0263 - حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخْبرنا شُعَيْبٌ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي حُسَيْنٍ حدَّثنا نَافعُ بنُ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَدِمَ مُسَيْلَمَةُ الكَذَّابُ علَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَعَلَ يَقُولُ إنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ وقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ فأقْبَلَ إلَيْهِ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَعَهُ ثَابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ وَفِي يَدِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِطْعَةُ جَرِيدٍ حتَّى وقَفَ علَى مُسَيْلَمَةَ فِي أصْحَابِهِ فَقَالَ لَوْ سألْتَنِي هَذِهِ القِطْعَةَ مَا أعْطَيْتُكَها ولَنْ تَعْدُو أمْرَ الله فِيكَ ولَئِنْ أدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ الله وإنِّي لأرَاكَ الَّذي أُرِيتُ فيكَ مَا رَأيْتُ. فأخْبَرَنِي أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَيْنَمَا أنَا نائِمٌ رأيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فأهَمَّنِي شأنُهُمَا فأُوحِيَ إلَيَّ فِي المَنَامِ أنِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فأوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يخْرُجَانِ بَعْدِي فَكانَ أحَدُهُمَا العنْسِيَّ والآخَرُ مُسَيْلَمَةَ الكَذَّابَ صاحِبَ اليَمَامَةِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَأَوَّلْتهمَا كَذَّابين) إِلَى آخِره، لِأَن فِيهِ إِخْبَارًا عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَمْر قد وَقع بعضه فِي أَيَّامه وَبَعضه بعده، فَإِن الْعَنسِي قتل فِي أَيَّامه ومسيلمة قتل بعده فِي وقْعَة الْيَمَامَة، قَتله وَحشِي قَاتل حَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. فَإِن قلت: قَالَ: يخرجَانِ بعدِي، ومسيلمة خرج بعده، وَأما الْعَنسِي فَإِنَّهُ خرج فِي أَيَّامه؟ قلت: معنى قَوْله بعدِي: يَعْنِي بعد ثُبُوت نبوتي، أَو بعد دعواي النُّبُوَّة.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب ابْن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وَعبد الله بن أبي حُسَيْن هُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي حُسَيْن النَّوْفَلِي، مر فِي البيع، وَنَافِع بن جُبَير بن مطعم مر فِي الْوضُوء.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن أبي الْيَمَان أَيْضا. وَأخرجه مُسلم فِي الرُّؤْيَا عَن مُحَمَّد بن سهل عَن أبي الْيَمَان بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي عَن أبي الْيَمَان بِقصَّة الرُّؤْيَا دون قصَّة مُسَيْلمَة، وَقَالَ: غَرِيب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن مَنْصُور عَن أبي الْيَمَان.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قدم مُسَيْلمَة الْكذَّاب على عهد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: على زَمَنه، وَكَانَ قدومه فِي سنة تسع من الْهِجْرَة، وَهِي سنة الوفودات، قَالَ ابْن اسحاق: قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفد بني حنيفَة فيهم مُسَيْلمَة بن حبيب، وَقَالَ ابْن هِشَام: هُوَ مُسَيْلمَة بن ثُمَامَة ويكنى أَبَا ثُمَامَة، وَقَالَ السُّهيْلي: هُوَ مُسَيْلمَة بن ثُمَامَة بن كَبِير ابْن حبيب بن الْحَارِث بن عبد الْحَارِث بن همان بن ذهل بن الدول بن حنيفَة، ويكنى: أَبَا ثُمَامَة، وَقيل: أَبَا هَارُون، وَكَانَ قد تسمى بالرحمان، وَكَانَ يُقَال لَهُ: رحمان الْيَمَامَة، وَكَانَ يعرف أبواباً من النيرنجات فَكَانَ يدْخل الْبَيْضَة فِي القارورة، وَهُوَ أول من فعل ذَلِك، وَكَانَ يقص جنَاح الطير ثمَّ يصله وَيَدعِي أَن ظَبْيَة تَأتيه من الْجَبَل فيحلب لَبنهَا. قَالَ الْوَاقِدِيّ: وَكَانَ وَفد بني حنيفَة بضعَة عشر رجلا عَلَيْهِم سلمى بن حَنْظَلَة وَفِيهِمْ طلق بن عَليّ وَعلي بن سِنَان ومسيلمة بن حبيب الْكذَّاب، فأنزلوا فِي دَار رَملَة بنت الْحَارِث وأجريت عَلَيْهِم الضِّيَافَة، فَكَانُوا يُؤْتونَ بغداء وعشاء مرّة خبْزًا وَلَحْمًا وَمرَّة خبْزًا ولبناً وَمرَّة خبْزًا وَسمنًا وَمرَّة تَمرا ينثر لَهُم، فَلَمَّا قدمُوا الْمَسْجِد وَأَسْلمُوا وَقد خلفوا مُسَيْلمَة فِي رحالهم، وَلما أردوا الِانْصِرَاف أَعْطَاهُم جوائزهم خمس أَوَاقٍ من فضَّة، وَأمر لمُسَيْلمَة بِمثل مَا أَعْطَاهُم لما ذكرُوا أَنه فِي رحالهم، فَقَالَ: إِمَّا أَنه لَيْسَ بشركم مَكَانا، فَلَمَّا رجعُوا إِلَيْهِ أَخْبرُوهُ بِمَا قَالَ عَنهُ، قَالَ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ عرف أَن الْأَمر لي من بعده، وبهذه الْكَلِمَة تشبث قبحه الله حَتَّى ادّعى النُّبُوَّة، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: ثمَّ انصرفوا عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلما انْتَهوا إِلَى الْيَمَامَة ارْتَدَّ عَدو الله، وتنبأ وَتكذب لَهُم، وَقَالَ: إِنِّي اشتركت مَعَه
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 16 صفحه : 151