responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 2  صفحه : 166
(وَلم تحل) ، فَإِن قلت: لم تقلب الْمُضَارع مَاضِيا وَلَفظ بعدِي للاستقبال، فَكيف يَجْتَمِعَانِ؟ قلت: مَعْنَاهُ لم يحكم الله فِي الْمَاضِي بِالْحلِّ فِي الْمُسْتَقْبل. قَوْله: (سَاعَتِي هَذِه) أَي: فِي سَاعَتِي الَّتِي أَتكَلّم فِيهَا، وَهِي بعد الْفَتْح. قَالَ الطَّحَاوِيّ: الَّذِي أحل لَهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَخص بِهِ دُخُول مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام وَلَا يجوز لأحد أَن يدْخلهُ بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَيْر إِحْرَام، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَالقَاسِم وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وصاحبيه، ولمالك وَالشَّافِعِيّ قَولَانِ فِيمَن لم يرد الْحَج أَو الْعمرَة. فَفِي قَول: يجوز، وَفِي قَول: لَا يجوز إلاَّ للحطابين وشبههم. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: الَّذِي أحل للنَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قتال أَهلهَا ومحاربتهم، وَلَا يحل لأحد بعده. قَوْله: (شَوْكهَا) دَال على منع قطع سَائِر الْأَشْجَار بِالطَّرِيقِ الأولى، وَقَالَ فِي (شرح السّنة) : المؤذي من الشوك كالعوسج لَا بَأْس بِقطعِهِ كالحيوان المؤذي، فَيكون من بَاب تَخْصِيص الحَدِيث بِالْقِيَاسِ. وَكَذَا لَا بَأْس بِقطع الْيَابِس كَمَا فِي الصَّيْد الْمَيِّت، وَأما لقطتهَا فَقيل: لَيْسَ لواجدها غير التَّعْرِيف أبدا، وَلَا يملكهَا بِحَال، وَلَا يتَصَدَّق بهَا إِلَى أَن يظفر بصاحبها، بِخِلَاف لقطَة سَائِر الْبِقَاع، وَهُوَ أظهر قولي الشَّافِعِي. وَمذهب مَالك والأكثرين إِلَى أَنه: لَا فرق بَين لقطَة الْحل وَالْحرم. وَقَالُوا: معنى إلاَّ لِمُنْشِد: أَنه يعرفهَا كَمَا يعرفهَا فِي سَائِر الْبِقَاع حولا كَامِلا حَتَّى لَا يتَوَهَّم أَنه إِذا نَادَى عَلَيْهَا وَقت الْمَوْسِم فَلم يظْهر مَالِكهَا جَازَ تَملكهَا. وَقَالَ عبد الرحن بن مهْدي: قَوْله: (إلاَّ لِمُنْشِد) يُرِيد: لَا تحل أَلْبَتَّة، فَكَأَنَّهُ قيل: إلاَّ لِمُنْشِد، أَي: لَا يحل لَهُ مِنْهَا إلاَّ إنشادها، فَيكون ذَلِك مِمَّا اخْتصّت بِهِ مَكَّة كَمَا اخْتصّت بِأَنَّهَا حرَام، وَأَنه لَا ينفر صيدها وَغَيرهمَا من الْأَحْكَام. وَقَالَ الْمَازرِيّ: مَعْنَاهُ الْمُبَالغَة فِي التَّعْرِيف، لِأَن الْحَاج قد لَا يعود إلاَّ بعد أَعْوَام فتدعو الضَّرُورَة لإطالة التَّعْرِيف بِخِلَاف غَيرهَا من الْبِلَاد، وَلِأَن النَّاس ينتابون إِلَى مَكَّة. وَيُقَال: جَاءَ الحَدِيث ليقطع وهم من يظنّ أَنه يسْتَغْنى عَن التَّعْرِيف هُنَا إِذْ الْغَالِب أَن الحجيج إِذا تفَرقُوا مشرقين ومغربين ومدت المطايا أعناقها، يَقُول الْقَائِل: لَا حَاجَة إِلَى التَّعْرِيف، فَذكر، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَن التَّعْرِيف فِيهَا ثَابت كَغَيْرِهَا من الْبِلَاد، وَمِنْهُم من قَالَ: التَّقْدِير إلاَّ من سمع نَاشِدًا يَقُول: من أضلّ كَذَا، فَحِينَئِذٍ يجوز للملتقط أَن يرفعها إِذا رَآهَا ليردها على صَاحبهَا، وَهَذَا مَرْوِيّ عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالنضْر بن شُمَيْل. وَقيل: لَا تحل إلاَّ لِرَبِّهَا الَّذِي يطْلبهَا. قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ جيد فِي الْمَعْنى، لَكِن لَا يجوز فِي الْعَرَبيَّة أَن يُقَال للطَّالِب منشد. قلت: قَالَ بَعضهم: الناشد الْمُعَرّف، والمنشد الطَّالِب فَيصح هَذَا التَّأْوِيل على هَذَا التَّقْرِير. قَالَ القَاضِي عِيَاض فِي (الْمَشَارِق) : ذكر الحريري اخْتِلَاف أهل اللُّغَة فِي الناشد والمنشد، وَأَن بَعضهم عكس فَقَالَ: الناشد الْمُعَرّف والمنشد الطَّالِب، وَاخْتِلَافهمْ فِي تَفْسِير الحَدِيث بِالْوَجْهَيْنِ. قَوْله: (فَهُوَ بِخَير النظرين) لَفْظَة خير، هَهُنَا بِمَعْنى أفعل التَّفْضِيل، وَالْمعْنَى: أفضل النظرين، وَتَفْسِير: النظرين، بقوله: إِمَّا أَن يعقل من الْعقل وَهُوَ الدِّيَة. وَإِمَّا أَن يُقَاد أهل الْقَتِيل، بِالْقَافِ أَي: يقْتَصّ. وَوَقع فِي رِوَايَة لمُسلم: (إِمَّا أَن يفادى) بِالْفَاءِ من المفاداة. وَفِي (سنَن أبي دَاوُد) : (إِمَّا أَن يَأْخُذُوا الْعقل أَو يقتلُوا) ، وَهُوَ أبين الرِّوَايَات، وَهِي تفسر بَعْضهَا بَعْضًا. وَقَوله فِي مُسلم: (وَإِمَّا أَن يقتل) . وَقَول أبي دَاوُد: (أَو يقتلُوا) مفسران لسَائِر الرِّوَايَات. وَقَالَ عِيَاض: وَقع هُنَا فِي الْعلم فِي جَمِيع النّسخ، وَإِمَّا أَن يُقَاد بِالْقَافِ، وَيُوَافِقهُ مَا جَاءَ فِي كتاب الدِّيات إِمَّا أَن يُؤدى وَإِمَّا أَن يُقَاد، وَكَذَلِكَ فِي مُسلم. وَحكى بَعضهم: يَعْنِي فِي مُسلم يفادى بِالْفَاءِ مَوضِع، يُقَاد قَالَ: وَالصَّوَاب الأول وَهُوَ الْقَاف لِأَن على الْفَاء يخْتل اللَّفْظ، لِأَن الْعقل هُوَ الْفِدَاء فيتحصل التّكْرَار. قَالَ: وَالصَّوَاب أَن الْقَاف مَعَ قَوْله: الْعقل، وَالْفَاء مَعَ قَوْله: يقتل، لِأَن الْعقل هُوَ الْفِدَاء. وَأما يعقل مَعَ يفدى أَو يفادى فَلَا وَجه لَهُ. قلت: حَاصِل الْكَلَام أَن الرِّوَايَة على وَجْهَيْن. من قَالَ: وَإِمَّا أَن يُقَاد بِالْقَافِ من الْقود وَهُوَ الْقصاص. قَالَ فِيمَا قبله: إِمَّا أَن يعقل، بِالْعينِ وَالْقَاف: من الْعقل وَهُوَ الدِّيَة، وَمن قَالَ: وَإِمَّا أَن يفادى. بِالْفَاءِ من: المفاداة. قَالَ فِيمَا قبله: إِمَّا أَن يقتل، بِالْقَافِ وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَهُوَ الْقَتْل الَّذِي هُوَ الْقود. قَوْله: (فجَاء رجل من أهل الْيمن) وَهُوَ أَبُو شاه، وَجَاء بِهِ مُبينًا فِي اللّقطَة، وَهُوَ بشين مُعْجمَة وهاء بعد الْألف فِي الْوَقْف والدرج، وَلَا يُقَال بِالتَّاءِ. قَالُوا: وَلَا يعرف اسْم أبي شاه هَذَا، وَإِنَّمَا يعرف بكنيته وَهُوَ كَلْبِي يمني. وَفِي (الْمطَالع) وَأَبُو شاه مصروفا ضبطته وقرأته أَنا معرفَة ونكرة، وَعَن ابْن دحْيَة أَنه بِالتَّاءِ مَنْصُوبًا. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ بهاء فِي آخِره درجا ووقفا. قَالَ: وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ، وَلَا يغتر بِكَثْرَة من يصحفه مِمَّن لَا يَأْخُذ الْعلم على وَجهه وَمن مظانه.

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 2  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست