مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن عَائِشَة أخْبرت فِيهِ أَن أَبَا بكر إِذا قَامَ فِي مقَام النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يبكي بكاء شَدِيدا حَتَّى لَا يسمع النَّاس قِرَاءَته من شدَّة الْبكاء. فَإِن قلت: هَذَا إِخْبَار عَمَّا سيقع وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَنه بَكَى قلت: هِيَ أخْبرت عَمَّا شاهدته من بكائه فِي صلَاته قبل ذَلِك، وقاست على هَذَا أَنه إِذا قَامَ مقَام النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يبكي أَشد من ذَلِك لرُؤْيَته خلو مَكَان النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَعَ مَا عِنْده من الرقة وَسُرْعَة الْبكاء فَإِن قلت: مَا فِي الحَدِيث شَيْء يدل على أَن أَبَا بكر كَانَ إِمَامًا، فضلا عَن أَنه بكي وَهُوَ إِمَام؟ قلت: جَاءَ فِي حَدِيث هَذَا الْبَاب عَن عَائِشَة: (قلت: يَا رَسُول الله إِن أَبَا بكر رجل رَقِيق، إِذا قَرَأَ الْقُرْآن لَا يملك دمعه) . فَثَبت بِهَذَا أَنه كَانَ يبكي إِذا قَرَأَ الْقُرْآن، وَثَبت أَنه كَانَ إِمَامًا قبل أَن يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ قَرَأَ قبل ذَلِك، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِيهِ: فَاسْتَفْتَحَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَيْثُ انْتهى أَبُو بكر من الْقِرَاءَة، فَدلَّ ذَلِك على أَنه كَانَ يبكي وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن، وَأَنه كَانَ يقْرَأ وَهُوَ إِمَام إِلَى وَقت مَجِيء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فطابق الحَدِيث التَّرْجَمَة من هَذِه الْحَيْثِيَّة. فَافْهَم. فَإِن أحدا مَا نبه على ذَلِك.
ذكر بَقِيَّة الْكَلَام مِمَّا لم نذكرهُ: أما رِجَاله فقد مر ذكرهم غير مرّة، وَإِسْمَاعِيل بن أويس الأصبحي الْمدنِي ابْن أُخْت مَالك بن أنس، وَكلهمْ
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 5 صفحه : 252