْمِيم عَن بن عُمَرَ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ النَّذْرِ وَجَاءَ بِصِيغَةِ النَّهْيِ الصَّرِيحَةِ فِي رِوَايَةِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ لَا تَنْذُرُوا قَوْلُهُ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّرُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَهِيَ أَعَمُّ وَنَحْوُهَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَأْتِي بن آدَمَ النَّذْرُ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْعَلَاءِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ شَيْئًا وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة عِنْده لَا يقرب من بن آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ قَدَّرَهُ لَهُ وَمَعَانِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمُخْتَلِفَةِ مُتَقَارِبَةٌ وَفِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى تَعْلِيلِ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا النَّهْيِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ على ظَاهره وَمِنْهُم من تَأَوَّلَه قَالَ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ تَكَرَّرَ النَّهْيُ عَنِ النَّذْرِ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِأَمْرِهِ وَتَحْذِيرٌ عَنِ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إِيجَابِهِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى لَا يَفْعَلَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبْطَالُ حُكْمِهِ وَإِسْقَاطُ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذْ كَانَ بِالنَّهْيِ يَصِيرُ مَعْصِيَةً فَلَا يَلْزَمُ وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَجُرُّ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُمْ ضُرًّا وَلَا يُغَيِّرُ قَضَاءً فَقَالَ لَا تَنْذُرُوا عَلَى أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقَدِّرْهُ اللَّهُ لَكُمْ أَوْ تَصْرِفُوا بِهِ عَنْكُمْ مَا قَدَّرَهُ عَلَيْكُمْ فَإِذَا نَذَرْتُمْ فَاخْرُجُوا بِالْوَفَاءِ فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لَازِمٌ لَكُمْ انْتَهَى كَلَامُهُ وَنَسَبَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ لِلْخَطَّابِيِّ وَأَصْلُهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدٍ فِيمَا نَقله بن الْمُنْذِرِ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فَقَالَ كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ يَقُولُ وَجْهُ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ وَالتَّشْدِيدِ فِيهِ لَيْسَ هُوَ أَنْ يَكُونَ مَأْثَمًا وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُوَفَّى بِهِ وَلَا حَمِدَ فَاعِلَهُ وَلَكِنَّ وَجْهَهُ عِنْدِي تَعْظِيمُ شَأْنِ النَّذْرِ وَتَغْلِيظُ أَمْرِهِ لِئَلَّا يُتَهَاوَنَ بِهِ فَيُفَرَّطَ فِي الْوَفَاءِ بِهِ وَيُتْرَكَ الْقِيَامُ بِهِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِمَا وَرَدَ مِنَ الْحَثِّ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْمَازِرِيُّ بِقَوْلِهِ ذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا إِلَى أَنَّ الْغَرَضَ بِهَذَا الْحَدِيثِ التَّحَفُّظُ فِي النَّذْرِ وَالْحَضُّ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ قَالَ وَهَذَا عِنْدِي بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّاذِرَ يَأْتِي بِالْقُرْبَةِ مُسْتَثْقِلًا لَهَا لَمَّا صَارَتْ عَلَيْهِ ضَرْبَةَ لَازِبٍ وَكُلُّ مَلْزُومٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْشَطُ لِلْفِعْلِ نَشَاطَ مُطْلَقِ الِاخْتِيَارِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ أَنَّ النَّاذِرَ لَمَّا لَمْ يَنْذُرِ الْقُرْبَةَ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَفْعَلَ لَهُ مَا يُرِيدُ صَارَ كَالْمُعَاوَضَةِ الَّتِي تَقْدَحُ فِي نِيَّةِ الْمُتَقَرِّبِ قَالَ وَيُشِيرُ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ وَقَوْلُهُ إِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنِ بن آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ قَدَّرَهُ لَهُ وَهَذَا كَالنَّصِّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ اه وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ يَعُمُّ أَنْوَاعَ النَّذْرِ وَالثَّانِي يَخُصُّ نَوْعَ الْمَجَازَاتِ وَزَادَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَيُقَالُ إِنَّ الْإِخْبَارَ بِذَلِكَ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ الْإِعْلَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُغَالِبُ الْقَدَرَ وَلَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِسَبَبِهِ وَالنَّهْيُ عَنِ اعْتِقَادِ خِلَافِ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي ظَنِّ بَعْضِ الْجَهَلَةِ قَالَ وَمُحَصَّلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ مُبَاحٌ إِلَّا إِذَا كَانَ مؤيدا لِتَكَرُّرِهِ عَلَيْهِ فِي أَوْقَاتٍ فَقَدْ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَيَفْعَلُهُ بِالتَّكَلُّفِ مِنْ غَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 577
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست