responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 5  صفحه : 189
ذَلِك، وَقَالُوا: مَعْنَاهُ: بلغُوا فلَانا أَنِّي أَمرته. قَوْله: (فَليصل بِالنَّاسِ) الْفَاء فِيهِ للْعَطْف، تَقْدِيره: فَقولُوا لَهُ قولي: فَليصل. قَوْله: (فَقيل لَهُ) ، قَائِل ذَلِك عَائِشَة، كَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات. قَوْله: (أسيف) على وزن: فعيل، بِمَعْنى: فَاعل، من الأسف وَهُوَ شدَّة الْحزن، وَالْمرَاد: أَنه رَقِيق الْقلب سريع الْبكاء وَلَا يَسْتَطِيع لغَلَبَة الْبكاء وَشدَّة الْحزن، والأسف عِنْد الْعَرَب شدَّة الْحزن والندم. يُقَال مِنْهُ: أَسف فلَان على كَذَا يأسف، إِذا اشْتَدَّ حزنه، وَهُوَ رجل أسيف وأسوف، وَمِنْه قَول يَعْقُوب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: {يَا أسفي على يُوسُف} (يُوسُف: 84) يَعْنِي: واحزناه واجزعاه تأسفا وتوجعا لفقده. وَقيل: الأسيف: الضَّعِيف من الرِّجَال فِي بطشه. وَأما الأسف فَهُوَ: الغضبان المتلهف. قَالَ تَعَالَى: {فَرجع مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا} (الْأَعْرَاف: 150) . وَسَيَأْتِي بعد سِتَّة أَبْوَاب من حَدِيث ابْن عمر فِي هَذِه الْقِصَّة، (فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: إِنَّه رجل رَقِيق الْقلب إِذا قَرَأَ غَلبه الْبكاء) . وَمن رِوَايَة مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَنْهَا، بِلَفْظ، قَالَت عَائِشَة: (قلت: إِن أَبَا بكر إِذا قَامَ فِي مقامك لم يسمع النَّاس من الْبكاء، فَمر عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) ، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب. قَوْله: (وَأعَاد) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مقَالَته فِي أبي بكر بِالصَّلَاةِ. قَوْله: (فَأَعَادُوا لَهُ) أَي: من كَانَ فِي الْبَيْت، يَعْنِي: الْحَاضِرُونَ لَهُ مقالتهم فِي كَون أبي بكر أسيفا. فَإِن قلت: الْخطاب لعَائِشَة كَمَا ترى، فَمَا وَجه الْجمع؟ قلت: جمع لأَنهم كَانُوا فِي مقَام الموافقين لَهَا على ذَلِك، وَوَقع فِي حَدِيث أبي مُوسَى بِالْإِفْرَادِ، وَلَفظه: فَعَادَت، وَفِي رِوَايَة ابْن عمر: فعاودته. قَوْله: (فَأَعَادَ الثَّالِثَة) ، أَي: فَأَعَادَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمرة الثَّالِثَة فِي مقَالَته تِلْكَ. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: (فراجعته مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا) .
وَفِي اجْتِهَاد عَائِشَة فِي أَن لَا يتَقَدَّم والدها وَجْهَان: أَحدهمَا: مَا هُوَ مَذْكُور فِي بعض طرقه. (قَالَت) (وَمَا حَملَنِي على كَثْرَة مُرَاجعَته إلاَّ أَنه لم يَقع فِي قلبِي أَن يحب النَّاس من بعده رجلا قَامَ مقَامه أبدا، وَكنت أرى أَنه لن يقوم أحد مقَامه إلاَّ تشاءم النَّاس بِهِ، فَأَرَدْت أَن يعدل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أبي بكر) . الْوَجْه الثَّانِي: أَنَّهَا علمت أَن النَّاس علمُوا أَن أَبَاهَا يصلح للخلافة، فَإِذا رَأَوْهُ استشعروا بِمَوْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخِلَاف غَيره.
قَوْله: (إنكن صَوَاحِب يُوسُف) أَي: مثل صواحبه فِي التظاهر على مَا يردن من كَثْرَة الإلحاح فِيمَا يُمكن إِلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَن عَائِشَة وَحَفْصَة بالغتا فِي المعاودة إِلَيْهِ فِي كَونه أسيفا لَا يَسْتَطِيع ذَلِك. والصواحب جمع: صَاحِبَة، على خلاف الْقيَاس، وَهُوَ شَاذ. وَقيل: يُرَاد بهَا امْرَأَة الْعَزِيز وَحدهَا، وَإِنَّمَا جمعهَا كَمَا يُقَال: فلَان يمِيل إِلَى النِّسَاء وَإِن كَانَ مَال إِلَى وَاحِدَة، وَعَن هَذَا قيل: إِن المُرَاد بِهَذَا الْخطاب عَائِشَة وَحدهَا، كَمَا أَن المُرَاد زليخا وَحدهَا فِي قصَّة يُوسُف. قَوْله: (فَليصل بِالنَّاسِ) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (للنَّاس) . قَوْله: (فَخرج أَبُو بكر يُصَلِّي) فَإِن قلت: كَيفَ تتَصَوَّر الصَّلَاة وَقت الْخُرُوج؟ قلت: لفط: يُصَلِّي، وَقع حَالا من الْأَحْوَال المنتظرة. وَفِي رِوَايَة: فصلى، بفاء الْعَطف، وَهِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي، وَرِوَايَة غَيرهمَا: يُصَلِّي، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف. وَظَاهره أَنه شرع فِي الصَّلَاة، وَيحْتَمل أَنه تهَيَّأ لَهَا، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة الْأَكْثَرين لِأَنَّهُ حَال، فَفِي حَالَة الْخُرُوج كَانَ متهيأ للصَّلَاة وَلم يكن مُصَليا. فَإِن قلت: فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش: فَلَمَّا دخل فِي الصَّلَاة. قلت: يحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى: فَلَمَّا أَرَادَ الدُّخُول فِي الصَّلَاة، أَو: فَلَمَّا دخل فِي مَكَان الصَّلَاة، وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن أبي عَائِشَة: فَأَتَاهُ الرَّسُول، أَي: بِلَال لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أعلم بِحُضُور الصَّلَاة. وَفِي رِوَايَة: فَقَالَ لَهُ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرك أَن تصلي بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بكر، وَكَانَ رجلا رَقِيقا، يَا عمر! صل بِالنَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عمر: أَنْت أَحَق بذلك) . وَقَول أبي بكر هَذَا لم يرد بِهِ مَا أَرَادَت عَائِشَة. قَالَ النَّوَوِيّ: تَأَوَّلَه بَعضهم على أَنه قَالَه تواضعا وَلَيْسَ كَذَلِك، بل قَالَه للْعُذْر الْمَذْكُور، وَهُوَ أَنه رَقِيق الْقلب كثير الْبكاء، فخشي أَن لَا يسمع النَّاس. وَقيل: يحْتَمل أَن يكون، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فهم من الْإِمَامَة الصُّغْرَى الْإِمَامَة الْكُبْرَى، وَعلم مَا فِي تحملهَا من الْخطر، وَعلم قُوَّة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على ذَلِك فاختاره. وَيُؤَيِّدهُ أَنه عِنْد الْبيعَة أَشَارَ عَلَيْهِم أَن يبايعوه أَو يبايعوا أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح. قَوْله: (فَوجدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَفسه خفَّة) ظَاهره: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجدهَا فِي تِلْكَ الصَّلَاة بِعَينهَا، وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك بعْدهَا. وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن أبي عَائِشَة: فصلى أَبُو بكر تِلْكَ الْأَيَّام، ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجد من نَفسه خفَّة، فعلى هَذَا لَا يتَعَيَّن أَن تكون الصَّلَاة الْمَذْكُورَة هِيَ الْعشَاء، قَوْله: (يهادي بَين رجلَيْنِ) ، بِلَفْظ: الْمَجْهُول من المفاعلة، يُقَال: جَاءَ فلَان يهادي بَين اثْنَيْنِ، إِذا كَانَ يمشي بَينهمَا مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا من ضعفه، متمايلاً، إِلَيْهِمَا فِي مَشْيه من شدَّة الضعْف، وَالرجلَانِ هما: الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَعلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، على مَا يَأْتِي فِي الحَدِيث الثَّانِي من حَدِيثي الْبَاب، وَقد مر فِي بَيَان اخْتِلَاف

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 5  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست