أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {ترجىء من تشَاء} إِلَى آخِره، كَذَا جَمِيع الروَاة، لغير أبي ذَر لفظ: بَاب، وَحكى الواحدي عَن الْمُفَسّرين: أَن هَذِه الْآيَة نزلت عقيب نزُول آيَة التَّخْيِير، وَذَلِكَ أَن التَّخْيِير لما وَقع أشْفق بعض الْأزْوَاج أَن يُطَلِّقهُنَّ ففوضن أَمر الْقسم إِلَيْهِ فَنزلت {ترجىء من تشَاء} الْآيَة. قَوْله: (ترجىء) ، أَي: تُؤخر، قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَحَفْص عَن عَاصِم: تجىء بِغَيْر همزَة وَالْبَاقُونَ بِالْهَمْزَةِ، وهما لُغَتَانِ (وَتُؤْوِي) من الإيواء أَي: تضم قَوْله: (وَمن ابْتَغَيْت) ، أَي: طلبت وَأَرَدْت إصابتها مِمَّن عزلت فأصبتها وجامعتها بعد الْعَزْل فَلَا جنَاح عَلَيْك، فأباح الله تَعَالَى لَك ترك الْقسم لَهُنَّ حَتَّى إِنَّه ليؤخر من شَاءَ مِنْهُنَّ فِي وَقت نوبتها فَلَا يَطَؤُهَا ويطأ من يَشَاء مِنْهُنَّ فِي غير نوبتها، وَله أَن يردهَا إِلَى فرَاشه من غير عزلها، فَلَا جنَاح عَلَيْهِ فِيمَا فعل تَفْضِيلًا لَهُ على سَائِر الرِّجَال وتخفيفا عَنهُ.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: تُرْجِىءُ: تُؤَخِّرُ أرْجِئْهُ أخِّرْهُ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس: معنى ترجىء، وَوَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ، وَهَذَا خص بِهِ سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: (أرجئه: أخِّره) ، هَذَا فِي سُورَة الْأَعْرَاف وَالشعرَاء، ذكره هُنَا اسْتِطْرَادًا.
8874 - حدَّثني زَكَرِيَّاءُ بنُ يَحْيَى حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشامٌ حدَّثنا عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ كُنْتُ أغَارُ عَلَى اللاَّتِي وَهَبْنَ أنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأقُولُ أتَهَبُ المَرْأةُ نَفْسَهَا فَلَمَّا أنْزَلَ الله تَعالى: {تُرْجِىءُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنْ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ} قُلْتُ مَا أُرَى رَبِّكَ إلاَّ يُسَارِعُ فِي هَوَاك.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وزَكَرِيا بن يحيى أَبُو السكين الطَّائِي الْكُوفِي، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام بن عُرْوَة بن الزبير.
قَوْله: (قَالَ هِشَام: حَدثنَا عَن أَبِيه) ، تَقْدِيره: قَالَ: حَدثنَا هِشَام عَن أَبِيه، وَهَذَا جَائِز عِنْدهم.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن أبي كريب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي عشرَة النِّسَاء وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك المَخْزُومِي، ثَلَاثَتهمْ عَن أبي أُسَامَة.
قَوْله: (أغار) بالغين الْمُعْجَمَة مَعْنَاهُ هُنَا أعيب، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ بِلَفْظ كَانَت تعير اللَّاتِي، بِالْعينِ الْمُهْملَة
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 19 صفحه : 119