أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَنَاقِب أبي عُبَيْدَة واسْمه: عَامر بن عبد الله بن الْجراح بن هِلَال بن أهيب بن ضبة بن الْحَارِث بن فهر، يجْتَمع مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فهر بن مَالك، وَعدد مَا بَينهمَا من الْآبَاء متفاوت جدا بِخَمْسَة آبَاء، فَيكون أَبُو عُبَيْدَة من حَيْثُ الْعدَد فِي دَرَجَة: عبد منَاف، وَمِنْهُم من أَدخل فِي نسبه بَين الْجراح وهلال: ربيعَة، فَيكون على هَذَا فِي دَرَجَة: هَاشم، وَأمه أم غنم بنت جَابر بن عبد الله بن الْعَلَاء بن عَامر بن عميرَة بن الْوَدِيعَة بن الْحَارِث بن فهر، وَيُقَال: أُمَيْمَة بنت جَابر بن عبد الْعُزَّى، وَمن بني الْحَارِث بن فهر، وَهُوَ أَمِين هَذِه الْأمة، وَقتل أَبوهُ يَوْم بدر كَافِرًا، وَيُقَال: إِنَّه هُوَ الَّذِي قَتله، وَمَات أَبُو عُبَيْدَة وَهُوَ أَمِير على الشَّام من قبل عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَاتَ سنة ثَمَان عشرَة فِي طاعون عمواس، وقبره بغور بيسان عِنْد قَرْيَة تسمى: عمتا، وَصلى عَلَيْهِ معَاذ بن جبل.
4473 - حدَّثنا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ حدَّثنا عَبْدُ الأعلَى حدَّثنا خالِدٌ عنْ أبِي قِلابَةَ قَالَ حدَّثني أنَسُ بنُ مالِكٍ أنَّ رسُولَ الله قَالَ إنَّ لِكُلِّ أمَّةٍ أمِيناً وإنَّ أمينَنا أيَّتُهَا الأُمَّةُ أبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعَمْرو بن عَليّ بن بَحر أَبُو حَفْص الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الصَّيْرَفِي، وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَعبد الْأَعْلَى أَبُو مُحَمَّد السَّامِي الْبَصْرِيّ، وخَالِد هُوَ بن مهْرَان الْحذاء، وَأَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف اللَّام واسْمه عبد الله بن زيد الْجرْمِي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن أبي الْوَلِيد وَفِي خبر الْوَاحِد عَن سُلَيْمَان بن حَرْب. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي بكر وَزُهَيْر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن حميد بن مسْعدَة.
قَوْله: (أميننا) ، الْأمين الثِّقَة الرِّضَا. قَوْله: (أيتها الْأمة) ، صورته صُورَة النداء، لَكِن المُرَاد مِنْهُ الِاخْتِصَاص، أَي: أميننا مخصوصين من بَين الْأُمَم أَبُو عُبَيْدَة، فعلى هَذَا يكون مَنْصُوبًا على الِاخْتِصَاص، وَقَالَ القَاضِي: هُوَ بِالرَّفْع على النداء، والأفصح أَن يكون مَنْصُوبًا على الِاخْتِصَاص، وَالْأَمَانَة مُشْتَركَة بَين أبي عُبَيْدَة وَغَيره من الصَّحَابَة، لَكِن الْمَقْصُود بَيَان زيادتها فِي أبي عُبَيْدَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خص كل وَاحِد من كبار الصَّحَابَة بفضيلة وَاحِدَة وَصفه بهَا، فأشعر بِقدر زَائِد فِيهَا على غَيره، يُوضح ذَلِك مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أرْحم أمتِي بأمتي أَبُو بكر، وأشدهم فِي أَمر الله عمر، وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان، وأعلمهم بالحلال وَالْحرَام معَاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثَابت، وأقرؤهم أبي بن كَعْب، وَلكُل أمة أَمِين، وَأمين هَذِه الْأمة أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح) . وَرَوَاهُ ابْن حبَان أَيْضا.