responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 20  صفحه : 240
بَائِنَة وَإِن نوى يَمِينا فَهُوَ يَمِين يكفرهَا وَإِن لم ينْو فرقة وَلَا يَمِينا فَهِيَ كذبة، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه، غير أَنهم قَالُوا: إِن نوى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَة، وَإِن لم ينْو طَلَاقا فَهِيَ يَمِين وَهُوَ قَول. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: إِن نوى طَلَاقا فَهِيَ تطليقه وَهُوَ أملك بهَا وَإِن لم ينْو طَلَاقا فَهِيَ يَمِين يكفرهَا. وَعَن ابْن عمر مثله. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَيْسَ قَوْله: (أَنْت حرَام) بِطَلَاق حَتَّى ينويه فَإِن أَرَادَ الطَّلَاق فَهُوَ مَا أَرَادَ من الطَّلَاق، وَإِن قَالَ: أردْت تجريما لَا طَلَاق كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَلَيْسَ بقول، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: يلْزمه كَفَّارَة ظِهَار، وَهُوَ قَول أبي قلَابَة وَسَعِيد بن جُبَير وَأحمد، وَقيل: إِنَّهَا يَمِين فيكفر، وروى عَن الصّديق وَعمر وَابْن مَسْعُود وَعَائِشَة وَسَعِيد بن الْمسيب وَعَطَاء وَالْأَوْزَاعِيّ وَأبي ثَوْر، وَقيل: لَا شَيْء فِيهِ وَلَا كَفَّارَة كتحريم المَاء، وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ ومسروق وَأبي سَلمَة، وَقَالَ أَبُو سَلمَة: مَا أَدْرِي حرمتهَا أوحرمت الْقُرْآن، وَهُوَ شذوذ.
وَقَالَ أهْلُ العِلْمِ: إذَا طَلَّقَ ثَلاَثا فَقدْ حَرُمَتْ عَليْهِ، فَسَمَّوْهُ حَرَاما بالطَّلاَقِ والفِرَاق، ولَيْسَ هاذَا كالَّذِي يُحَرِّمُ الطعامَ لأنهُ لَا يُقالُ لِطَعامِ الحِلِّ: حرَامٌ، ويُقالُ لِلْمُطَلَّقَةِ: حَرَامٌ. وَقَالَ فِي الطَّلاَقِ ثَلاَثا: لَا تَحِلُّ لهُ حتَّى تَنْكِحَ زَوْجا غَيْرَهُ.
لما وضع التَّرْجَمَة بقوله: من قَالَ لامْرَأَته أَنْت عَليّ حرَام وَلم يذكر الْجَواب فِيهَا أَشَارَ بقوله: (وَقَالَ أهل الْعلم) الخ. إِلَى أَن تَحْرِيم الْحَلَال لَيْسَ على إِطْلَاقه، فَإِن من طلق امْرَأَته ثَلَاثًا تحرم عَلَيْهِ، وَهُوَ معنى قَوْله: (فقد حرمت عَلَيْهِ) فَسَموهُ أَي: فَسَماهُ الْعلمَاء حَرَامًا بِالطَّلَاق، أَي: بقول الرجل: طلقت امْرَأَتي ثَلَاثًا. قَوْله: (والفراق) أَي وَبِقَوْلِهِ: فارقتك، وَمن حرم عَلَيْهِ أكل الطَّعَام لَا يحرم عَلَيْهِ وَهُوَ معنى قَوْله: (وَلَيْسَ هَذَا) أَي: الحكم الْمَذْكُور فِي الطَّلَاق ثَلَاثًا كَالَّذي يحرم الطَّعَام أَي كَحكم الَّذِي يَقُول: هَذَا الطَّعَام على حرَام لَا آكله فَإِنَّهُ لَا يحرم، وَأَشَارَ إِلَى الْفرق بَينهمَا بقوله: لَا يُقَال لطعام الْحل أَي الْحَلَال حرَام، وَيُقَال للمطلقة ثَلَاثًا حرَام. وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِن طَلقهَا} أَي: الثَّالِثَة {فَلَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} (الْبَقَرَة: 032) وَقَالَ الْمُهلب: من نعم الله تَعَالَى على هَذِه الْأمة، فِيمَا خفف عَنْهُم، أَن من قبلهم كَانُوا إِذا حرمُوا على أنفسهم شَيْئا حرم عَلَيْهِم، كَمَا وَقع ليعقوب، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَخفف الله ذَلِك عَن هَذِه الْأمة ونهاهم عَن أَن يحرموا على أنفسهم شَيْئا مِمَّا أحل لَهُم، فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} (الْمَائِدَة: 78) انْتهى. وَحَاصِل الْكَلَام أَن بَين الْمَسْأَلَتَيْنِ فرقا، وَأَن تَحْرِيم الْمُبَاح يَمِين، وَأَن فِيهِ ردا على من لم يفرق بَين قَوْله لامْرَأَته: أَنْت عَليّ حرَام، وَبَين قَوْله: هَذَا الطَّعَام عَليّ حرَام، حَيْثُ لَا يلْزمه شَيْء فيهمَا، كَمَا ذكرنَا عَن قريب من قَالَ ذَلِك، وَذكرنَا أَقْوَال الْعلمَاء فِيهِ.

4625 - حدّثنا وَقَالَ اللَّيْثُ عنْ نافِعٍ: كانَ ابنُ عُمَرَ إذَا سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلاَثا، قَالَ: لوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أوْ مَرَّتَيْنِ فَإِن النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَرَنِي بهاذَا، فإنْ طَلَّقَها ثَلاَثا حَرُمَتْ حتَّى تَنْكِحَ زَوْجا غَيْرَكَ.
لَا مُنَاسبَة بَينهمَا. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَكَأن البُخَارِيّ أَرَادَ بإيراد هَذَا أَن فِيهِ لَفْظَة: حرمت عَلَيْك، وإلاَّ فَلَا مُنَاسبَة بَينهمَا فِي الْبَاب (قلت) هَذَا أقرب إِلَيْهِ، وَصَاحب (التَّلْوِيح) أبعد.
قَوْله: (عَن نَافِع) ويروى: حَدثنِي نَافِع (كَانَ عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، إِذا سُئِلَ عَمَّن طلق امْرَأَته ثَلَاثًا) أَي ثَلَاث تَطْلِيقَات، قَالَ: لَو طلقت مرّة أَي طَلْقَة وَاحِدَة أَو مرَّتَيْنِ أَي: طَلْقَتَيْنِ قَالَ الْكرْمَانِي: وَجَوَاب لَو، يَعْنِي جَزَاؤُهُ مَحْذُوف، وَهُوَ لَكَانَ خيرا، أَو هُوَ حرف لَو لِلتَّمَنِّي فَلَا يحْتَاج إِلَى جَوَاب، وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ كَمَا قَالَ، بل الْجَواب لَكَانَ لَك الرّجْعَة. قلت: مَقْصُود الْكرْمَانِي أَن: لَو إِذا كَانَ للشّرط لَا بُد لَهُ من جَزَاء. فَلذَلِك قدره بقوله: لَكَانَ خيرا، وَهُوَ معنى قَوْله: لَكَانَ لَك الرّجْعَة، وَذَلِكَ لانسداد بَاب الرّجْعَة بعد الثَّلَاث، بِخِلَاف مَا بعد مرّة أَو مرَّتَيْنِ. وَهَذَا الْقُرْطُبِيّ أَيْضا قَالَ فِي هَذَا الْموضع: فَكَأَنَّهُ قَالَ للسَّائِل: إِن طلقت تَطْلِيقَة أَو تَطْلِيقَتَيْنِ فَأَنت مَأْمُور بالمراجعة لأجل الْحيض، وَإِن طلقت ثَلَاثًا لم يكن لَك مُرَاجعَة، لِأَنَّهُ لَا تحل لَك إلاَّ بعد زوج انْتهى.

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 20  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست