نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين جلد : 15 صفحه : 44
أَن يجمعوا الْغَنَائِم فِي مربد فتأتي نَار من السَّمَاء فتحرقها، فَإِن كَانَ فِيهَا غلُول أَو مَا لَا يحل لم تأكلها، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي قرابينهم كَانَ المتقبل تَأْكُله النَّار، وَمَا لَا يتَقَبَّل يبْقى على حَاله وَلَا تَأْكُله، ففضل الله هَذِه الْأمة وَجعلهَا خير أمة أخرجت للنَّاس وَأَعْطَاهُمْ مَا لم يُعْط أحدا غَيرهم، وَأحل لَهُم الْغَنَائِم، ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الحَدِيث بقوله: رأى ضعفنا وعجزنا، فأحلها لنا رَحْمَة من الله علينا، وَهِي من خَصَائِص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي أكل النَّار غنائمهم والتحليل لنا؟ قلت: جعل هَذَا فِي حَقهم حَتَّى لَا يكون قِتَالهمْ لأجل الْغَنِيمَة لقصورهم فِي الْإِخْلَاص، وَأما تحليلها فِي حق هَذِه الْأمة فلكون الْإِخْلَاص غَالِبا عَلَيْهِم، فَلم يحْتَج إِلَى باعث آخر.
9 - (بَاب الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَون الْغَنِيمَة لمن شهد، أَي: حضر الْوَقْعَة أَي: صدمة الْعَدو، وَهَذَا قَول عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعَلِيهِ جمَاعَة الْفُقَهَاء. فَإِن قلت: قسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجَعْفَر بن أبي طَالب، وَلمن قدم فِي سفينة أبي مُوسَى من غَنَائِم خَيْبَر لمن لم يشهدها؟ قلت: إِنَّمَا فعل ذَلِك لشدَّة احتياجهم فِي بَدْء الْإِسْلَام فَإِنَّهُم كَانُوا للْأَنْصَار تَحت منح من النخيل والمواشي لحاجتهم، فضاقت بذلك أَحْوَال الْأَنْصَار، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ فِي ذَلِك فِي شغل فَلَمَّا فتح الله خَيْبَر عوض الشَّارِع الْمُهَاجِرين ورد إِلَى الْأَنْصَار منائحهم، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: رَحمَه الله أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استطاب أنفس أهل الْغَنِيمَة، وَقد رُوِيَ ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة كَمَا يَجِيء عَن قريب.