responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عون المعبود وحاشية ابن القيم نویسنده : العظيم آبادي، شرف الحق    جلد : 10  صفحه : 254
وَالْحَسَدُ فَنَرَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَمْرِ إِنَّهَا دَاءٌ أَيْ لِمَا فِيهَا مِنَ الْإِثْمِ فَنَقَلَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ وَحَوَّلَهَا عَنْ بَابِ الطَّبِيعَةِ إِلَى بَابِ الشَّرِيعَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ دَوَاءٌ فِي بَعْضِ الْأَسْقَامِ وَفِيهَا مَصَحَّةُ الْبَدَنِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ حِينَ سُئِلَ عَنِ الرَّقُوبِ فَقَالَ هُوَ الَّذِي لَمْ يَمُتْ لَهُ وَلَدٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّقُوبَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الَّذِي لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ وَكَقَوْلِهِ مَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ قَالُوا هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الرِّجَالَ فَقَالَ بَلْ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَكَقَوْلِهِ مَنْ تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ فَقَالُوا هُوَ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ فَقَالَ بَلِ الْمُفْلِسُ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ ظَلَمَ هَذَا وَشَتَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُؤْخَذُ من حسناته لهم ويؤخذ من سيأتهم فَيُلْقَى عَلَيْهِ فَيُطْرَحُ فِي النَّارِ
وَكُلُّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنَى ضَرْبِ الْمَثَلِ وَتَحْوِيلِهِ عَنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلَى مَعْنَى أَمْرِ الْآخِرَةِ فَكَذَلِكَ سُمِّيَتِ الْخَمْرُ دَاءً إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الدِّينِ وَحُرْمَةِ الشَّرِيعَةِ لِمَا يَلْحَقُ شَارِبَهَا مِنَ الْإِثْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَاءً فِي الْبَدَنِ وَلَا سَقَمًا فِي الْجَسَدِ
وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ
وَقَدْ أَبَاحَ التَّدَاوِيِ بِهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ بَعْضُهُمْ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِإِبَاحَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم للعرينة التَّدَاوِي بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ إِلَّا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مِمَّا يُسْتَشْفَى بِهَا فِي بَعْضِ الْعِلَلِ رَخَّصَ لَهُمْ فِي تَنَاوُلِهَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الأمرين اللذين جَمَعَهُمَا هَذَا الْقَائِلُ فَنَصَّ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْحَظْرِ وَعَلَى الْآخَرِ بِالْإِبَاحَةِ وَهُوَ بَوْلُ الْإِبِلِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ مَا فَرَّقَهُ النَّصُّ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا وَيَشْفُونَ بِهَا وَيَتَّبِعُونَ لَذَّاتِهَا فَلَمَّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ صَعُبَ عَلَيْهِمْ تَرْكُهَا وَالنُّزُوعُ عَنْهَا فَغُلِّظَ الْأَمْرُ فِيهَا بِإِيجَابِ الْعُقُوبَةِ عَلَى مُتَنَاوِلِهَا لِيَرْتَدِعُوا وَلِيَكُفُّوا عَنْ شُرْبِهَا وَحُسِمَ الْبَابُ فِي تَحْرِيمِهَا عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا شُرْبًا وَتَدَاوِيًا لِئَلَّا يَسْتَبِيحُوهَا بِعِلَّةِ التَّسَاقُمِ وَالتَّمَارُضِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَأْمُونٌ فِي أَبْوَالِ الْإِبِلِ لِانْحِسَامِ الدَّوَاعِي وَلِمَا عَلَى الطِّبَاعِ مِنَ الْمُؤْنَةِ فِي تَنَاوُلِهَا وَلِمَا فِي النُّفُوسِ مِنِ اسْتِقْذَارِهَا وَالنُّكْرَةِ لَهَا فَقِيَاسُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَسْتَقِيمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ عَنْ طَارِقِ بْنِ سُوَيْدٍ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَاهُ قَالَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ طَارِقِ بْنِ سُوَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

نام کتاب : عون المعبود وحاشية ابن القيم نویسنده : العظيم آبادي، شرف الحق    جلد : 10  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست