responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 8  صفحه : 268
حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أبي الْمليح عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (لَا يقبل الله تَعَالَى صَدَقَة من غلُول وَلَا صَلَاة بِغَيْر طهُور) . الْغلُول: بِضَم الْغَيْن الْخِيَانَة فِي الْمغنم وَالسَّرِقَة من الْغَنِيمَة قبل الْقِسْمَة، يُقَال: غل فِي الْمغنم يغل من بَاب ضرب يضْرب غلولاً، فَهُوَ غال، كل من خَان فِي شَيْء خُفْيَة فقد غل، وَسميت غلولاً لِأَن الْأَيْدِي فِيهَا مغلولة أَي مَمْنُوعَة مجعول فِيهَا غل وَهُوَ الحديدة الَّتِي تجمع يَد الْأَسير إِلَى عُنُقه، وَيُقَال لَهَا: جَامِعَة، أَيْضا. وَذكر ابْن سَيّده أَنه يُقَال: غل يغل غلولاً وأغل: خَان، وَخص بَعضهم بِهِ الخون فِي الْفَيْء وأغله خونه، وَالْإِغْلَال السّرقَة. قَالَ ابْن السّكيت: لم يسمع فِي الْمغنم إلاَّ غل غلولاً. وَفِي (الصِّحَاح) : يُقَال من الْخِيَانَة: أغل يغل، وَمن الحقد غل يغل وَمن الْغلُول غل يغل بِالضَّمِّ. قَوْله: (وَلَا صَلَاة) نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي فتعم وتشمل سَائِر الصَّلَوَات من الْفَرْض وَالنَّفْل وَالطهُور، بِضَم الطَّاء، وَالْمرَاد بِهِ الْفِعْل، وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين. وَقد قيل: يجوز فتحهَا وَهُوَ بِعُمُومِهِ يتَنَاوَل المَاء وَالتُّرَاب. قَوْله: (وَلَا يقبل إلاَّ مِن كسب طيب) هَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده، وَهُوَ قِطْعَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْآتِي بعد هَذَا. قَوْله: (لقَوْله) أَي: لقَوْل الله تَعَالَى. قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا وَجه تَعْلِيله بقوله تَعَالَى: {ومغفرة خير من صَدَقَة} (الْبَقَرَة: 362) . قلت: تِلْكَ الصَّدَقَة يتبعهَا الْأَذَى يَوْم الْقِيَامَة بِسَبَب الْخِيَانَة، وَنقل عَن بَعضهم وَجه مُطَابقَة التَّرْجَمَة لِلْآيَةِ: أَن الْأَذَى بعد الصَّدَقَة يُبْطِلهَا، فَكيف بالأذى الْمُقَارن لَهَا؟ وَذَلِكَ أَن الغال متصدق بِمَال مَغْصُوب، وَالْغَاصِب مؤذ لصَاحب المَال عَاص بتصرفه فِيهِ، فَكَانَ أولى بالإبطال. وَقَالَ ابْن الْمُنِير. فَإِن قلت: مَا وَجه الْجمع بَين التَّرْجَمَة وَالْآيَة؟ وهلا ذكر قَوْله تَعَالَى: {انفقوا من طَيّبَات مَا كسبتم} (الْبَقَرَة: 762) . قَالَ: قلت: جرى على عَادَته فِي إِيثَار الاستنباط الْخَفي والاتكال فِي الِاسْتِدْلَال الْجَلِيّ على سبق الأفهام لَهُ، وَوجه الاستنباط لَهُ يحْتَمل أَن الْآيَة لَهَا إِثْبَات الصدقةُ غير أَن الصَّدَقَة لما تبعها سَيِّئَة الْأَذَى بطلت، فالغلول غصب إِذا فيقارن الصَّدَقَة فَتبْطل بطرِيق الأولى. قَوْله: {قَول مَعْرُوف} (الْبَقَرَة: 762) . أَي: كَلَام حسن ورد جميل على السَّائِل، وَقيل: دُعَاء صَالح يَدْعُو لَهُ. وارتفاع: قَول، على الِابْتِدَاء وَإِن كَانَ نكرَة لِأَنَّهُ يخصص بِالصّفةِ. وَقَوله: {خير} (الْبَقَرَة: 362) . خَبره وَقَوله: {ومغفرة} (الْبَقَرَة: 362) . أَي: ستر وَتجَاوز من السَّائِل إِذا استطال عَلَيْهِ: {خير من صَدَقَة يتبعهَا أَذَى} (الْبَقَرَة: 362) . بمنة. وَقيل: مغْفرَة، أَي: عَفْو عَن ظلم قولي أَو فعلي خير من صَدَقَة يتبعهَا أَذَى. وَقَالَ الضَّحَّاك: يَقُول: أَن تمسك مَالك خير من أَن تنفقه ثمَّ تتبعه منا وأذى. وَيُقَال: لما علم الله أَن الْفَقِير إِذا رد بِغَيْر نوال يشق عَلَيْهِ، وَرُبمَا يَدْعُو عَلَيْهِ ببسط اللِّسَان وَإِظْهَار الشكوى حث على الصفح وَالْعَفو. ثمَّ قَالَ: {وَالله غَنِي} (الْبَقَرَة: 362) . عَن صَدَقَة الْعباد، وَلَو شَاءَ لأغنى جَمِيع الْخلق، وَلكنه أعْطى الْأَغْنِيَاء لينْظر كَيفَ شكرهم، وابتلى الْفُقَرَاء لينْظر كَيفَ صبرهم: {حَلِيم} (الْبَقَرَة: 362) . لَا يعجل بالعقوبة. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: غَنِي لَا حَاجَة بِهِ إِلَى منفق يمن ويؤذي، حَلِيم عَن معالجته بالعقوبة، وَهَذَا سخط مِنْهُ ووعيد لَهُ. وَالله أعلم.

8 - (بابُ الصَّدَقَةِ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن الصَّدَقَة لَا تقبل إِلَّا من كسب طيب، وَيجوز إِضَافَة لفظ: بَاب، إِلَى مَا بعده، وَيجوز قطعه عَن الْإِضَافَة، وعَلى تَقْدِير الْقطع يكون التَّقْدِير: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ الصَّدَقَة من كسب طيب، يَعْنِي: تقبل الصَّدَقَة الْحَاصِلَة من كسب طيب، أَو التَّقْدِير: الصَّدَقَة إِنَّمَا تقبل من كسب طيب. فَلفظ: الصَّدَقَة، مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ. وَفِي الْوَجْه الأول، مجرور بِالْإِضَافَة، وَلما ذكر فِي الْبَاب الأول فِي التَّرْجَمَة قَوْله: وَلَا تقبل إلاَّ من كسب طيب، تعرض إِلَى بَيَان الْكسْب الطّيب بِهَذِهِ التَّرْجَمَة الَّتِي لم تقع فِي الْكتاب إلاَّ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَابْن شبويه والكشميهني.
لِقَوْلِهِ {ويُرْبى الصَّدَقَاتِ وَالله لاَ يُحِبُّ كلَّ كَفَّارٍ أثيمٍ إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأقَامُوا الصَّلاَةَ واتُوا الزَّكَاةَ لَهُمْ أجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون} (الْبَقَرَة: 672 و 772) .

علل كَون الصَّدَقَة من كسب طيب، بقوله تَعَالَى: {ويربي الصَّدقَات} (الْبَقَرَة: 672 و 772) . أَي: يزِيد فِيهَا ويبارك فِي الدُّنْيَا ويضاعف الثَّوَاب فِي الْآخِرَة، وَالْكَسْب الطّيب هُوَ من الْحَلَال قَالَ تَعَالَى: {انفقوا من طَيّبَات مَا كسبتم} (الْبَقَرَة: 762) . {وكلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} (الْبَقَرَة: 75 و 271، طه: 18) .

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 8  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست