responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 6  صفحه : 134
وَقيل: الْمَالِك أبلغ فِي الْوَصْف لِأَنَّهُ يُقَال: مَالك الدَّار وَمَالك الدَّابَّة، وَلَا يُقَال: ملك إِلَّا لملك من الْمُلُوك. وَقيل: ملك أبلغ فِي الْوَصْف لِأَنَّك إِذا قلت: فلَان ملك هَذِه الْبَلدة يكون كِنَايَة عَن الْولَايَة دون الْملك، وَإِذا قلت: فلَان مَالك هَذِه الْبَلدة كل ذَلِك عبارَة عَن الْملك الْحَقِيقِيّ. وَقَالَ قطرب: الْفرق بَينهمَا أَن ملكا الْملك من الْمُلُوك، وَأما مَالك فَهُوَ مَالك الْمُلُوك، وَقد فسر الْملك فِي الْقُرْآن على معَان مُخْتَلفَة، وَالْمعْنَى هَهُنَا: لَهُ جَمِيع أَصْنَاف الْمَخْلُوقَات. قَوْله: (وَله الْحَمد) ، أَي: جَمِيع حمد أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَجَمِيع أَصْنَاف المحامد الَّتِي بالأعيان والأعراض، بِنَاء على أَن الْألف وَاللَّام لاستغراق الْجِنْس عندنَا، وَلما كَانَ الله مَالك الْملك كُله اسْتحق أَن تكون جَمِيع المحامد لَهُ دون غَيره، فَلَا يجوز أَن يحمد غَيره. وَأما قَوْلهم: حمدت فلَانا على صَنِيعه كَذَا، أَو حمدت الْجَوْهَرَة على صفائها، فَذَاك حمد للخالق فِي الْحَقِيقَة، لِأَن حمد الْمَخْلُوق على فعل أَو صفة حمد للخالق فِي الْحَقِيقَة. قَوْله: (وَهُوَ على كل شَيْء قدير) ، من بَاب التتميم والتكميل، لِأَن الله تَعَالَى، لما كَانَت الوحدانية لَهُ وَالْملك لَهُ وَالْحَمْد لَهُ، فبالضرورة يكون قَادِرًا على كل شَيْء، وَذكره يكون للتتميم والتكميل، والقدير إسم من أَسمَاء الله تَعَالَى: كالقادر والمقتدر، وَله الْقُدْرَة الْكَامِلَة الباهرة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض قَوْله: (لما أَعْطَيْت) أَي: الَّذِي أَعْطيته، وَكَذَلِكَ التَّقْدِير فِي قَوْله: (لما منعت) أَي: الَّذِي منعته. قَوْله: (وَلَا ينفع ذَا الْجد) الْجد، بِالْفَتْح: الْغنى، كَمَا فسره الْحسن الْبَصْرِيّ على مَا يَأْتِي ذكره عَن قريب، وَكَذَا قَالَ الْخطابِيّ، وَيُقَال: هُوَ الْحَظ وَالْبخْت وَالْعَظَمَة، وَكلمَة: من، بِمَعْنى الْبَدَل، كَقَوْل الشَّاعِر:
(فليت لنا من مَاء زَمْزَم شربة ... مبردة باتت على الطهيان)

يُرِيد: لَيْت لنا بدل مَاء زَمْزَم، والطهيان اسْم لبرادة. قلت: الطهيان، بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَالْهَاء وَالْيَاء آخر الْحُرُوف: خَشَبَة يبرد عَلَيْهَا المَاء، ويروى:
فليت لنا من مَاء حمنان شربة
و: حمنان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وبالنونين بَينهمَا ألف: اسْم مَوضِع. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: معنى: مِنْك، هُنَا: عنْدك، أَي: لَا ينفع ذَا الْغنى عنْدك غناهُ، إِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل الصَّالح. وَقَالَ ابْن التِّين: الصَّحِيح عِنْدِي أَنَّهَا لَيست للبدل، وَلَا بِمَعْنى: عِنْد، بل هُوَ كَمَا يَقُول: لَا ينفعك مني شَيْء إِن أَنا أردتك بِسوء. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي (الْفَائِق) : من، فِيهِ كَمَا فِي قَوْلهم: هُوَ من ذَاك، أَي: بدل ذَاك، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {لَو نشَاء لجعلنا مِنْهُم مَلَائِكَة} (الزخرف: 60) . أَي: الْمَحْفُوظ لَا يَنْفَعهُ حَظه بدلك أَي بدل طَاعَتك، وَقَالَ التوربشتي: لَا ينفع ذَا الْغنى مِنْك غناء، وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل بطاعتك. فَمَعْنَى: مِنْك، عنْدك، وَقَالَ ابْن هِشَام: من، تَأتي على خَمْسَة عشر معنى، فَذكر الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع، ثمَّ قَالَ: الْخَامِس الْبَدَل نَحْو: {أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة} (التَّوْبَة: 38) . {لجعلنا مِنْكُم مَلَائِكَة فِي الأَرْض يخلفون} (الزخرف: 60) . لِأَن الْمَلَائِكَة لَا تكون من الْأنس. ثمَّ قَالَ: (وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد) أَي: وَلَا ينفع ذَا الْحَظ حَظه من الدُّنْيَا بدلك، أَي: بدل طَاعَتك، أَو بدل حظك، أَي: بدل حَظه مِنْك. وَقيل: ضمن: ينفع، بِمَعْنى: يمْنَع، وَمَتى علقت من بالجد انعكس الْمَعْنى. وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: قَوْله: (مِنْك) ، يجب أَن يتَعَلَّق: بينفع، وَيَنْبَغِي أَن يكون: ينفع، قد ضمن معنى: يمْنَع، وَمَا قاربه، وَلَا يجوز أَن يتَعَلَّق: مِنْك، بالجد. كَمَا يُقَال: حظي مِنْك كثير، لِأَن ذَلِك نَافِع. ثمَّ الْجد، بِفَتْح الْجِيم فِي جَمِيع الرِّوَايَات، وَمَعْنَاهُ: الْغنى، كَمَا ذَكرْنَاهُ. وَحكى الرَّاغِب: قيل: إِن المُرَاد بالجد أَب الْأَب، وَأب الْأُم، أَي: لَا ينفع أحدا نسبه، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَلَا أَنْسَاب بَينهم} (الْمُؤْمِنُونَ: 101) . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: حُكيَ عَن ابْن عمر والشيباني أَنه رَوَاهُ بِالْكَسْرِ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ لَا ينفع ذَا الِاجْتِهَاد اجتهده، وَأنْكرهُ الطَّبَرِيّ، وَقَالَ الْقَزاز فِي تَوْجِيه إِنْكَاره: الِاجْتِهَاد فِي الْعَمَل نَافِع لِأَن الله قد دَعَا الْخلق إِلَى ذَلِك، فَكيف لَا ينفع عِنْده؟ قَالَ: فَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد الِاجْتِهَاد فِي طلب الدُّنْيَا وتضييع أَمر الْآخِرَة. وَقَالَ غَيره: لَعَلَّ المُرَاد إِنَّه: لَا ينفع بِمُجَرَّدِهِ مَا لم يقارنه الْقبُول، وَذَلِكَ لَا يكون إلاّ بِفضل الله وَرَحمته. وَقَالَ النَّوَوِيّ: الْمَشْهُور الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور فتح الْجِيم، وَمَعْنَاهُ: لَا ينفع ذَا الْغنى مِنْك غناهُ، أَو لَا ينجيه حظك مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل الصَّالح.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: اسْتِحْبَاب هَذَا الذّكر عقيب الصَّلَوَات لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من أَلْفَاظ التَّوْحِيد، وَنسبَة الْأَفْعَال إِلَى الله تَعَالَى، وَالْمَنْع وَالعطَاء، وَتَمام الْقُدْرَة وروى ابْن خُزَيْمَة من حَدِيث أبي بكر: (أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يَقُول فِي دبر الصَّلَوَات: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْكفْر والفقر وَعَذَاب الْقَبْر) . وروى

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 6  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست