responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 190
مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ الْمَحْذُورَ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدِي فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ تَعْرِيضَ النَّفْسِ لِلْبَلَاءِ وَلَعَلَّهَا لَا تَصْبِرُ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الدَّعْوَى لِمَقَامِ الصَّبْرِ أَوِ التَّوَكُّلِ فَمُنِعَ ذَلِكَ حَذَرًا مِنَ اغْتِرَارِ النَّفْسِ وَدَعْوَاهَا مَا لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاخْتِبَارِ وَأَمَّا الْفِرَارُ فَقَدْ يَكُونُ دَاخِلًا فِي التَّوَغُّلِ فِي الْأَسْبَابِ بِصُورَةِ مَنْ يُحَاوَلُ النَّجَاةَ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَأَمَرَنَا الشَّارِعُ بِتَرْكِ التَّكَلُّفِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَمِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا فَأَمَرَ بِتَرْكِ التَّمَنِّي لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْبَلَاءِ وَخَوْفِ اغْتِرَارِ النَّفْسِ إِذْ لَا يُؤْمَنُ غَدْرُهَا عِنْدَ الْوُقُوعِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْوُقُوعِ تَسْلِيمًا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي قِصَّةِ عُمَرَ مِنَ الْفَوَائِدِ مَشْرُوعِيَّةُ الْمُنَاظَرَةِ وَالِاسْتِشَارَةُ فِي النَّوَازِلِ وَفِي الْأَحْكَامِ وَأَنَّ الِاخْتِلَافِ لَا يُوجِبُ حُكْمًا وَأَنَّ الِاتِّفَاقَ هُوَ الَّذِي يُوجِبُهُ وَأَنَّ الرُّجُوعَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ إِلَى النَّصِّ وَأَنَّ النَّصَّ يُسَمَّى عِلْمًا وَأَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا تَجْرِي بِقَدَرِ اللَّهِ وَعِلْمِهِ وَأَنَّ الْعَالِمَ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ مَا لَا يَكُونُ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَفِيهِ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَبِلُوهُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَلَمْ يَطْلُبُوا مَعَهُ مُقَوِّيًا وَفِيهِ التَّرْجِيحُ بِالْأَكْثَرِ عَدَدًا وَالْأَكْثَرِ تَجْرِبَةً لِرُجُوعِ عُمَرَ لِقَوْلِ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِمَّنْ وَافَقَ رَأْيَهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَإِنَّ مَجْمُوعَ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ مَنْ خَالَفَهُ مِنْ كُلٍّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَوَازَنَ مَا عِنْدَ الَّذِينَ خَالَفُوا ذَلِكَ مِنْ مَزِيدِ الْفَضْلِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ مَا عِنْدَ الْمَشْيَخَةِ مِنَ السِّنِّ وَالتَّجَارِبِ فَلَمَّا تَعَادَلُوا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ رُجِّحَ بِالْكَثْرَةِ وَوَافَقَ اجْتِهَادُهُ النَّصَّ فَلِذَلِكَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى تَوْفِيقِهِ لِذَلِكَ وَفِيهِ تَفَقُّدُ الْإِمَامِ أَحْوَالَ رَعِيَّتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِزَالَةِ ظُلْمِ الْمَظْلُومِ وَكَشْفِ كُرْبَةِ الْمَكْرُوبِ وَرَدْعِ أَهْلِ الْفَسَادِ وَإِظْهَارِ الشَّرَائِعِ وَالشَّعَائِرِ وَتَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ الْمَسِيحُ وَلَا الطَّاعُونُ كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي الْحَج عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ أَتَمَّ مِنْ هَذَا بِلَفْظِ عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ وَقَدَّمْتُ هُنَاكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّجَّالِ وَأَخْرَجَهُ فِي الْفِتَنِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ فَلَا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ وَلَا الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدِ اسْتَشْكَلَ عَدَمُ دُخُولِ الطَّاعُونِ الْمَدِينَةَ مَعَ كَوْنِ الطَّاعُونِ شَهَادَةً وَكَيْفَ قُرِنَ بِالدَّجَّالِ وَمُدِحَتِ الْمَدِينَةُ بِعَدَمِ دُخُولِهِمَا وَالْجَوَابُ أَنَّ كَوْنَ الطَّاعُونِ شَهَادَةً لَيْسَ الْمُرَادُ بِوَصْفِهِ بِذَلِكَ ذَاتَهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَبَبَهُ فَإِذَا اسْتُحْضِرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ طَعْنُ الْجِنِّ حَسُنَ مَدْحُ الْمَدِينَةِ بِعَدَمِ دُخُولِهِ إِيَّاهَا فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ كُفَّارَ الْجِنِّ وَشَيَاطِينَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ دُخُولِ الْمَدِينَةِ وَمَنِ اتَّفَقَ دُخُولُهُ إِلَيْهَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ طَعْنِ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ قِيلَ طَعْنُ الْجِنِّ لَا يَخْتَصُّ بِكُفَّارِهِمْ بَلْ قَدْ يَقَعُ مِنْ مُؤْمِنِيهِمْ قُلْنَا دُخُولُ كُفَّارِ الْإنْسِ الْمَدِينَةَ مَمْنُوعٌ فَإِذَا لَمْ يَسْكُنِ الْمَدِينَةَ إِلَّا مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ جَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَالِصَ الْإِسْلَامِ فَحَصَلَ الْأَمْنُ مِنْ وُصُولِ الْجِنِّ إِلَى طَعْنِهِمْ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْهَا الطَّاعُونُ أَصْلًا وَقَدْ أَجَابَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْمَعْنَى لَا يَدْخُلُهَا مِنَ الطَّاعُونِ مِثْلُ الَّذِي وَقَعَ فِي غَيْرِهَا كَطَاعُونِ عَمَوَاسَ وَالْجَارِفِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي الْجُمْلَة وَلَيْسَ كَذَلِك فقد جزم بن قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ جَمٌّ مِنْ آخِرِهِمُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ بِأَنَّ الطَّاعُونَ لَمْ يَدْخُلِ الْمَدِينَةَ أَصْلًا وَلَا مَكَّةَ أَيْضًا لَكِنْ نَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ فِي الطَّاعُونِ الْعَامِّ الَّذِي كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِخِلَافِ الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَذْكُرِ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ أصلا

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست