responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 394
بن أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ فَجَعَلُوا يَسْتَفْتُونَهُ وَيُفْتِيهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيمَا يُفْتِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ حَتَّى سُئِلَ فَقَالَ سَمِعت كَذَا أبهم الْمَسْأَلَة وَبَينهَا بن أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعْدٍ فَفِي رِوَايَتِهِ حَتَّى أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَرَاهُ نَجَّارًا فَقَالَ إِنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ فَمَا تَأْمُرنِي فَقَالَ إِذًا سَمِعْتُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ كُنْتُ عِنْد بن عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي قَوْلُهُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كَذَا أَطْلَقَ وَظَاهِرُهُ التَّعْمِيمُ فَيَتَنَاوَلُ صُورَةَ مَا لَا روح فِيهِ لَكِن الَّذِي فهم بن عَبَّاسٍ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ التَّخْصِيصَ بِصُورَةِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ مِنْ قَوْلِهِ كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ فَاسْتَثْنَى مَا لَا رُوحَ فِيهِ كَالشَّجَرِ قَوْلُهُ كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَإِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا وَاسْتِعْمَالُ حَتَّى هُنَا نَظِيرُ اسْتِعْمَالِهَا فِي قَوْلُهُ تَعَالَى حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخياط وَكَذَا قَوْلُهُمْ لَا أَفْعَلُ كَذَا حَتَّى يَشِيبَ الْغُرَابُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ طُولُ تَعْذِيبِهِ وَإِظْهَارُ عَجْزِهِ عَمَّا كَانَ تَعَاطَاهُ وَمُبَالَغَةٌ فِي تَوْبِيخِهِ وَبَيَانُ قُبْحِ فِعْلِهِ وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِنَافِخٍ أَيْ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُعَذَّبًا دَائِمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ عَذَابِ المصورين من حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَأَنَّهُ أَمْرُ تَعْجِيزٍ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ هَذَا الْوَعِيدُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَإِنَّ وَعِيدَ الْقَاتِلِ عَمْدًا يَنْقَطِعُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعَ وُرُودِ تَخْلِيدِهِ بِحَمْلِ التَّخْلِيدِ عَلَى مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ وَهَذَا الْوَعِيدُ أَشَدُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُغَيًّا بِمَا لَا يُمْكِنُ وَهُوَ نَفْخُ الرُّوحِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعَذَّبُ زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ يَتَخَلَّصُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلَ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الزَّجْرُ الشَّدِيدُ بِالْوَعِيدِ بِعِقَابِ الْكَافِرِ لِيَكُونَ أَبْلَغُ فِي الِارْتِدَاعِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَهَذَا فِي حَقِّ الْعَاصِي بِذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ مُسْتَحِلًّا فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى لِلُحُوقِ الْوَعِيدِ بِمَنْ تَشَبَّهَ بِالْخَالِقِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ لَيْسَ بِخَالِقٍ حَقِيقَةً وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَعِيدَ وَقَعَ عَلَى خَلْقِ الْجَوَاهِرِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَعِيدَ لَاحِقٌ بِاعْتِبَارِ الشَّكْلِ وَالْهَيْئَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَوْهَرٍ وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ ذِي الرُّوحِ فَوَرَدَ مَوْرِدَ الرُّخْصَةِ كَمَا قَرَّرْتُهُ وَفِي قَوْلِهِ كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ بِدَارِ تَكْلِيفٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارِ تَكْلِيفٍ بِعَمَلٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ أَوْ عِقَابٌ وَأَمَّا مِثْلُ هَذَا التَّكْلِيفِ فَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ لِأَنَّهُ نَفْسُهُ عَذَابٌ وَهُوَ نَظِيرُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَةٌ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا نَفْسَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ وَأَيْضًا فَالتَّكْلِيفُ بِالْعَمَلِ فِي الدُّنْيَا حَسَنٌ عَلَى مُصْطَلَحِ أَهْلِ عِلْمِ الْكَلَامِ بِخِلَافِ هَذَا التَّكْلِيفِ الَّذِي هُوَ عَذَابٌ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ وَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ وَأَيْضًا فَنَفْخُ الرُّوحِ فِي الْجَمَادِ قَدْ وَرَدَ مُعْجِزَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ يُمْكِنُ وَإِنْ كَانَ فِي وُقُوعِهِ خَرْقُ عَادَةٍ وَالْحَقُّ أَنَّهُ خِطَابُ تَعْجِيزٍ لَا تَكْلِيفَ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ بَيْعِ التَّصَاوِيرِ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ زِيَادَةُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فِي رِوَايَتِهِ أَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لِلرَّجُلِ وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ الْحَدِيثَ مَعَ ضَبْطِ لَفْظِهِ وَإِعْرَابِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَصْوِيرِ مَا لَا رُوحَ لَهُ مِنْ شَجَرٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَجْهًا بِالْمَنْعِ لِأَنَّ مِنَ الْكُفَّارِ مَنْ عَبَدَهَا قُلْتُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَعْذِيبِ مَنْ يُصَوِّرُ مَا فِيهِ رُوحٌ بِمَا ذُكِرَ تَجْوِيزُ تَصْوِيرِ مَا لَا رُوحَ فِيهِ فَإِنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي يَتَنَاوَلُ مَا فِيهِ رُوحٌ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ فَإِنْ خُصَّ مَا فِيهِ رُوحٌ بِالْمَعْنَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِمَّا لَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْآدَمِيِّينَ بصنعته

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست