responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 212
الْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْحَدِيثِ مَنْ غَفَلَ عَنْ أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُعَدَّةِ لِدَفْعِ الْعَوَارِضِ فَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الِاكْتِوَاءَ وَلَا الِاسْتِرْقَاءَ وَلَيْسَ لَهُمْ مَلْجَأٌ فِيمَا يَعْتَرِيهِمُ إِلَّا الدُّعَاءَ وَالِاعْتِصَامَ بِاللَّهِ وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ فَهُمْ غَافِلُونَ عَنْ طِبِّ الْأَطِبَّاءِ وَرُقَى الرُّقَاةِ وَلَا يُحْسِنُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ رَابِعُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِتَرْكِ الرُّقَى وَالْكَيِّ الِاعْتِمَادُ عَلَى اللَّهِ فِي دَفْعِ الدَّاءِ وَالرِّضَا بِقَدَرِهِ لَا الْقَدْحُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ لِثُبُوتِ وُقُوعِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَعَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ لَكِنْ مَقَامُ الرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ أَعْلَى مِنْ تَعَاطِي الْأَسْبَابِ وَإِلَى هَذَا نحا الْخطابِيّ وَمن تبعه قَالَ بن الْأَثِيرِ هَذَا مِنْ صِفَةِ الْأَوْلِيَاءِ الْمُعْرِضِينَ عَنِ الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا وَعَلَائِقِهَا وَهَؤُلَاءِ هُمْ خَوَاصُّ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا وُقُوعُ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلًا وَأَمْرًا لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَعْلَى مَقَامَاتِ الْعِرْفَانِ وَدَرَجَاتِ التَّوَكُّلِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لِلتَّشْرِيعِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ تَوَكُّلِهِ لِأَنَّهُ كَانَ كَامِلَ التَّوَكُّلِ يَقِينًا فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ تَعَاطِي الْأَسْبَابِ شَيْئًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ كَثِيرَ التَّوَكُّلِ لَكِنْ مَنْ تَرَكَ الْأَسْبَابَ وَفَوَّضَ وَأَخْلَصَ فِي ذَلِكَ كَانَ أَرْفَعَ مَقَامًا قَالَ الطَّبَرِيُّ قِيلَ لَا يَسْتَحِقُّ التَّوَكُّلَ إِلَّا مَنْ لَمْ يُخَالِطْ قَلْبَهُ خَوْفٌ مِنْ شَيْءٍ أَلْبَتَّةَ حَتَّى السَّبُعِ الضَّارِي وَالْعَدُوِّ الْعَادِي وَلَا مَنْ لَمْ يَسْعَ فِي طَلَبِ رِزْقٍ وَلَا فِي مُدَاوَاةِ أَلَمٍ وَالْحَقُّ أَنَّ مَنْ وَثِقَ بِاللَّهِ وَأَيْقَنَ أَنَّ قَضَاءَهُ عَلَيْهِ مَاضٍ لَمْ يَقْدَحْ فِي تَوَكُّلِهِ تَعَاطِيهِ الْأَسْبَابَ اتِّبَاعًا لِسُنَّتِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فَقَدْ ظَاهَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَرْبِ بَيْنَ دِرْعَيْنِ وَلَبِسَ عَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرَ وَأَقْعَدَ الرُّمَاةَ عَلَى فَمِ الشِّعْبِ وَخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَأَذِنَ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ وَإِلَى الْمَدِينَةِ وَهَاجَرَ هُوَ وَتَعَاطَى أَسْبَابَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَادَّخَرَ لِأَهْلِهِ قُوتَهُمْ وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ وَهُوَ كَانَ أَحَقَّ الْخَلْقِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ للَّذي سَأَلَهُ أَعْقِلُ نَاقَتِي أَوِ أَدَعُهَا قَالَ اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الِاحْتِرَازَ لَا يَدْفَعُ التَّوَكُّل وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ الطِّيَرَةِ)
بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَقَدْ تُسَكَّنُ هِيَ التَّشَاؤُمُ بِالشِّينِ وَهُوَ مَصْدَرُ تَطَيَّرَ مِثْلُ تَحَيَّرَ حِيرَةً قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَة لم يَجِيء مِنَ الْمَصَادِرِ هَكَذَا غَيْرُ هَاتَيْنِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ سَمِعَ طِيَبَةً وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمُ التِّوَلَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَصْلُ التَّطَيُّرِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَمِدُونَ عَلَى الطَّيْرِ فَإِذَا خَرَجَ أَحَدُهُمْ لِأَمْرٍ فَإِنْ رَأَى الطَّيْرَ طَارَ يَمْنَةً تَيَمَّنَ بِهِ وَاسْتَمَرَّ وَإِنْ رَآهُ طَارَ يَسْرَةً تَشَاءَمَ بِهِ وَرَجَعَ وَرُبَّمَا كَانَ أَحَدُهُمْ يُهَيِّجُ الطَّيْرَ لِيَطِيرَ فَيَعْتَمِدُهَا فَجَاءَ الشَّرْعُ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ السَّانِحَ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ نُونٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَالْبَارِحُ بِمُوَحَّدَةٍ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ فَالسَّانِحِ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست