نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 22 صفحه : 168
إِن هَذَا الدّين مَبْنِيّ على الْيُسْر لَا على الْعسر، وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لم أبْعث بالرهبانية وَإِن خير الدّين عِنْد الله الْحَنَفِيَّة السمحة وَإِن أهل الْكتاب هَلَكُوا بِالتَّشْدِيدِ، شَدَّدُوا فَشدد الله عَلَيْهِم) .
6126 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مالِكٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، أنَّها قالَتْ: مَا خُيِّرَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلاَّ أخَذَ أيْسَرَهُما مَا لَمْ يَكُنْ إثْماً، فإنْ كَانَ إثْماً كَانَ أبْعَد النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِنَفْسِهِ فِي شَيْء قَطُّ إِلَّا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله فَيَنْتَقِمَ بِها لله.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (إلاَّ أَخذ أيسرهما) والْحَدِيث مضى فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (مَا خيّر بَين أَمريْن إِلَّا اخْتَار أيسرهما) يُرِيد فِي أَمر دُنْيَاهُ لقَوْله: (مَا لم يكن إِثْمًا) ، وَالْإِثْم لَا يكون إلاّ فِي أَمر الْآخِرَة. قَالَ الْكرْمَانِي: كَيفَ خير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَين أَمريْن أَحدهمَا إِثْم؟ ثمَّ أجَاب بقوله: التَّخْيِير إِن كَانَ من الْكفَّار فَظَاهر، وَإِن كَانَ من الله تَعَالَى أَو من الْمُسلمين فَمَعْنَاه مَا لم يؤد إِلَى إِثْم، كالتخيير بَين المجاهدة فِي الْعِبَادَة والإقتصاد فِيهَا، فَإِن المجاهدة بِحَيْثُ تنجر إِلَى الْهَلَاك غير حائزة. وَقَالَ عِيَاض: يحْتَمل أَن يخيره الله تَعَالَى فِيمَا فِيهِ عقوبتان وَنَحْوه، وَأما قَوْلهَا: (مَا لم يكن إِثْمًا) فيتصور إِذا خَيره الْكفَّار. قَوْله: (إلاَّ أَن تنتهك حُرْمَة الله) يَعْنِي: انتهاك مَا حرمه، وَهُوَ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، يَعْنِي: إِذا انتهكت حُرْمَة الله انتصر لله تَعَالَى وانتقم مِمَّن ارْتكب ذَلِك.