responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 109
بِاعْتِبَارِ شِدَّةِ الْمَرَضِ وَخِفَّتِهِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِتَكْفِيرِ الذَّنب ستره أَو محو أَثَره الْمُرَتّب عَلَيْهِ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ حُصُولِ الْمَرَضِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّكْفِيرُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ صَبْرُ الْمُصَابِ أَمْ لَا وَأَبَى ذَلِكَ قَوْمٌ كَالْقُرْطُبِيِّ فِي الْمُفْهِمِ فَقَالَ مَحَلُّ ذَلِكَ إِذَا صَبَرَ الْمُصَابُ وَاحْتَسَبَ وَقَالَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الَّذين إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة الْآيَةَ فَحِينَئِذٍ يَصِلُ إِلَى مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى دَعْوَاهُ بِدَلِيلٍ وَأَنَّ فِي تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ نَظَرًا إِذْ لَمْ يَقَعْ هُنَا صِيغَةُ أَمْرٍ وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَقَعِ التَّصْرِيحُ بِالْأَمْرِ فَسِيَاقُهُ يَقْتَضِي الْحَثَّ عَلَيْهِ وَالطَّلَبَ لَهُ فَفِيهِ مَعْنَى الْأَمْرِ وَعَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ حَمْلُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالتَّقْيِيدِ بِالصَّبْرِ عَلَى الْمُطْلَقَةِ وَهُوَ حَمْلٌ صَحِيحٌ لَكِنْ كَانَ يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ شَيْءٌ مِنْهَا بَلْ هِيَ إِمَّا ضَعِيفَةٌ لَا يُحْتَجُّ بِهَا وَإِمَّا قَوِيَّةٌ لَكِنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِثَوَابٍ مَخْصُوصٍ فَاعْتِبَارُ الصَّبْرِ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ لِحُصُولِ ذَلِكَ الثَّوَابِ الْمَخْصُوصِ مِثْلُ مَا سَيَأْتِي فِيمَنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدٍ هُوَ فِيهَا فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ وَمِثْلُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ فَلَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلٍ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ مَالِهِ ثُمَّ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ تِلْكَ الْمَنْزِلَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ خَالِدًا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ وَأَبُوهُ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ لَكِنْ إِبْهَامُ الصَّحَابِيِّ لَا يَضُرُّ وَحَدِيثُ سَخْبَرَةَ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَزْنُ مَسْلَمَةَ رَفَعَهُ مَنْ أُعْطِيَ فَشَكَرَ وَابْتُلِيَ فَصَبَرَ وَظَلَمَ فَاسْتَغْفَرَ وَظُلِمَ فَغَفَرَ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ وَالْحَدِيثُ الْآتِي قَرِيبًا مَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ يَدْخُلُ فِي هَذَا أَيْضًا هَكَذَا زَعَمَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ أَنَّهُ اسْتَقْرَأَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الصَّبْرِ فَوَجَدَهَا لَا تَعْدُو أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ صَحَّ التَّقْيِيدُ بِالصَّبْرِ مَعَ إِطْلَاقِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الثَّوَابِ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أمره كُله خير وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ اللَّهَ فَلَهُ أَجْرٌ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ فَلَهُ أَجْرٌ فَكُلُّ قَضَاءِ اللَّهِ لِلْمُسْلِمِ خَيْرٌ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِلَفْظِ عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ وَشَكَرَ وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ حَمِدَ وَصَبَرَ فَالْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ أَمْرِهِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَمِمَّنْ جَاءَ عَنْهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْأَجْرَ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُصِيبَةِ بَلْ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِهَا التَّكْفِيرُ فَقَطْ مِنَ السَّلَفِ الْأَوَّلِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَرَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَصْلَهُ فِي النَّسَائِيِّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عِيَاضِ بْنِ غُطَيْفٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ نَعُودُهُ مِنْ شَكْوَى أَصَابَتْهُ فَقُلْنَا كَيْفَ بَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ نُحَيْفَةُ لَقَدْ بَاتَ بِأَجْرٍ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَا بِتُّ بِأَجْرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ وَكَأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعِ الْحَدِيثَ الَّذِي صَرَّحَ فِيهِ بِالْأَجْرِ لِمَنْ أَصَابَتْهُ الْمُصِيبَةُ أَوْ سَمِعَهُ وَحَمَلَهُ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالصَّبْرِ وَالَّذِي نَفَاهُ مُطْلَقُ حُصُولِ الْأَجْرِ الْعَارِي عَنِ الصَّبْرِ وَذَكَرَ بن بَطَّالٍ أَنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَدَلَّ عَلَى حُصُولِ الْأَجْرِ بِالْمَرَضِ بِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمَاضِي فِي الْجِهَادِ بِلَفْظِ إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا قَالَ فَقَدْ زَادَ عَلَى التَّكْفِيرِ وَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِهَذَا إِنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَدَامَ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فَتَفَضَّلَ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 10  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست