قيل: لَا يُطَابق الحَدِيث التَّرْجَمَة. والمطابق أَن يَقُول: إِلْقَاء الْقدر العَبْد إِلَى النّذر، لِأَن لفظ الحَدِيث يلقيه الْقدر.
قلت: فِي رِوَايَة الْكشميهني: يلقيه النّذر، وَمن عَادَة البُخَارِيّ أَنه يترجم بِمَا ورد فِي بعض طرق الحَدِيث وَإِن لم يسق ذَلِك اللَّفْظ بِعَيْنِه، وَقد غفل عَمَّا فِي رِوَايَة الْكشميهني من الْمُطَابقَة فَلذَلِك ادّعى عدم الْمُطَابقَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: التَّرْجَمَة مَقْلُوبَة إِذْ الْقدر يلقِي العَبْد إِلَى النّذر لقَوْله: (يلقيه الْقدر) .
قلت: هما صادقان، إِذْ بِالْحَقِيقَةِ الْقدر هُوَ الْموصل وبالظاهر هُوَ النّذر، لَكِن كَانَ الأولى فِي التَّرْجَمَة الْعَكْس ليُوَافق الحَدِيث إلاّ أَن يُقَال إنَّهُمَا متلازمان. انْتهى.
قلت: لَو وقف الْكرْمَانِي أَيْضا على رِوَايَة الْكشميهني لما تكلّف فِيمَا تعسف.
وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الشختياني الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَمعمر هُوَ ابْن رَاشد، وَهَمَّام بن مُنَبّه بِضَم الْمِيم وَفتح النُّون وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (لَا يَأْتِي ابْن آدم) فَاعل: لَا يَأْتِي، النّذر، وَابْن آدم مَفْعُوله. وَهُوَ قريب من معنى قَوْله فِي الحَدِيث السَّابِق: إِنَّه لَا يرد شَيْئا قد وَقع. قَوْله: (لَا يَأْتِي) بِالْيَاءِ فِي الْأُصُول، وَفِي رِوَايَة أبي الْحسن: لَا يأتِ، بِدُونِ الْيَاء كَأَنَّهُ كتبه على الْوَصْل مثل قَوْله: {سَنَدع الزَّبَانِيَة} (العلق: 81) بِغَيْر وَاو. قَوْله: (لم يكن قدرته) صفة لقَوْله: بِشَيْء قَالَ الْكرْمَانِي: وَقدرته بِصِيغَة الْمُتَكَلّم، ويروى: قدر بِهِ، بِلَفْظ الْمَجْهُول الْغَائِب وَالْجَار وَالْمَجْرُور. قَوْله: (وَلَكِن يلقيه الْقدر) من الْإِلْقَاء، وَيُقَال: معنى، لم يكن قدرته، أما مَا قدرت عَلَيْهِ الشدَّة فيحملها عَنهُ وَالنّذر لَا يحل عَنهُ الشدَّة بنذره، وَيكون ذَلِك النّذر استخرجه من الْبَخِيل للشدة الَّتِي عرضت لَهُ. قَوْله: (وَلَكِن يلقيه الْقدر) من الْإِلْقَاء، وَقيل: بِالْفَاءِ وَالْقَاف. قَوْله: (استخرج) بِلَفْظ الْمُتَكَلّم من الْمُضَارع.
7 - (بابُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاّ بِاللَّه)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، وَمعنى: لَا حول لَا تَحْويل للْعَبد فِي مَعْصِيّة الله إلاّ بعصمة الله، وَلَا قُوَّة لَهُ على طَاعَة الله إِلَّا بِتَوْفِيق الله. وَقيل: معنى لَا حول لَا حِيلَة، وَقَالَ النَّوَوِيّ: هِيَ كلمة استسلام وتفويض، وَأَن العَبْد لَا يملك من أمره شَيْئا لَيْسَ لَهُ حِيلَة فِي دفع شَرّ وَلَا قُوَّة فِي جلب خير إلاَّ بِإِرَادَة الله عز وَجل.
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 23 صفحه : 154