قَوْله: (كنت أغسله) ، أَي: كنت أغسل أثر الْجَنَابَة، قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: لَيْسَ مَعْنَاهُ كَذَا، لِأَن مَعْنَاهُ: كنت أغسل الْمَنِيّ من ثوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَيْسَ الْمَعْنى: أغسل أثر الْمَنِيّ، فعلى هَذَا تذكير الضَّمِير يكون بِاعْتِبَار معنى الْجَنَابَة، لِأَن مَعْنَاهَا: الْمَنِيّ هَهُنَا، وَبَاقِي الْكَلَام فِيهِ قد مر فِيمَا قبله.
232 - حدّثنا عَمْرُو بنُ خالِدٍ قَالَ حَدثنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدثنَا عمْرُو بنُ مَيْمُونِ بنِ مِهْرانَ عنْ سُلَيْمانَ بنِ يسارٍ عنْ عائشَةَ أنَّهَا كانَتْ تَغْسِلُ الَمنِيَّ مِنْ ثَوْبِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ أَرَاهُ فِيهِ بُقْعةً اوْ بُقَعاً.
عَمْرو بن خَالِد، بِفَتْح الْعين، وَلَيْسَ فِي شُيُوخ البُخَارِيّ عمر بن خَالِد بِضَم الْعين. قَوْله: (زُهَيْر) هُوَ ابْن مُعَاوِيَة. قَوْله: (عَمْرو بن مَيْمُون بن مهْرَان) ، بِكَسْر الْمِيم غير منصرف، وَلم يذكر جد عَمْرو فِي هَذَا الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ عَن عَائِشَة من خَمْسَة أوجه إلاَّ فِي هَذَا الْوَجْه، وَفِي هَذَا الْوَجْه نُكْتَة أُخْرَى وَهِي أَن فِيهِ الْإِخْبَار عَن سُلَيْمَان عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، أَنَّهَا كَانَت تغسل على سَبِيل الْغَيْبَة، وَفِي الْأَوْجه الْأَرْبَعَة الْمُتَقَدّمَة الْإِخْبَار عَنْهَا على سَبِيل التَّكَلُّم عَنْهَا. قَوْله: (من ثوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَفِي بعض النّسخ: (من ثوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . قَوْله: (ثمَّ أرَاهُ) من رُؤْيَة الْعين أَي: أبصره، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى الثَّوْب، وَفِي بعض النّسخ: (ثمَّ أرى) ، بِدُونِ الضَّمِير، فعلى هَذَا مفعول: أرى، مَحْذُوف على مَا يَجِيء الْآن. فان قلت: كَيفَ التئام هَذَا بِمَا قبله، لِأَن مَا قبله إِخْبَار عَن سُلَيْمَان وَقَوله: ثمَّ أرَاهُ، نقل عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا قلت فِيهِ مَحْذُوف تَقْدِيره قَالَت ثمَّ أرَاهُ وَهَذَا الْوَجْه من كَلَام الْكرْمَانِي أَن أول الْكَلَام نقل بِالْمَعْنَى عَن لفظ عَائِشَة وَآخره نقل للفظها بِعَيْنِه. قَوْله: (فِيهِ) أَي: فِي الثَّوْب، هَذَا على تَقْدِير أَن يكون: أرى، بِدُونِ الضَّمِير الْمَنْصُوب، وَالتَّقْدِير: ثمَّ أرى فِي الثَّوْب بقْعَة، فَيكون انتصاب بقْعَة على المفعولية. وَأما على تَقْدِير: أرَاهُ، بالضمير الْمَنْصُوب، فمرجعه يكون الْأَثر الَّذِي يدل عَلَيْهِ وَقَوله: (تغسل الْمَنِيّ من ثوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: أرى أثر الْغسْل فِي الثَّوْب بقْعَة. قَوْله: (أَو بقعاً) ، الظَّاهِر أَنه من كَلَام عَائِشَة، وَيحْتَمل أَن يكون شكا من سُلَيْمَان أَو من أحد الروَاة. وَالله تَعَالَى أعلم.
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 3 صفحه : 149