أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} وَالْقدر بِالْفَتْح والسكون مَا يقدره الله من الْقَضَاء، وبالفتح اسْم لما صَدره مَقْدُورًا على فعل الْقَادِر كالهدم لما صدر عَن فعل الهادم، يُقَال: قدرت الشَّيْء بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف بِمَعْنى فَهُوَ قدر، أَي: مَقْدُور، وَالتَّقْدِير: تبين الشَّيْء. قَوْله: {قدرا مَقْدُورًا} أَي: حكما مَقْطُوعًا بِوُقُوعِهِ، وَقَالَ الْمُهلب: غَرَضه فِي الْبَاب أَن يبين أَن جَمِيع مخلوقات الله عز وَجل بأَمْره بِكَلِمَة: كن، من حَيَوَان أَو غَيره وحركات الْعباد وَاخْتِلَاف إرادتهم وأعمالهم من الْمعاصِي أَو الطَّاعَات كل مُقَدّر بالأزمان والأوقات لَا زِيَادَة فِي شَيْء مِنْهَا وَلَا نُقْصَان عَنْهَا وَلَا تَأْخِير لشَيْء مِنْهَا عَن وقته وَلَا يقدم قبل وقته.
1066 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ أبي الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تَسألِ المَرْأةُ طَلاَقَ أُخْتِها لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَها ولْتَنْكحْ، فإنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَإِن لَهَا مَا قدر لَهَا) أَي: من الرزق، كَانَت للزَّوْج زَوْجَة أُخْرَى أَو لم تكن، وَلَا يحصل لَهَا من ذَلِك إلاَّ مَا كتبه الله لَهَا سَوَاء أجابها الزَّوْج أم لم يجبها.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب النِّكَاح فِي: بَاب الشُّرُوط الَّتِي لَا تحل فِي النِّكَاح فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ من حَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا يحل لإمرأة تسْأَل طَلَاق أُخْتهَا لتستفرغ صحفتها، فَإِن لَهَا مَا قدر لَهَا. وَهنا أخرجه عَن عبد الله بن يُوسُف التنيسِي عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج.
قَوْله: (أُخْتهَا) الْأُخْت أَعم من أُخْت الْقَرَابَة أَو غَيرهَا من الْمُؤْمِنَات لِأَنَّهُنَّ أَخَوَات فِي الدّين، وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمَرْأَة أَن تسْأَل الرجل طَلَاق زَوجته لينكحها وَيصير لَهَا من نَفَقَته ومعاشرته مَا كَانَ للمطلقة، فَعبر عَن ذَلِك باستفراغ الصحفة، مجَازًا.