responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 16  صفحه : 146
قيل: هُوَ أشبه بِالصَّوَابِ، لِأَن سعد بن عبَادَة من قَبيلَة ثَابت بن قيس، فَهُوَ أشبه أَن يكون جَاره من سعد بن معَاذ لِأَنَّهُ من قَبيلَة أُخْرَى. قَوْله: (أَنا أعلم لَك) ، هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَقَالَ الْكرْمَانِي: كلمة أَلاَ، للتّنْبِيه أَو تكون الْهمزَة فِي: أَلاَ للاستفهام وَفِي بَعْضهَا: أَنا أعلم. قلت: كَأَن النّسخ الَّتِي وَقعت عِنْدهم أَلا أعلم، مَوضِع: أَنا أعلم، فَلذَلِك قَالَ كلمة: أَلا، للتّنْبِيه، أَو تكون الْهمزَة فِي ألاَ للاستفهام، ثمَّ أَشَارَ إِلَى رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَهِي: أَنا أعلم، بقولهْ: وَفِي بَعْضهَا أَنا أعلم قَوْله: (لَك) أَي: لِأَجلِك. قَوْله: (علمه) أَي: خَبره. قَوْله: (فَأَتَاهُ) أَي: فَأتى الرجل الْمَذْكُور ثَابت بن قيس فَوَجَدَهُ جَالِسا فِي بَيته. وَقَوله: (جَالِسا ومنكساً) حالان مُتَرَادِفَانِ أَو متداخلان، (وَرَأسه) مَنْصُوب بقوله: مُنَكسًا. قَوْله: (مَا شَأْنك) أَي: مَا حالك؟ قَوْله: (فَقَالَ: شَرّ) أَي: فَقَالَ ثَابت حَالي شَرّ. قَوْله: (كَانَ يرفع صَوته) هَذَا الْتِفَات وَمُقْتَضى الْحَال إِن يَقُول: كنت أرفع صوتي، وَلكنه الْتفت من الْحَاضِر إِلَى الْغَائِب، قَوْله: (فقد حَبط عمله) أَي: بَطل، وَكَانَ الْقيَاس فِيهِ أَيْضا أَن يَقُول؛ فقد حَبط عَمَلي، وَكَذَا قَوْله: (وَهُوَ من أهل النَّار) وَالْقِيَاس فِيهِ: وَأَنا من أهل النَّار. قَوْله: (فَأتى الرجل فَأخْبرهُ) أَي: فَأتى الرجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ أَنه قَالَ كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ ثَابت لما نزلت {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} (الحجرات: 2) . جلس فِي بَيته وَقَالَ: أَنا من أهل النَّار، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: فَقَالَ ثَابت: أنزلت هَذِه الْآيَة، وَلَقَد علمْتُم أَنِّي من أرفعكم صَوتا. قَوْله: (فَقَالَ مُوسَى بن أنس) ، وَهُوَ الرَّاوِي الْمَذْكُور عَن أَبِيه أنس. قَوْله: (فَرجع الْمرة الْآخِرَة) أَي: فَرجع الرجل الْمَذْكُور، ويروى: الْمرة الْأُخْرَى، قَوْله: (بِبِشَارَة) بِضَم الْبَاء وَكسرهَا وَالْكَسْر أشهر، وَهِي: الْخَبَر السار سميت بذلك لِأَنَّهَا تظهر طلاقة الْإِنْسَان وفرحه. قَوْله: (فَقَالَ: إذهب إِلَيْهِ) بَيَان الْبشَارَة أَي: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للرجل الْمَذْكُور، إذهب إِلَى ثَابت بن قيس فَقل لَهُ ... إِلَى آخِره. فَإِن قلت: فِيهِ زِيَادَة الْعدَد على المبشرين بِالْجنَّةِ. قلت: التَّخْصِيص بِالْعدَدِ لَا يُنَافِي الزَّائِد، أَو المُرَاد بِالْعشرَةِ الَّذين بشروا بهَا دفْعَة وَاحِدَة، أَو بِلَفْظ الْبشَارَة، وَكَيف لَا وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْجنَّة قطعا؟ وَنَحْوهم.

2163 - حدَّثني محَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حدَّثنا يَحْيَى عنْ إسْماعِيلَ حدَّثَنا قَيْسٌ عنْ خَبَّابِ بنِ الأرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ قُلْنَا لهُ ألاَ تَسْتَنْصِرُ لَنا ألاَ تَدْعُو الله لَنا قَالَ كانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأسِهِ فَيُشَقُّ باثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذلِكَ عنْ دِينِهِ ويُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عنْ دِينِهِ وَالله لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأمْرَ حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إلاَّ الله أوِ الذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيحيى هُوَ الْقطَّان وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، وَقيس بن أبي حَازِم البَجلِيّ، وخباب، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى: ابْن الْأَرَت، بِفَتْح الْهمزَة وَالرَّاء وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق، كَانَ سادس سِتَّة فِي الْإِسْلَام مَاتَ بِالْكُوفَةِ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْإِكْرَاه عَن مُسَدّد وَفِي مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْحميدِي. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن عَمْرو بن عون وَعَن خَالِد بن عبد الله. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن عَبدة ابْن عبد الرَّحْمَن وَفِي الزِّينَة عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَابْن الْمثنى بِبَعْضِه.
قَوْله: (وَهُوَ مُتَوَسِّد) وَالْوَاو فِيهِ للْحَال (وبردة) مَنْصُوبَة بِهِ وَهِي نوع من الثِّيَاب مَعْرُوف، وَكَذَلِكَ الْبرد. قَوْله: (أَلا تَسْتَنْصِر) أَي: أَلا تطلب النُّصْرَة من الله لنا على الْكفَّار، وَهَذَا بَيَان لقَوْله: شَكَوْنَا، وَكلمَة: ألاَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ للحث والتحريض. قَوْله: (بِالْمِنْشَارِ) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون: وَهُوَ آلَة نشر الْخشب، وَيُقَال أَيْضا: الميشار، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف الساكنة مَوضِع النُّون، من نشرت الْخَشَبَة إِذا قطعتها. قَوْله: (مَا دون لَحْمه) ، أَي: تَحت لَحْمه أَو عِنْد لَحْمه. قَوْله: (لَيتِمَّن) ، بِفَتْح اللَّام وبالنون الثَّقِيلَة. قَوْله: (من صنعاء إِلَى حَضرمَوْت) ، قَالَ الْكرْمَانِي: وَصَنْعَاء بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة، وَسُكُون النُّون وبالمد: قَاعِدَة الْيمن ومدينته الْعُظْمَى، و: حَضرمَوْت، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَالْمِيم: بَلْدَة أَيْضا بِالْيمن، وَجَاز فِي مثله بِنَاء الإسمين وَبِنَاء الأول وإعراب الثَّانِي. فَإِن قلت: لَا مُبَالغَة فِيهِ لِأَنَّهُمَا بلدان متقاربان. قلت: الْغَرَض بَيَان انْتِفَاء الْخَوْف من الْكفَّار على الْمُسلمين، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بهَا صنعاء الرّوم أَو صنعاء دمشق: قَرْيَة فِي جَانبهَا الغربي فِي نَاحيَة الربوة. قَالَ الْجَوْهَرِي: حَضرمَوْت اسْم قَبيلَة أَيْضا. انْتهى كَلَامه. قلت: قَالَ ياقوت فِي (الْمُشْتَرك) : صنعاء الْيمن أعظم مدنها وأجلها تشبه دمشق فِي كَثْرَة الْبَسَاتِين والمياه، وَصَنْعَاء قَرْيَة على بَاب دمشق من نَاحيَة بَاب الفراديس واتصلت حيطانها بالعقبية وَهِي محلّة فِي ظَاهر دمشق. قلت: قَوْله لِأَنَّهُمَا بلدان متقاربان، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن بَين عدن وَصَنْعَاء ثَلَاث مراحل، وَبَين حَضرمَوْت والشحر أَرْبَعَة أَيَّام، وَبَينه وَبَين عدن مَسَافَة بعيدَة، فعلى هَذَا يكون بَين صنعاء وحضرموت أَكثر من أَرْبَعَة أَيَّام. قَوْله: (أَو الذِّئْب) عطف على الِاسْم الْأَعْظَم، وَإِن أحتمل أَن يعْطف على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ الْمُقدر. قَوْله: (وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُون) وَحَاصِل الْمَعْنى: لَا تستعجلوا فَإِن من كَانَ قبلكُمْ قاسوا مَا ذكرنَا فصبروا، وَأخْبرهمْ الشَّارِع بذلك ليقوى صبرهم على الْأَذَى.
3163 - حَدثنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا أزْهَرُ بنُ سعْدٍ حدَّثنا ابنُ عَوْنٍ قَالَ أنْبَأنا مُوسَى ابنُ أنَسٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم افْتَقَدَ ثابِتَ بنَ قَيْسٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رسُولَ الله أَنا أعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ فأتَاهُ فوَجَدَهُ جالِسَاً فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسَاً رأسَهُ فَقَالَ مَا شَأنُكَ فَقَالَ شَرٌّ كانَ يَرْفِعُ صَوْتُهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وهْوَ مِنْ أهْلِ النَّارِ فأتَى الرَّجُلُ فأخْبَرَهُ أنَّهُ قَالَ كذَا وَكَذَا فقالَ مُوسَى بنُ أنَسٍ فرَجَعَ المَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ إلَيْهُ فقُلْ لَهُ إنَّكَ لَسْتَ مِنْ أهْلِ النَّارِ ولَكِنْ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ. (الحَدِيث 3163 طرفه فِي: 6484) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (لست من أهل النَّار وَلَكِن من أهل الْجنَّة) ، لِأَن هَذَا أَمر لَا يطلع عَلَيْهِ إلاَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يعِيش حميدا وَيَمُوت شَهِيدا، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْيَمَامَة ثَبت حَتَّى قتل، وروى ابْن أبي حَاتِم فِي (تَفْسِيره) : من طَرِيق سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس، وَفِي قصَّة ثَابت بن قيس، فَقَالَ فِي آخرهَا: قَالَ أنس: قُلْنَا: نرَاهُ يمشي بَين أظهرنَا وَنحن نعلم أَنه من أهل الْجنَّة، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْيَمَامَة كَانَ فِي بَعْضنَا بعض الانكشاف، فَأقبل وَقد تكفن وتحنط فقاتل حَتَّى قتل.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ. وأزهر، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الزَّاي: ابْن سعد الْبَاهِلِيّ السمان الْبَصْرِيّ مَاتَ سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ. وَابْن عون هُوَ عبد الله بن عون بن أرطبان أَبُو عون الْمُزنِيّ الْبَصْرِيّ. ومُوسَى بن أنس بن مَالك قَاضِي الْبَصْرَة، وَأنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَنبأَنَا مُوسَى بن أنس) ، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي عوَانَة وَرِوَايَة عبد الله بن أَحْمد عَن ابْن عون عَن ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس بدل مُوسَى بن أنس، وَأخرجه أَبُو نعيم عَن الطَّبَرَانِيّ عَنهُ، وَقَالَ: لَا أَدْرِي مِمَّن الْوَهم. وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق ابْن الْمُبَارك عَن ابْن عون عَن مُوسَى بن أنس قَالَ: لما نزلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} (الحجرات: 2) . قعد ثَابت بن قيس فِي بَيته ... الحَدِيث، وَهَذَا صورته مُرْسل إلاَّ أَنه يُقَوي أَن الحَدِيث لِابْنِ عون عَن مُوسَى لَا عَن ثُمَامَة. قَوْله: (افْتقدَ ثَابت بن قيس) ، وَقيس بن شماس بن زُهَيْر بن مَالك بن امرىء الْقَيْس بن مَالك، وَهُوَ الْأَغَر بن ثَعْلَبَة بن كَعْب ابْن الْخَزْرَج، وَكَانَ خطيب الْأَنْصَار وخطيب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد ذكرنَا أَنه قتل بِالْيَمَامَةِ شَهِيدا. قَوْله: (فَقَالَ رجل) ، قيل: هُوَ سعد بن معَاذ، لما روى مُسلم من وَجه آخر من طَرِيق حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس، فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سعد بن معَاذ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرو مَا شَأْن ثَابت؟ اشْتَكَى؟ فَقَالَ سعد: إِنَّه لجاري وَمَا علمت لَهُ شكوى، فَإِن قلت: الْآيَة الْمَذْكُورَة نزلت فِي سنة الْوُفُود بِسَبَب الْأَقْرَع بن حَابِس وَغَيره، وَكَانَ ذَلِك فِي سنة تسع، وَسعد بن معَاذ مَاتَ قبل ذَلِك فِي بني قُرَيْظَة، وَذَلِكَ فِي سنة خمس؟ قلت: أُجِيب عَن ذَلِك بِأَن الَّذِي نزل فِي قصَّة ثَابت مُجَرّد رفع الصَّوْت، وَالَّذِي نزل فِي قصَّة الْأَقْرَع أول السُّورَة، وَهُوَ قَوْله: {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} (الحجرات: 1) . وَقيل: الرجل الْمَذْكُور هُوَ سعد بن عبَادَة لما روى ابْن الْمُنْذر فِي (تَفْسِيره) من طَرِيق سعيد بن بشر عَن قَتَادَة عَن أنس فِي هَذِه الْقِصَّة، فَقَالَ سعد بن عبَادَة: يَا رَسُول الله هُوَ جاري. . الحَدِيث، قيل: هُوَ أشبه بِالصَّوَابِ، لِأَن سعد بن عبَادَة من قَبيلَة ثَابت بن قيس، فَهُوَ أشبه أَن يكون جَاره من سعد بن معَاذ لِأَنَّهُ من قَبيلَة أُخْرَى. قَوْله: (أَنا أعلم لَك) ، هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَقَالَ الْكرْمَانِي: كلمة أَلاَ، للتّنْبِيه أَو تكون الْهمزَة فِي: أَلاَ للاستفهام وَفِي بَعْضهَا: أَنا أعلم. قلت: كَأَن النّسخ الَّتِي وَقعت عِنْدهم أَلا أعلم، مَوضِع: أَنا أعلم، فَلذَلِك قَالَ كلمة: أَلا، للتّنْبِيه، أَو تكون الْهمزَة فِي ألاَ للاستفهام، ثمَّ أَشَارَ إِلَى رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَهِي: أَنا أعلم، بقولهْ: وَفِي بَعْضهَا أَنا أعلم قَوْله: (لَك) أَي: لِأَجلِك. قَوْله: (علمه) أَي: خَبره. قَوْله: (فَأَتَاهُ) أَي: فَأتى الرجل الْمَذْكُور ثَابت بن قيس فَوَجَدَهُ جَالِسا فِي بَيته. وَقَوله: (جَالِسا ومنكساً) حالان مُتَرَادِفَانِ أَو متداخلان، (وَرَأسه) مَنْصُوب بقوله: مُنَكسًا. قَوْله: (مَا شَأْنك) أَي: مَا حالك؟ قَوْله: (فَقَالَ: شَرّ) أَي: فَقَالَ ثَابت حَالي شَرّ. قَوْله: (كَانَ يرفع صَوته) هَذَا الْتِفَات وَمُقْتَضى الْحَال إِن يَقُول: كنت أرفع صوتي، وَلكنه الْتفت من الْحَاضِر إِلَى الْغَائِب، قَوْله: (فقد حَبط عمله) أَي: بَطل، وَكَانَ الْقيَاس فِيهِ أَيْضا أَن يَقُول؛ فقد حَبط عَمَلي، وَكَذَا قَوْله: (وَهُوَ من أهل النَّار) وَالْقِيَاس فِيهِ: وَأَنا من أهل النَّار. قَوْله: (فَأتى الرجل فَأخْبرهُ) أَي: فَأتى الرجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ أَنه قَالَ كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ ثَابت لما نزلت {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} (الحجرات: 2) . جلس فِي بَيته وَقَالَ: أَنا من أهل النَّار، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: فَقَالَ ثَابت: أنزلت هَذِه الْآيَة، وَلَقَد علمْتُم أَنِّي من أرفعكم صَوتا. قَوْله: (فَقَالَ مُوسَى بن أنس) ، وَهُوَ الرَّاوِي الْمَذْكُور عَن أَبِيه أنس. قَوْله: (فَرجع الْمرة الْآخِرَة) أَي: فَرجع الرجل الْمَذْكُور، ويروى: الْمرة الْأُخْرَى، قَوْله: (بِبِشَارَة) بِضَم الْبَاء وَكسرهَا وَالْكَسْر أشهر، وَهِي: الْخَبَر السار سميت بذلك لِأَنَّهَا تظهر طلاقة الْإِنْسَان وفرحه. قَوْله: (فَقَالَ: إذهب إِلَيْهِ) بَيَان الْبشَارَة أَي: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للرجل الْمَذْكُور، إذهب إِلَى ثَابت بن قيس فَقل لَهُ ... إِلَى آخِره. فَإِن قلت: فِيهِ زِيَادَة الْعدَد على المبشرين بِالْجنَّةِ. قلت: التَّخْصِيص بِالْعدَدِ لَا يُنَافِي الزَّائِد، أَو المُرَاد بِالْعشرَةِ الَّذين بشروا بهَا دفْعَة وَاحِدَة، أَو بِلَفْظ الْبشَارَة، وَكَيف لَا وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْجنَّة قطعا؟ وَنَحْوهم.

4163 - حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنَا شُعْبَةُ عنْ أبِي إسْحَاقَ سَمِعْتُ البَرَاءَ ابنَ عازِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قرَأ رَجُلٌ الكَهْفَ وَفِي الدَّارِ الدَّابَّة فجَعَلَتْ تَنْفِرُ فسَلَّمَ فَإذَا ضَبابَةٌ أوْ سَحابَةٌ غَشِيَتْهُ فذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اقْرَأ فُلانُ فإنَّها السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ أوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ إخْبَاره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نزُول السكينَة عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن. وغندر هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار كِلَاهُمَا عَن غنْدر، وَعَن أبي مُوسَى عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَأَبُو دَاوُد، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن مَحْمُود بن غيلَان.
قَوْله: (قَرَأَ رجل) هُوَ أسيد بن حضير. قَوْله: (الْكَهْف) ، أَي: سُورَة الْكَهْف. قَوْله: (تنفر) ، بِكَسْر الْفَاء: من النفرة. قَوْله: (فَسلم) ، أَي: دَعَا بالسلامة، كَمَا يُقَال: أللهم سلم، أَو فوض الْأَمر إِلَى الله وَرَضي بِحكمِهِ، أَو قَالَ: سَلام عَلَيْك. قَوْله: (ضَبَابَة) هِيَ سَحَابَة تغشى الأَرْض كالدخان، وَقَالَ ابْن فَارس الضبابة: كل شَيْء كالغبار، وَقَالَ الدَّاودِيّ: قريب من السَّحَاب وَهُوَ الْغَمَام الَّذِي لَا يكون فِيهِ مطر. قَوْله: (أَو سَحَابَة) ، شكّ من الرَّاوِي قَوْله: (غَشيته) أَي: أحاطت بِهِ. قَوْله: (فلَان) أَي: يَا فلَان، مَعْنَاهُ: كَانَ يَنْبَغِي أَن تستمر على الْقرَان وتغتنم مَا حصل لَك من نزُول الرَّحْمَة وتستكثر من الْقِرَاءَة. قَوْله: (فَإِنَّهَا) أَي: فَإِن الضبابة الْمَذْكُورَة هِيَ السكينَة. وَاخْتلفُوا فِي مَعْنَاهَا، فَقيل: هِيَ ريح هفافة وَلها وَجه كوجه الْإِنْسَان، وَقيل: هِيَ الْمَلَائِكَة وَعَلَيْهِم السكينَة، وَالْمُخْتَار: أَنَّهَا شَيْء من مخلوقات الله تَعَالَى فِيهِ طمأنينة وَرَحْمَة وَمَعَهُ مَلَائِكَة يَسْتَمِعُون الْقُرْآن.

5163 - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُف حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يَزِيدَ بنِ إبْرَاهِيمَ أبُو الحَسَنِ الحَرَّانِيُّ حَدثنَا زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ حدَّثنا أَبُو إسحاقَ سَمِعْتُ البرَاءَ بنَ عازِبٍ يَقُولُ جاءَ أبُو بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ إِلَى أبي فِي مَنْزِلِهِ فاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلاً فَقَالَ لِ عازِبٍ ابْعَثِ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِي قَالَ فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ وخَرَجَ أبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ فَقَالَ لَهُ أبِي يَا أبَا بَكْر حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حينَ سرَيْتَ معَ رَسُولِ الله

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 16  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست