نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 18 صفحه : 60
84 - (بَاب مَرَضِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووَفاتِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَيَان وَقت وَفَاته، وَلَا خلاف أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وروى الإِمَام أَحْمد من حَدِيث عَائِشَة، قَالَت: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَدفن لَيْلَة الْأَرْبَعَاء، وَتفرد بِهِ، وَعَن عُرْوَة: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ حِين زاغت الشَّمْس لهِلَال ربيع الأول، وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ قبل أَن ينشب النَّهَار، وَفِي حَدِيث أبي يعلى بِإِسْنَادِهِ عَن أنس أَنه توفّي آخر يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي، قَالَ: مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإثنين وَعشْرين لَيْلَة من صفر، وبدىء وَجَعه عِنْد وليدة لَهُ يُقَال لَهَا: رَيْحَانَة، كَانَت من سبي الْيَهُود، وَكَانَ أول يَوْم مرض يَوْم السبت، وَكَانَت وَفَاته يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول لتَمام عشر سِنِين من مقدمه الْمَدِينَة. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: حَدثنَا أَبُو معشر عَن مُحَمَّد بن قيس، قَالَ: اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَرْبَعَاء لإحدى عشرَة لَيْلَة بقيت من صفر سنة إِحْدَى عشرَة فِي بَيت زَيْنَب بنت جحش شكوى شَدِيدَة، فاجتمعت عِنْده نساؤه كُلهنَّ، فاشتكى ثَلَاثَة عشر يَوْمًا، وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة إِحْدَى عشرَة. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: قَالُوا: بديء برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَرْبَعَاء لليلتين بَقِيَتَا من سفر، وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة من ربيع الأول، وَبِه جزم مُحَمَّد بن سعد كَاتبه، وَزَاد: وَدفن يَوْم الْأَرْبَعَاء. وَعَن الْوَاقِدِيّ من حَدِيث أم سَلمَة: أَنه بدىء بِهِ فِي بَيت مَيْمُونَة، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: توفّي لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول فِي الْيَوْم الَّذِي قدم فِيهِ الْمَدِينَة مُهَاجرا، وَعَن يَعْقُوب بن سُفْيَان عَن ابْن بكير عَن اللَّيْث، أَنه قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلة خلت من ربيع الأول، وَقَالَ سعد بن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من ربيع الأول، وَقَالَ أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ مستهل ربيع الأول، وروى سيف بن عمر بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لما قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة الْوَدَاع ارتحل فَأتى الْمَدِينَة وَأقَام بهَا ذَا الْحجَّة ومحرم وصفر، وَمَات يَوْم الْإِثْنَيْنِ لثاني عشر خلون من ربيع الأول من سنة إِحْدَى عشرَة. وَقَالَ السُّهيْلي فِي (الرَّوْض) لَا يتَصَوَّر وُقُوع وَفَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر ربيع الأول من سنة إِحْدَى عشرَة، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف فِي حجَّة الْوَدَاع سنة عشر يَوْم الْجُمُعَة، وَكَانَ أول ذِي الْحجَّة يَوْم الْخَمِيس، فعلى تَقْدِير أَن تحسب الشُّهُور تَامَّة أَو نَاقِصَة أَو بَعْضهَا تَامّ وَبَعضهَا نَاقص لَا يتَصَوَّر أَن يكون يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِي عشر ربيع الأول. وَأجِيب: باخْتلَاف الْمطَالع بِأَن يكون أهل مَكَّة رَأَوْا هِلَال ذِي الْحجَّة لَيْلَة الْخمس، وَأما أهل الْمَدِينَة فَلم يروه إِلَّا لَيْلَة الْجُمُعَة.
وقَوْل الله تَعَالَى: {إنَّك مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} (الزمر: 31)
وَقَول الله تَعَالَى، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالتَّقْدِير: وَفِي بَيَان قَول الله تَعَالَى: إِنَّك ميت: إِلَى آخِره، وَجه ذكر هَذِه الْآيَة جُزْءا من التَّرْجَمَة لأجل صِحَة الْجُزْء الثَّانِي من التَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ قَوْله: بَاب مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووفاته، حَتَّى لَا يُنكر إِطْلَاق الْمَوْت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَيف يُنكر وَقد خَاطب الله تَعَالَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} ؟ فَأخْبر الله تَعَالَى بِأَن الْمَوْت يعمهم، وَكَانَ مشركو قُرَيْش يتربصون برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَوته، فَأخْبر الله تَعَالَى أَن لَا معنى للتربص وَأنزل: {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} وَقَالَ قَتَادَة: نعيت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَفسه ونعيت إِلَيْكُم أَنفسكُم. قَوْله: {ثمَّ إِنَّكُم} أَي: إِنَّك وإياهم، فغلب ضمير الْمُخَاطب على ضمير الْغَائِب: {يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} فتحتج عَلَيْهِم بأنك بلغت، ويعتذرون بمالاً طائل تَحْتَهُ، يَقُول الأتباع: أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا، وَتقول السادات: أغوتنا الشَّيَاطِين وآباؤنا الأقدمون.