responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 102
فَهُمْ دَائِبُونَ فِي شُكْرِهِ مُعْتَرِفُونَ لَهُ بِالتَّقْصِيرِ انْتَهَى وَمُحَصَّلُ جَوَابِهِ أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي أَدَاءِ الْحَقِّ الَّذِي يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِاشْتِغَالِهِ بِالْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ رَاحَةٍ أَوْ لِمُخَاطَبَةِ النَّاسِ وَالنَّظَرِ فِي مَصَالِحِهِمْ وَمُحَارَبَةِ عَدُوِّهِمْ تَارَةً وَمُدَارَاتِهِ أُخْرَى وَتَأْلِيفِ الْمُؤَلَّفَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْجُبُهُ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ وَمُشَاهَدَتِهِ وَمُرَاقَبَتِهِ فَيَرَى ذَلِكَ ذَنْبًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَقَامِ الْعَلِيِّ وَهُوَ الْحُضُورُ فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ وَمِنْهَا أَنَّ اسْتِغْفَارَهُ تَشْرِيعٌ لِأُمَّتِهِ أَوْ مِنْ ذُنُوبِ الْأُمَّةِ فَهُوَ كَالشَّفَاعَةِ لَهُمْ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمَ التَّرَقِّي فَإِذَا ارْتَقَى إِلَى حَالٍ رَأَى مَا قَبْلَهَا دُونَهَا فَاسْتَغْفَرَ مِنَ الْحَالَةِ السَّابِقَةِ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ فِي اسْتِغْفَارِهِ كَانَ مُفَرَّقًا بِحَسَبِ تَعَدُّدِ الْأَحْوَالِ وَظَاهِرُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ يُخَالِفُ ذَلِكَ وَقَالَ الشَّيْخُ السُّهْرَوَرْدِيُّ لَمَّا كَانَ رُوحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ فِي التَّرَقِّي إِلَى مَقَامَاتِ الْقُرْبِ يَسْتَتْبِعُ الْقَلْبَ وَالْقَلْبُ يَسْتَتْبِعُ النَّفْسَ وَلَا رَيْبَ أَنَّ حَرَكَةَ الرُّوحِ وَالْقَلْبِ أَسْرَعُ مِنْ نَهْضَةِ النَّفْسِ فَكَانَتْ خُطَا النَّفْسِ تَقْصُرُ عَنْ مَدَاهُمَا فِي الْعُرُوجِ فَاقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ إِبْطَاءَ حَرَكَةِ الْقَلْبِ لِئَلَّا تَنْقَطِعَ عَلَاقَةُ النَّفْسِ عَنْهُ فَيَبْقَى الْعِبَادُ مَحْرُومِينَ فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْزَعُ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ لِقُصُورِ النَّفْسِ عَنْ شَأْوِ تَرَقِّي الْقَلْبِ وَاللَّهُ اعْلَم

(قَوْلُهُ بَابُ التَّوْبَةِ أَشَارَ)
الْمُصَنِّفُ بِإِيرَادِ هَذَيْنَ الْبَابَيْنِ وَهُمَا الِاسْتِغْفَارُ ثُمَّ التَّوْبَةُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الدُّعَاءِ إِلَى أَنَّ الْإِجَابَةَ تُسْرِعُ إِلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَلَبِّسًا بِالْمَعْصِيَةِ فَإِذَا قَدَّمَ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ قَبْلَ الدُّعَاءِ كَانَ أَمْكَنَ لِإِجَابَتِهِ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست