responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 496
بِالسَّلَامِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ تَزُولُ الْهِجْرَةُ بِمُجَرَّدِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يَبْرَأُ مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا بِعَوْدِهِ إِلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَوَّلًا وَقَالَ أَيْضًا تَرْكُ الْكَلَامِ إِنْ كَانَ يُؤْذِيهِ لَمْ تَنْقَطِعِ الْهِجْرَةُ بِالسَّلَامِ وَكَذَا قَالَ بن الْقَاسِمِ وَقَالَ عِيَاضٌ إِذَا اعْتَزَلَ كَلَامَهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ يَعْنِي وَهَذَا يُؤَيّد قَول بن الْقَاسِمِ قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ يُتَوَقَّى فِيهَا وَتَرْكَ الْمُكَالَمَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّ فِي بَاطِنِهِ عَلَيْهِ شَيْئًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا زَوَالُ الْهِجْرَةِ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَ تَرْكِهِ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثِ فَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ وَاسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ بِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَن بن مَسْعُودٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ مَوْقُوفٍ وَفِيهِ وَرُجُوعُهُ أَنْ يَأْتِيَ فَيُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ أَخَاهُ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَخْتَصُّ بِالْمُؤْمِنِينَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ لِمَنْ يَقُولُ الْكُفَّارُ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُسْلِمِ لِكَوْنِهِ الَّذِي يَقْبَلُ خِطَابَ الشَّرْعِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِالْأُخُوَّةِ فَدَالٌّ عَلَى أَنَّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ الْكَافِرَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَاسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَامْتَنَعَ مِنْ مُكَالَمَتِهِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ أَثِمَ بِذَلِكَ لِأَنَّ نَفْيَ الْحِلِّ يَسْتَلْزِمُ التَّحْرِيمَ وَمُرْتَكِبُ الْحَرَامِ آثِمٌ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْهِجْرَانُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا لِمَنْ خَافَ مِنْ مُكَالَمَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ أَوْ يُدْخِلُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ دُنْيَاهُ مَضَرَّةً فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ جَازَ وَرُبَّ هَجْرٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ عَلَى هَذَا مَا صدر من عَائِشَة فِي حق بن الزبير قَالَ بن التِّينِ إِنَّمَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ إِذَا كَانَ فِي طَاعَةٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ أَوْ أَنْ أُصَلِّيَ وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ أَوْ مُبَاحٍ فَلَا نَذْرَ وَتَرْكُ الْكَلَامِ يُفْضِي إِلَى التَّهَاجُرِ وَهُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَأَجَابَ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ إِنَّمَا هُوَ تَرْكُ السَّلَامِ فَقَطْ وَإِنَّ الَّذِي صَدَرَ مِنْ عَائِشَةَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا امْتَنَعَتْ مِنَ السَّلَامِ عَلَى بن الزُّبَيْرِ وَلَا مِنْ رَدِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ لَمَّا بَدَأَهَا بِالسَّلَامِ وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ نَظِيرَ مَنْ كَانَا فِي بَلَدَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يُكَلِّمُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَيْسَا مَعَ ذَلِكَ مُتَهَاجِرَيْنِ قَالَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ لَا تَأْذَنُ لِأَحَدٍ من الرِّجَال أَن يدْخل عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذن وَمن دخل كَانَ بَينه وَبَينهَا حجاب إِلَّا إِن كَانَ ذَا محرم مِنْهَا وَمَعَ ذَلِك لَا يدْخل عَلَيْهَا حجابها إِلَّا بِإِذْنِهَا فَكَانَت فِي تِلْكَ الْمدَّة منعت بن الزُّبَيْرِ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا كَذَا قَالَ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ الْمَأْخَذِ الَّذِي سَلَكَهُ مِنْ أَوْجُهٍ لَا فَائِدَةَ لِلْإِطَالَةِ بِهَا وَالصَّوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ غَيره أَن عَائِشَة رَأَتْ أَن بن الزُّبَيْرِ ارْتَكَبَ بِمَا قَالَ أَمْرًا عَظِيمًا وَهُوَ قَوْلُهُ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا فَإِنَّ فِيهِ تَنْقِيصًا لِقَدْرِهَا وَنِسْبَةً لَهَا إِلَى ارْتِكَابِ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ التَّبْذِيرِ الْمُوجِبِ لِمَنْعِهَا مِنَ التَّصَرُّفِ فِيمَا رَزَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى مَعَ مَا انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَخَالَتَهُ أُخْتَ أُمِّهِ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ عِنْدَهَا فِي مَنْزِلَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي أَوَائِلِ مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ فَكَأَنَّهَا رَأَتْ أَنَّ فِي ذَلِكَ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ نَوْعَ عُقُوقٍ وَالشَّخْصُ يَسْتَعْظِمُ مِمَّنْ يَلُوذُ بِهِ مَا لَا يَسْتَعْظِمُهُ مِنَ الْغَرِيبِ فَرَأَتْ أَنَّ مُجَازَاتَهُ عَلَى ذَلِكَ بِتَرْكِ مُكَالَمَتِهِ كَمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ عُقُوبَةً لَهُمْ لِتَخَلُّفِهِمْ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ كَلَامِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ مُؤَاخَذَةً لِلثَّلَاثَةِ لِعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِمْ وَازْدِرَاءً بِالْمُنَافِقِينَ لِحَقَارَتِهِمْ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا صَدَرَ مِنْ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ هَجْرَ الْوَالِدِ وَلَدَهُ وَالزَّوْجِ زَوْجَتَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يَتَضَيَّقُ بِالثَّلَاثِ وَاسْتُدِلَّ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَجَرَ نِسَاءَهُ شَهْرًا وَكَذَلِكَ مَا صَدَرَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ فِي اسْتِجَازَتِهِمْ تَرْكَ مُكَالَمَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا مَعَ عِلْمِهِمْ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُهَاجَرَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هُنَا مَقَامَيْنِ أَعْلَى وَأَدْنَى فَالْأَعْلَى اجْتِنَابُ الْإِعْرَاضِ جُمْلَةً فَيَبْذُلُ السَّلَامَ وَالْكَلَامَ وَالْمُوَادَدَةَ بِكُلِّ طَرِيقٍ وَالْأَدْنَى الِاقْتِصَارُ عَلَى السَّلَامِ دُونَ غَيْرِهِ وَالْوَعِيدُ الشَّدِيدُ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ يَتْرُكُ الْمَقَامَ الْأَدْنَى وَأَمَّا الْأَعْلَى فَمَنْ تَركه

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 496
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست