responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 409
مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ وَالنَّفْعُ مَطْلُوبٌ قَالَ وَأَمَّا الْمُسْتَرِقِي فَإِنَّهُ يَسْأَلُ غَيْرَهُ وَيَرْجُو نَفْعَهُ وَتَمَامُ التَّوَكُّلِ يُنَافِي ذَلِكَ قَالَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ وَصْفُ السَّبْعِينَ بِتَمَامِ التَّوَكُّلِ فَلَا يَسْأَلُونَ غَيْرَهُمْ أَنْ يَرْقِيَهُمْ وَلَا يَكْوِيَهُمْ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ مِنْ شَيْءٍ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَافِظٌ وَقَدِ اعْتَمَدَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَاعْتَمَدَ مُسْلِمٌ عَلَى رِوَايَتِهِ هَذِهِ وَبِأَنَّ تَغْلِيطَ الرَّاوِي مَعَ إِمْكَانِ تَصْحِيحِ الزِّيَادَةِ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ وَالْمَعْنَى الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى التَّغْلِيطِ مَوْجُودٌ فِي الْمُسْتَرِقِي لِأَنَّهُ اعْتَلَّ بِأَنَّ الَّذِي لَا يَطْلُبُ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَرْقِيَهُ تَامُّ التَّوَكُّلِ فَكَذَا يُقَالُ لَهُ وَالَّذِي يَفْعَلُ غَيْرُهُ بِهِ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكِّنَهُ مِنْهُ لِأَجْلِ تَمَامِ التَّوَكُّلِ وَلَيْسَ فِي وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْ جِبْرِيلَ دَلَالَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى وَلَا فِي فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَيْضًا دَلَالَةٌ لِأَنَّهُ فِي مقَام التشريع وتبيين الْأَحْكَامِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا تَرَكَ الْمَذْكُورُونَ الرُّقَى وَالِاسْتِرْقَاءَ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ لِأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكِلَ نَفْسَهُ إِلَيْهِ وَإِلَّا فَالرُّقْيَةُ فِي ذَاتِهَا لَيْسَتْ مَمْنُوعَةً وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا مَا كَانَ شِرْكًا أَوِ احْتَمَلَهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ وَلَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ شِرْكٌ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى عِلَّةِ النَّهْيِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي كِتَابِ الطِّبِّ وَقَدْ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الرُّقَى وَالْكَيِّ قَادِحٌ فِي التَّوَكُّلِ بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الطِّبِّ وَفُرِّقَ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ بِأَنَّ الْبُرْءَ فِيهِمَا أَمْرٌ مَوْهُومٌ وَمَا عَدَاهُمَا مُحَقَّقٌ عَادَةً كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يَقْدَحُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَكْثَرَ أَبْوَابِ الطِّبِّ مَوْهُومٌ وَالثَّانِي أَنَّ الرُّقَى بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى تَقْتَضِي التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ وَالِالْتِجَاءَ إِلَيْهِ وَالرَّغْبَةَ فِيمَا عِنْدَهُ وَالتَّبَرُّكَ بِأَسْمَائِهِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَادِحًا فِي التَّوَكُّلِ لَقَدَحَ الدُّعَاءُ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقَدْ رُقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَقَى وَفَعَلَهُ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فَلَوْ كَانَ مَانِعًا مِنَ اللَّحَاقِ بِالسَّبْعِينَ أَوْ قَادِحًا فِي التَّوَكُّلِ لَمْ يَقَعْ مِنْ هَؤُلَاءِ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ وَأَفْضَلُ مِمَّنْ عَدَاهُمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ السَّبْعِينَ الْمَذْكُورِينَ أَرْفَعُ رُتْبَةً مِنْ غَيْرِهِمْ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَأُبَيِّنُهُ وَجَوَّزَ أَبُو طَالِبِ بْنُ عَطِيَّةَ فِي مُوَازَنَةِ الْأَعْمَالِ أَنَّ السَّبْعِينَ الْمَذْكُورِينَ هُمُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون فِي جنَّات النَّعيم فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ السَّابِقِينَ فَمُسَلَّمٌ والا فَلَا وَقد اخْرُج احْمَد وَصَححهُ بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ واني لأرجو أَن لَا يدخولها حَتَّى تبوؤا أَنْتُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَذُرِّيَّاتِكُمْ مَسَاكِنَ فِي الْجَنَّةِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَزِيَّةَ السَّبْعِينَ بِالدُّخُولِ بِغَيْرِ حِسَابٍ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ بَلْ فِيمَنْ يُحَاسَبُ فِي الْجُمْلَةِ مَنْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْهُمْ وَفِيمَنْ يَتَأَخَّرُ عَنِ الدُّخُولِ مِمَّنْ تَحَقَّقَتْ نَجَاتُهُ وَعُرِفَ مَقَامُهُ مِنَ الْجَنَّةِ يَشْفَعُ فِي غَيْرِهِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ وَسَأَذْكُرُ بَعْدَ قَلِيلٍ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مُحْصَنٍ أَنَّ السَّبْعِينَ أَلْفًا مِمَّنْ يُحْشَرُ مِنْ مَقْبَرَةِ الْبَقِيعِ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ خُصُوصِيَّةٌ أُخْرَى قَوْلُهُ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ تَقَدَّمَ بَيَانُ الطِّيرَةِ فِي كِتَابِ الطِّبِّ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَا يَتَشَاءَمُونَ كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَوْلُهُ وَعَلَى رَبِّهمْ يَتَوَكَّلُونَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُفَسِّرَةً لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَرْكِ الِاسْتِرْقَاءِ وَالِاكْتِوَاءِ وَالطِّيَرَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْعَامِّ بعد الْخَاص لِأَن صفة كل وَاحِدَةً مِنْهَا صِفَةٌ خَاصَّةٌ مِنَ التَّوَكُّلِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي التَّوَكُّلِ فِي بَابُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ قَرِيبًا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ لَا يَسْتَحِقُّ اسْمُ التَّوَكُّلَ إِلَّا مَنْ لَمْ يُخَالِطْ قَلْبَهُ خَوْفٌ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ الْأَسَدُ لَا يَنْزَعِجُ وَحَتَّى لَا يَسْعَى فِي طَلَبِ الرِّزْقِ لِكَوْنِ اللَّهِ ضَمِنَهُ لَهُ وَأَبَى هَذَا الْجُمْهُورُ وَقَالُوا يَحْصُلُ التَّوَكُّلُ بِأَنْ يَثِقَ بِوَعْدِ اللَّهِ وَيُوقِنَ بِأَنَّ قَضَاءَهُ وَاقِعٌ وَلَا يَتْرُكَ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ فِي ابْتِغَاءِ الرِّزْقِ مِمَّا لَا بُد

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 409
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست