مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن عمر أطلق على بِلَال بالسيادة وَهِي منقبة عَظِيمَة وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون، وَاسم أبي سَلمَة دِينَار. قَوْله: (وَأعْتق سيدنَا) السَّيِّد الأول حَقِيقَة، وَالسَّيِّد الثَّانِي مجَاز، لِأَنَّهُ قَالَه تواضعاً، وَيُقَال: مَعْنَاهُ أَنه من سادة هَذِه الْأمة وَلَيْسَ أَنه أفضل من عمر، وَقيل: إِن السِّيَادَة لَا تثبت إلاَّ فَضِيلَة.
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: (فَدَعْنِي وَعمل الله) لِأَن كَلَامه هَذَا يدل على أَن قَصده التجرد إِلَى الله والاشتغال بِعَمَلِهِ، وَهُوَ منقبة غير قَليلَة.
وَابْن نمير هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، وَقد ذكر غير مرّة، وَمُحَمّد بن عبيد الطنافسي مر فِي بَدْء الْخلق وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد، وَقيس هُوَ ابْن حَازِم.
قَوْله: (إِن كنت اشتريتني؟) إِلَى آخِره هَذِه القَوْل من بِلَال كَانَ فِي خلَافَة أبي بكر، وَصرح بذلك فِي رِوَايَة أَحْمد عَن أبي أُسَامَة عَن إِسْمَاعِيل بِلَفْظ: قَالَ بِلَال لأبي بكر حِين توفّي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فَدَعْنِي) أَي: فاتركني، وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة: فذرني، وَهُوَ بِمَعْنى: دَعْنِي. قَوْله: (وَعمل الله) أَي: مَعَ عمل الله، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فَدَعْنِي وعملي لله، وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة: فذرني أعمل لله، وَذكر الْكرْمَانِي: أَرَادَ بِلَال أَن يُهَاجر من الْمَدِينَة فَمَنعه أَبُو بكر إِرَادَة أَن يُؤذن فِي مَسْجِد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: إِنِّي لَا أُرِيد الْمَدِينَة بِدُونِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا أتحمل مقَام رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خَالِيا عَنهُ. وَقَالَ ابْن سعد فِي (الطَّبَقَات) : أَن بِلَالًا قَالَ: رَأَيْت أفضل عمل الْمُؤمن الْجِهَاد، فَأَرَدْت أَن أرابط فِي سَبِيل الله، وَأَن أَبَا بكر قَالَ لِبلَال: أنْشدك الله وحقي، فَأَقَامَ مَعَه بِلَال حَتَّى توفّي، فَلَمَّا مَاتَ أذن لَهُ عمر، فَتوجه إِلَى الشَّام مُجَاهدًا، وَتُوفِّي بهَا فِي طاعون عمواس سنة ثَمَان عشرَة، وَقيل: مَاتَ سنة عشْرين، وَالله أعلم.
42 - (بابُ ذِكْرِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ ذكر عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب بن هَاشم ابْن عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يكنى أَبَا الْعَبَّاس، ولد قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين، وَمَات بِالطَّائِف سنة ثَمَان وَسِتِّينَ، وَفِي غَالب النّسخ لَيْسَ لفظ: بَاب، مَذْكُورا وَإِنَّمَا لم يقل: مَنَاقِب ابْن عَبَّاس، مثل غَيره لِأَنَّهُ قد عقد لَهُ بَابا فِي كتاب الْعلم حَيْثُ قَالَ: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أللهم علمه الْكتاب، ثمَّ ذكر عَنهُ أَنه قَالَ: ضمني رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ: أللهم علمه الْكتاب، وَهَذَا منقبة عَظِيمَة، وَاكْتفى بِهِ عَن ذكر لفظ: مَنَاقِب هُنَا.